يزيد عدد الأنظمة التجارية في المملكة عن أربعين نظاما، كل منها ينظم موضوعا محددا ولا يجمعها نظام تجاري واحد يشمل كافة القواعد القانونية التي تحكم التعاملات التجارية، ابتداء بتحديد الأعمال التجارية ومن ثم بيان أحكام تلك الأعمال ليشمل النظام أحكام المحل التجاري والسجل التجاري والاسم التجاري، فالالتزامات والعقود التجارية والمنافسة والغش التجاري والإفلاس والصلح الواقي والعلامات التجارية وبراءات الاختراع والدفاتر والبيانات التجارية والعمليات المصرفية والشركات.
وبالنظر إلى تاريخ التنظيم التجاري في المملكة فقد صدر النظام التجاري (نظام المحكمة التجارية) عام 1350هـ في عهد المؤسس - طيب الله ثراه - شاملا كافة التعاملات التجارية المعروفة في تلك المرحلة، وكان في حينه نقلة نوعية سابقا لعصره في مجال إرساء فكر الدولة المدنية الحديثة، ومع مرور الزمن بذل القائمون على السياسات التجارية جهودا كبيرة لمواكبة التطورات في المجال التجاري، فصدرت العديد من الأنظمة المتخصصة في الشئون التجارية وألغيت العديد من أحكام النظام التجاري لصالح الأنظمة التجارية المتخصصة، إلا انه يزال منظما لبعض التعاملات التجارية وعلى رأسها تحديد الأعمال التجارية.
وقد أدى كل منهج في التشريع الأهداف المرسومة له في حينه، ففي عهد المؤسس - طيب الله ثراه - كان صدور النظام التجاري تهيئة للمجتمع للتعامل مع المؤسسات النظامية في الدولة الحديثة، بالإضافة إلى معالجته القضايا التجارية المتعارف عليها في ذلك التاريخ. وفي مرحلة البناء والتطور التي تلت تأسيس الدولة صدرت العديد من الأنظمة التجارية المتخصصة لمسايرة التطور الاقتصادي والتجاري الناشئ ولتتوافق مع متطلبات التنمية أولاً بأول، فحققت الأهداف المرسومة لها بتعزيز الاقتصاد وتوطين رؤوس الأموال وجلب الاستثمارات الأجنبية. وبعد مرور ثمانين عاما على صدور النظام التجاري تتجلى اليوم الصورة الكاملة لواقع الأنظمة التجارية في المملكة، ويظهر فيها النظام التجاري كأحد مكوناته، وقد تفرعت منه العديد من الأنظمة التجارية المتخصصة التي صدرت في أوقات متباعدة وفي ظروف اقتصادية متباينة، وقد شاركت في صياغتها جهات متعددة مع عدم وجود سياسة تشريعية تربط بينها، الأمر الذي تسبب في إيجاد تنازع في الاختصاص بين الجهات التنفيذية القائمة على تطبيق تلك الأنظمة، وفي البعض التعارض في الرؤية. فضلا عن أنها خلت من تنظيم بعض التعاملات التجارية كعقود البيع والإجارة والامتياز التجاري بالرغم من انتشار هذه العقود في الوسط التجاري. إن الأنظمة التجارية لا تعرف السكون ولا الجمود لأن هذه الأنظمة تتجدد بشكل مستمر لتساير المتغيرات التجارية والاقتصادية، وقد يكون الأوان قد حان ليتخذ القائمون على القرار في المملكة قرارا بجمع الأنظمة التجارية في نظام تجاري واحد، وفقا لأحدث الأنظمة التجارية العربية والأجنبية، مع مراعاة الأسس التي تقوم عليها الأنظمة في المملكة في عدم تعارضها مع أحكام الشريعة الإسلامية.