مقال الأسبوع الماضي (التعليم بين طموح الفيصل وتحدي الواقع) أثار موجةً من المناقشات الجادة بين القيادات التربوية وبعض المسئولين بالمنطقة الشرقية، ممن تبوأوا مناصب قيادية كان لهم الفضل - بعد الله عز وجل - في أن تكون للشرقية الصدارة في جميع المشاريع التربوية والتعليمية على مستوى المملكة.
المقال كشف عن توقعات ومخاوف وآمال في نفوس من لديهم الخبرة الإدارية والحنكة السياسية في التعليم، ولعلي أورد لقرائي الكرام بعضاً من المناقشات التي دارت حول هموم التعليم ومستقبله التربوي:-
منهم من رأى أن الوزير قد رسم في كلمته خارطةً للتربية والتعليم للفترة المقبلة، ومنهم من لام الوزارة لأنها أثقلت كاهل المعلمين والمعلمات بالطلبات الكثيرة، في حين أنها لم تساعدهم في تحقيق أبسط حقوقهم (التأمين الصحي - بدل السكن -...الخ) وصوت كان يدعو بشدة للتفاؤل، ويرى في الوقت نفسه أن القيادات التربوية انشغلت في الأمور التنفيذية تحت مظلة التوسع في المشاريع، ومنهم من أخذ على الوزارة سرعة تنفيذ وإلغاء لمشاريع تعليمية قبل أن تأخذ حقها في الميدان، وآخر رأى أن كلمة الوزير احتوت خطة وزارية شاملة، ولا بد من أفعال تتجسد على أرض الواقع، فيما رأى البعض أن الميدان يفتقر إلى القيادات الحكيمة القادرة على صنع القرار، في حين رأى قارئ أن الخطوات بطيئة جداً في المنشآت التعليمية والمناهج والوسائل المحفزة للناشئة لإيجاد بيئة تعليمية تربوية جاذبة، وأن التحدي يكمن في إيجاد (خطط واضحة تتماشى مع جيل التكنولوجيا) ومسئول يرى غمامة قاتمة اللون تلوح بالأفق، وصوت طمأن ولي الأمر بأن كلمة الوزير تعني أن الأبناء محل الرعاية والاهتمام، وأختم الآراء برأي مسئول إداري وجد في الكلمة أنها أنموذج لخطة عملية، ويطرح سؤالاً في غاية الأهمية: أين الميدان من التفاعل معها؟!! فهناك معاملات تستغرق شهوراً لإنهائها، ومدارس في قلب المدينة تشتكي نقصاً في الاحتياجات، بينما المسئولون يغردون في واد آخر!! وهو يطالب بثلاث:-
تدوير مديري التعليم وتقييم المنجزات وإيجاد هيئة للاستفادة من الخبرات المعطلة) انتهت الآراء.
في السابق كان هناك جهازان للتعليم:- الرئاسة العامة لتعليم البنات، والآخر:- وزارة المعارف (للبنين فقط) وكل من الجهازين كان يعمل على خدمة مستفيديه، فلكل مقرراته الدراسية ومشاريعه التطويرية وبرامجه التعليمية ولكل منهما خصوصياته، وبين عشية وضحاها تم الدمج فتوحدت المناهج والقرارات وخطة العمل وخضع الجميع لوزارة التربية والتعليم، وقد كان لهذا القرار مزاياه، وكنا نتطلع إلى دمج أهم مزايا الخطط لدى الجهازين فيما يصلح في تعليم وتربية أبنائنا، ولكوني ممن شهد العمل تحت مظلتي الرئاسة والوزارة أتمنى أن تعود الوزارة للأخذ بالخطط الناجحة التي كانت تنتهجها الرئاسة سابقاً، ولعلي أقف على اثنين منها فقط فالمساحة تضيق بذكر الكثير:-
1- يعرف عن الرئاسة العامة لتعليم البنات بأنها كانت مقلةً في ضخ المشاريع التربوية في الميدان التعليمي، بالكاد مشروع واحد كل سنتين تقريباً (كالذي يطبخ على نار هادئة)، نراها تستشرف الواقع وتأخذ برأي الميدان التربوي وتجمع الآراء والاستبانات، ثم تقر المشروع وتعتبره تجريبياً إلى أن يثبت نجاحه بالتطبيق على الفئة المستفيدة، بعدها تستخلص النتائج فتعالج الملاحظات وتعزز الإيجابيات ومن ثم تعتمد المشروع في صورته النهائية، ومن ثم تعقد له ورش عمل في جميع المناطق التعليمية لتوحيد وتأكيد خطة العمل، في حين أننا نرى الوزارة وهي تزج بالمشاريع التعليمية الواحد تلو الآخر، مما جعل القيادات – على اختلافها – في سباق مع الزمن لإنهاء المطلوب، فأصبحوا تنفيذيين أقرب منهم من كونهم - أصحاب قرار - وابتعدوا كثيراً عن المستفيد، وأثقلت المدارس بورش العمل واللقاءات التربوية، بعدها يفاجأ الجميع بإلغاء بعض المشاريع قبل أن ترى النور ويكون الناتج هدرا في الجهد والوقت وانشغالا عن محور التعليم (الطالب والطالبة) وميزانية ضخمة خصصت للمشاريع صرفت بلا طائل كل هذا على حساب المدارس.
2 – كانت الرئاسة هي المركز الرئيسي في إصدار قرارات الترشيحات لإدارات ومكاتب الإشراف التربوي (قيادات ومشرفات) ولم تكن أي إدارة تعليمية تجرؤ على تمكين المرشحة من العمل، إلا بعد أن ترد الموافقة من الجهاز فتقر المناسبة وتستبعد من لا تنطبق عليها الشروط، أما الوزارة فقد أسندت المهمة برمتها إلى إدارات التعليم من باب (البعد عن المركزية وتخفيفاً للأعباء عن جهازها، وإعطاء المسئولين الصلاحية والثقة المطلقة في حسن اختيار المرشحات والسرعة في إصدار القرارات) وكان هذا القرار صائباً في مناطق، ومخفقاً في أخرى لمن لم تحسن ترشيح المناسب في المكان المناسب!!
فأفرزت الساحة عن ترشيح مؤهلات غير مؤهلة وقيادات لا تحمل من القيادة إلا اسمها!
في الختام:- "نريد أن نكون من أفضل دول العالم بحلول عام 2021"
هذه العبارة مدونة على غلاف جميع المقررات الدراسية في التعليم العام بإحدى الدول الخليجية الشقيقة، ترى ما هو أثرها النفسي على طالب يقرؤها كلما فتح كتابه في كل يوم؟! * خبيرة إدارية - تربوية - وزارة التربية والتعليم