قالت مصادر دبلوماسية إن الإدارة الأمريكية رفضت مبادرة الرئيس محمود عباس التي تتحدث عن تحديد سقوف زمنية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، من جانبه دعا زعيم المعارضة الإسرائيلية الرئيس الفلسطيني لتفادي الخطوات أحادية الجانب.
وأبلغت مندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة سامنثا باور المجموعة العربية بأن بلادها «لا ترحب بالمبادرة». وتجري المجموعة العربية مشاورات حول المبادرة تمهيدا لصياغة مشروع قرار إلى مجلس الأمن للتصويت عليها بعد الاستماع إلى كل الدول قبل انعقاد الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الشهر.
وأضافت المصادر أنه خلال عرض المبادرة على جزء من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وعلى رأسها الولايات المتحدة «أبلغتنا أنها ليست مع الفكرة، وكذلك فإن بعض الأعضاء الدائمين مترددون بشأن المبادرة خاصة بعد رفض الإدارة الأمريكية لها».
وتقوم خطة عباس على استئناف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي خلال تسعة أشهر وإنجاز الانسحاب من الأراضي المحتلة ضمن فترة لا تتجاوز الثلاث سنوات.
عباس وهرتسوغ
من جهته، اجتمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع رئيس المعارضة الإسرائيلي، النائب يتسحاق هرتسوغ، الأربعاء، في رام الله، حيث دعاه الأخير إلى الامتناع عن اتخاذ تدابير من جانب واحد ضد إسرائيل. وجاء هذا اللقاء استكمالا لمحادثة هاتفية أجرياها، الأسبوع الماضي، وركزت على الفرص السياسية الناشئة في المنطقة في أعقاب العملية الإسرائيلية على قطاع غزة «الجرف الصامد» وإفرازاتها.
وأوضح عباس لهرتسوغ أنه ينوي عرض خطته السياسية على فرنسا والولايات المتحدة، والتي تقوم على الاعتراف بحدود 1967 مع تبادل للأراضي، وطرح جدول زمني للانسحاب الإسرائيلي التدريجي من الضفة الغربية وإنشاء الدولة الفلسطينية.
وأوضح عباس أن خطته ولدت نتيجة الاحباط الذي يشعر به الشعب الفلسطيني جراء فشل المفاوضات مع إسرائيل، والتي قادها جون كيري، وغياب مبادرة سياسية لاستئنافها.
ودعا هرتسوغ الرئيس الفلسطيني إلى السعي لاجراء مفاوضات مباشرة مع إسرائيل بمشاركة الدول المعتدلة في المنطقة، وقال إن المفاوضات هي الطريق الوحيدة ويجب بذل جهود للعودة الى هذا المسار. واضاف هرتسوغ «إن الاتفاق السياسي يعتبر حيويا للجانبين ويجب ان يعتمد على مبادرة السلام العربية، وهذه مصلحة أمنية عليا للفلسطينيين واسرائيل».
وقال الرئيس الفلسطيني إن «التوجه الفلسطيني نحو الأمم المتحدة هو لإنهاء الصراع، وتغليب لغة السلام والاستقرار في المنطقة، بوجود دولتين تعيشان بأمن واستقرار وسلام».
وجاء في بيان لمكتب «هرتسوغ» «في مركز اللقاء تداول الاثنان نية أبو مازن تحدي إسرائيل والمجتمع الدولي في التوجه الى الأمم المتحدة بسلسلة من المواضيع».
بدوره، قال «هرتسوغ» إن هناك أغلبية في الشارع الإسرائيلي مؤيدة لحل الدولتين، رغم محاولة اليمين المتطرف التأثير على الرأي العام الإسرائيلي.
وتقوم خطة الرئيس عباس على استئناف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي خلال تسعة أشهر، وإنجاز الانسحاب من الأراضي المحتلة ضمن فترة لا تتجاوز الثلاث سنوات واستئناف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي خلال فترة تمتد تسعة أشهر، تبدأ أولاً ببحث ترسيم الحدود خلال ثلاثة أشهر، للانتقال بعدها إلى القضايا الأخرى المتعلقة باللاجئين والقدس والاستيطان والأمن والمياه شريطة وقف الاستيطان وإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى ما قبل اتفاق أوسلو.
ووفقا لذات المصادر الدبلوماسية فإن المجموعة العربية والفلسطينية سوف تستمر في استمزاج الآراء حول المبادرة مع باقي أعضاء مجلس الامن ودول عدم الانحياز وغيرها من الدول ونضع تلك الآراء بين يدي الرئيس عباس فور وصوله الى نيويورك في 22/9 الحالي ليقوم هو بعرضها أمام قادة العالم خلال كلمته.
وتابعت المصادر أنه وخلال استكمال المشاورات مع الدول وعرض أبو مازن لها فإن الصورة سوف تتضح أكثر لجهة الشروع بمرحلة التحليل والمناقشة وصولا إلى صياغة مشروع القرار المنوي عرضه على مجلس الامن.
مفاوضات التهدئة
وفي سياق مفاوضات التهدئة, قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الدكتور موسى أبو مرزوق «إن موعد استئناف المفاوضات لم يحدد بعد ولكنه بالتأكيد سيكون قبل 24 الجاري».
وعن آلية إعادة إعمار قطاع غزة، قال إن الامم المتحدة ستتولى موضوع إعادة الإعمار بالتفاهم مع حكومة التوافق وإسرائيل، وسيكون هناك مراقبون وبرامج لدخول مواد البناء. مؤكداً عدم اعتراض حركته على أي آلية لدخول المواد، قائلا «لا نعترض على أي آليات تضعها الأمم المتحدة».
وبشأن اللقاء المرتقب بين حركتي فتح وحماس، قال «إنه بانتظار اتصال هاتفي من مسؤول وفد حركة فتح عزام الاحمد ليحدد مكان وتوقيت الاجتماع فالحركة ليس لديها أي مانع بعقد الاجتماع بالقاهرة إذا رحبت الأخيرة بالأمر أما إذا ترددت فإن الاجتماع سيعقد بغزة».
وحذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من خطورة تفجر الأوضاع مجدداً في قطاع غزة إذا استمرت على ما هي عليه حاليا، وتأخر إعمار القطاع. وقال الناطق باسم الحركة سامي أبو زهري في بيان مقتضب وصلنا نسخة منه: «إن الظروف التي أدت إلى انفجار الوضع في قطاع غزة ما زالت قائمة».
وشدد أبو زهري أنه يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته، من خلال اتخاذ إجراءات حقيقية لرفع الحصار والبدء فوراً في إعادة إعمار غزة.
بدوره قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس محمود الزهار إن حركته ستفكر بالبدائل عن حكومة الوفاق الوطني بعد انتهاء مدتها القانونية المتفق عليها (6 أشهر)، مبينا أن الحكومة فشلت فشلا ذريعا في تحقيق متطلباتها حتى اللحظة.
وأضاف الزهار خلال برنامج الصالون الصحفي الذي ينظمه منتدى الإعلاميين بغزة الخميس أن «حكومة الوفاق هي حكومة الفشل، لأنها لم تحقق شيئا واحدا من واجباتها، وعندما يقول رئيس الحكومة الحمد الله أنا موظف عند أبو مازن، إذن ليس رئيس حكومة وفاق إنما حكومة فتح».
وتابع «سنعطي حكومة الوفاق الوطني 6 أشهر وهي مدتها المتفق عليها، ثم سنفكر بالبدائل، لأننا لا نستطيع ترك الشعب الفلسطيني رهنا لمن لم يستطع أن يحقق أي إنجاز على أي مستوى للشعب الفلسطيني».
واستبعد الزهار أن تشن (إسرائيل) عدوانا جديدا على غزة في الوقت القريب، مبينا أن من ينشر هذه الأخبار هم «أدعياء الهزيمة»، مشددا على أن المقاومة مستعدة للدفاع عن شعبها بغزة.
وأعلن الزهار أن قطاع غزة أصبح محرما على أقدام الجيش الإسرائيلي بعد ما وجده من المقاومة، مشددا على أنه لا شيء يمنع حركته من إعادة تفعيل وتطوير الأنفاق حتى تؤدي دورها في وقتها، نافيا القضاء على الأنفاق كما يدعي الاحتلال.
تهديد إسرائيلي
وعاد وزير الأمن الإسرائيلي، موشي يعلون، إلى نبرة التهديد ضد قطاع غزة، وقال لعدد من سكان «غلاف غزة» إن إسرائيل لن تسمح بإطلاق القذائف الصاروخية من قطاع غزة. في المقابل اعتبرت حركة «حماس» أن ظروف الانفجار في غزة ما زالت قائمة.
وقال يعلون في اجتماع لـ الحركة الكيبوتسية عقد صباح أمس في مستوطنة «شاعر هنيغيف» القريبة من قطاع غزة: «أقولها بشكل واضح، لن نسمح بعد اليوم بإطلاق القذائف الصاروخية، سنقضي على قدرة التنظيمات الإرهابية على المس بكم».
وأضاف يعلون إن «الحملة العسكرية وجّهت ضربة قاسية لحماس، وهي تعرف أننا لن نتردد في استخدام قوتنا».
وكان رئيس المجلس الإقليمي إشكول، حايين يلين، دعا إلى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار طويل الأمد مع حركة حماس. وقال يلين: «تقاس القيادة الدولة بقدرتها على اختيار الطريقة التي تدافع بها عن مواطنيها. أمام القيادة في إسرائيل طريقان: إما التوصل إلى تسوية سياسية تحقق الهدوء لفترة طويلة، أو تواصل دائرة العنف التي لا تنتهي».
من جهتها, سارعت المواقع العبرية في تناول خبر دوي صفارات الإنذار في محيط قطاع غزة ظهر أمس، مشيرة إلى تعرض هذه المناطق لموجات عنيفة من الصواريخ لينفي بعد ذلك الجيش الإسرائيلي سقوط صواريخ.
وبحسب ما ورد على المواقع العبرية العسكرية فإنه سمع منذ الساعة 11,40 ظهراً صوت صفارات الإنذار في المجلس الإقليمي «ساحل عسقلان» وكذلك في المجلس الإقليمي «شاعر النقب»، حيث توالت صفارات الإنذار خلال دقائق في هذه المناطق.
وفي القدس المحتلة اقتحمت قوات الاحتلال صباح أمس التجمعات البدوية الواقعة شرق مدينة القدس، وذلك بعد أيام من تسليمهم إخطارات هدم وإخلاء جماعية.