الإعلان في وقت سابق من هذا الأسبوع عن أن شركة الأدوية الأمريكية العملاقة جيلياد ستسمح لسبع شركات هندية بصناعة نسخة مُعدلة رخيصة من عقار سوفالدي - علاجها لفيروس التهاب الكبد «ج» وواحد من الأدوية الأكثر مبيعاً في العالم - قد تمت الإشادة به على أنه انتصار للمرضى في العالم النامي. بدلاً من دفع 84 ألف دولار مقابل علاج لمدة 12 أسبوعاً كما هي الحال في الولايات المتحدة، سيكون المرضى في الهند و90 دولة أخرى قريباً قادرين على الحصول على علاج لمدة 24 أسبوعاً بأقل من ألفي دولار.
فلماذا بعض الاحتجاجات الصاخبة بشأن الصفقة تأتي من صناعة الأدوية الهندية؟ جماعة الضغط الرئيسية للصناعة، التي تمثل أكبر 19 شركة من شركات الأدوية الهندية تُعارض، على الرغم في الحقيقة أن ثلاثة من أعضائها قاموا بتوقيع الصفقة مع جيلياد. ويصرّ تحالف شركات الأدوية في الهند أن العلم وراء عقار سوفالدي ليس جديداً، وبالتالي لا يخضع لبراءة الاختراع - وهي نفس الحجة التي سمحت لشركات صناعة الأدوية الهندية بإنتاج عقارات بديلة أخرى العام الماضي بنحو 24 مليار دولار. والتحالف يرغب بأن يتم السماح لعشرات من شركات الأدوية الهندية التي يبلغ عددها 300 شركة بإنتاج نسخة مُعدلة من سوفالدي، وليس سبع شركات منها فقط.
والأمر المثير للمفارقة أن قرار شركة جيلياد باختيار شركات هندية بدلاً من تلك التي من اقتصادات ناشئة أخرى، أو حتى من الولايات المتحدة، كان نفسه اعترافاً بالقدرة التنافسية والمهارة لصناعة الأدوية المحلية. إنها ثالث أكبر صناعة في العالم من حيث الحجم، والرابعة عشرة من حيث القيمة (بما أن الأدوية البديلة تُباع بشكل رخيص). لقد تم توليد نصف إيراداتها في عام 2013 من الصادرات إلى الأسواق خارج الهند. حيث تضم البلاد العدد الأكبر من مرافق التصنيع التي وافقت عليها إدارة الغذاء والدواء خارج الولايات المتحدة.
في الأساس، القانون الهندي اعترف فقط بالعملية، وليس ببراءات الاختراع للمنتجات. وذلك قد مهد الطريق لانفجار صناعة التقليد بين السبعينيات والتسعينيات، ثم قامت قوانين منظمة التجارة العالمية في وقت لاحق بفرض التغيير، لكن حتى الآن يملك القانون الهندي ثغرة ترفض براءة الاختراع إذا كان العِلم وراء الاكتشاف ليس جديداً، أو إذا كان العقار الجديد يمثل مجرد تعديل طفيف على عقار قديم.
وعادة ما تكون شركات الأدوية الهندية الأكبر متحدة على هذا الموقف، لكن في الأعوام الأخيرة، أصبحت السوق المحلية تنافسية بشكل عنيف، حيث تُسيطر أكبر 10 شركات الآن على 37% فقط من السوق، بدون أي شركة واحدة بنسبة من خانتين. كما تفرض الحكومة ضوابط صارمة على أسعار أكثر من 300 عقار، الأمر الذي يُضعف الأرباح. والعديد من الأسواق الأجنبية تبقى مغلقة أمام الصناعات المُقلدة في الهند بسبب حمايات أقوى لبراءات الاختراع.
لقد قررت الشركات السبع التي قامت بتوقع الصفقة مع جيلياد، والتي تشمل أسماء مألوفة مثل شركة سيبلا ومختبرات رانباكسي، بوضوح أنها بحاجة إلى اعتماد استراتيجية مختلفة للحفاظ على الربحية. ليس منذ فترة طويلة، قامت شركة سيبلا بشكل كبير بتحدّي شركات الأدوية متعددة الجنسيات، من خلال توريد مجموعة مُقلدة من الأدوية المضادة لفيروس نقص المناعة إلى بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مقابل 350 دولاراً، في حين أن سعرها في السوق الدولية كان 15 ألف دولار. الآن، احتمال هوامش الربح الأكبر هو ببساطة جذّاب جداً على نحو يصعب التنازل عنه.
والانقسام في صناعة الأدوية الهندية ليس بالضرورة أن يكزن أمرا سيئا بالنسبة للهند أو لبقية أنحاء العالم. ويملك النقّاد وجهة نظر عادلة عندما يجادلون أن مبلغ ألفي دولار لا يزال مُكلفاً جداً بالنسبة للمرضى في الاقتصادات الناشئة، حيث العديد منهم لا يملك تأميناً؛ كما تُهمل الاتفاقية أيضاً عدة بلدان ذات الدخل المتوسط مثل الصين. لكن الشركات الهندية الكبرى عليها إيجاد سُبل لتبقى مربحة. فقد حاول بعضها الاستثمار في مجال الأبحاث الأصلية، لكن التكاليف مرتفعة ولا يمكن توقع النتائج. لذلك الشراكة مع شركات الأدوية الأساسية في الغرب - سواء كانت لإنتاج نُسخ مُعدلة من الأدوية أو الاستعانة بمصادر خارجية لإجراء الأبحاث والتجارب - هي حل واحد واضح.