لقد ترك جيل البيبي بومرز (مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية) بالفعل بصمته في مجال الموسيقى، واللياقة البدنية والسياسة. ماذا بعد ذلك: التقاعد. في حين أن بعض الأشخاص يحلمون بنفس «العصر الذهبي» من الاسترخاء والشمس والسفر الذي تمتع به آباؤهم، إلا أن أكثر منهم بكثير قد نظروا إلى الأرقام وقرروا أن عليهم مواصلة العمل. (يتطلب الأمر الكثير من الادخار لتمويل إجازة لمدة 30 عاماً). بالنسبة للآخرين، العمل هو بمثابة خيار. (لماذا التخلّي عن دخل جيد ومهنة مناسبة؟) في كلتا الحالتين، الجيل المعروف بإعادة كتابة القواعد يقوم الآن بإعادة تشكيل الحياة بعد عمر 65 عاماً.
التركيبات السكانية تفرض تغيرات في التوقعات للتقاعد. عدد المواطنين الكبار في السن في جميع أنحاء العالم سوف يتضخم إلى 714 مليون شخص في عام 2020 من 601 مليون في عام 2015، الأمر الذي يُرهق خطط العوائد الحكومية. في الوقت نفسه، معدل المواليد في العالم ينخفض. حين يكون عدد العاملين قليلاً فإن هذا يعني أن عدداً قليلاً من الناس يدفعون لبرامج التقاعد. لذلك فإن الحكومات تقوم بتشجيع أو إكراه الناس على العمل لمدة أطول.
لا يزال 20% من الأشخاص فوق عمر 65 سنة يعملون في اليابان، التي متوسط العمر فيها البالغ 46.1 سنة يمنحها لقب ثاني بلاد ذات السكان الأكبر سناً (لا يتجاوزها سوى موناكو بمتوسط عمر يبلغ 51.1 عاماً). هناك مجال للنمو: تُظهر الدراسات أن 80% من كبار السن اليابانيين يرغبون بالعمل. البعض يجد من الصعب العيش براحة على رواتب التقاعد وحدها. وآخرون يشاركون مشاعر شخص يبلغ من العمر 69 عاماً كان قد قال: «إن الحياة مملة بدون عمل».
قام المستشار الألماني أوتو فون بسمارك بتقديم أول نظام تقاعد وطني في العالم إلى كبار السن في عام 1889. في الولايات المتحدة، أول خطة تقاعد في القطاع الخاص بدأتها أمريكان إكسبرس في عام 1875. بحلول عام 1929، كان عُشر القوة العاملة الأمريكية خاضعة لخطط التقاعد في الشركات. لكن في ذلك العام تماماً، حتى قبل وصول فترة الكساد العظيم، 56% من الأمريكيين البالغة أعمارهم 65 سنة فما فوق لم يستطيعوا إعالة أنفسهم. قانون الضمان الاجتماعي الذي تم إقراره عام 1935 كان يتضمن خطة تقاعد.
خلال الحرب العالمية الثانية، ضوابط الأجور في الولايات المتحدة دفعت أصحاب العمل لتقديم خطط التقاعد كوسيلة لجذب العمال. وتوسعت صناديق التقاعد في القطاع الخاص خلال السبعينيات حتى قامت بتغطية نصف العاملين الأمريكيين تقريباً. بحلول الخمسينيات، كان المتقاعدون يملكون المال للإنفاق وأرادوا اللعب. حيث تضاعف عدد مسارات لعبة الغولف في الولايات المتحدة من حوالي 5 آلاف في الخمسينيات إلى أكثر من 10 آلاف في الثمانينيات. كما تم افتتاح أول مجتمع متقاعد في أمريكا، سان سيتي، خارج مدينة فينيكس في عام 1960. الرحلات والبرامج المصممة للمسافرين الكبار بالسن، مثل إلدرهوستيل، التي تم تأسيسها في عام 1975، قد ساعدتهم على رؤية العالم.
ثم بدأت الأمور تتغير في عام 1980 مع إدخال خطط 401 (k)، التي سمحت للعاملين في الولايات المتحدة بتجنّب دفع الضرائب على الدخل الذي وُضع جانباً للتقاعد. كما قامت تغيرات لاحقة على قانون الضرائب بإزالة الحوافز للشركات من أجل الحفاظ على خطط التقاعد التقليدية. خطط الادخار التي اعتمدت على البورصة خسرت من قيمتها مع كل انهيار كما تسببت الأوقات الاقتصادية الصعبة بقيام العديد بسحوبات مبكرة من مدخراتهم للتقاعد. عدد قليل من مالكي المنازل في الولايات المتحدة الذين وصلوا سن التقاعد كانوا قد قاموا بتسديد قرضهم العقاري. النتيجة: جيل البيبي بومرز الأمريكيين هم أكثر فقراً من آبائهم الذين لعبوا الغولف، وعاشوا في أجواء مشمسة وقاموا بالسفر.
يبدأ جيل البيبي بومرز بالتقاعد بدون أن تكون له مدخرات تذكر في البنك. أكثر من خُمس الأمريكيين البالغة أعمارهم 65 فما فوق يعملون ويتوقع كثير من الناس العمل لما بعد سن التقاعد التقليدي. ربما هناك حاجة لهم - بعض الصناعات، مثل البناء والتصنيع، تواجه نقصاً في العمالة الماهرة. غالباً ما يرغب كبار السن ذوو الصحة الجيدة بالبقاء في العمل حتى لو كانوا لا يحتاجون إلى المال، مع أنه في مجالات مثل المجال الأكاديمي قد يكون هذا الأمر يمنع الشباب من التقدّم.
الحكومات بالتأكيد تقوم بتشجيع كبار السن على العمل. في عام 2011، قامت المملكة المتحدة بإلغاء سن التقاعد الأساسي فيها البالغ 65؛ حيث يستطيع الاشخاص الآن العمل لأطول فترة قد يرغبون بها. لذلك من المرجح أن تستمر القوى العاملة المكونة من كبار السن. وحين يُسأل أفراد جيل البيبي بومرز في الولايات المتحدة عن السن الذي يرغبون أن يُحالوا فيه على التقاعد، يجيب 10% منهم بالقول: «لا نريد أن نتقاعد أبداً».