قال محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج الدكتور عبدالله الشهري، إن المستهلك السكني للكهرباء يدفع حوالي 8% فقط من القيمة الحقيقية للكهرباء، والباقي من دعم الدولة، الذي يأتي من خلال الدعم المباشر أو عبر دعم أسعار الوقود. وأشار الشهري إلى تصاعد نمو الطلب على الكهرباء، الذي يزيد بمعدل 8% سنوياً، ويصل إلى 12% في بعض المناطق، حتى بلغت قدرات التوليد المرخصة في نهاية العام 2013م إلى 69.761 ميجا واط. ولقد قدرت هيئة تنظيم الكهرباء والانتاج المزدوج دعم الدولة لتوليد الكهرباء في تقريرها الاخير بحوالي 150 مليار ريال سنوياً قدمت على شكل وقود باسعار زهيدة.
ينمو الطلب على الطاقة في المملكة بوتيرة متسارعة بسبب زيادة السكان وارتفاع مستوى المعيشة والنهضة الصناعية التي تعيشها المملكة. ويتم حالياً تلبية الارتفاع الكبير على طلب الكهرباء بحرق كميات هائلة من الغاز الطبيعي والنفط ومشتقاته. ولقد بلغت كميات استهلاك المملكة للوقود الاحفوري لتوليد الطاقة حوالي 2 مليون برميل نفط مكافئ باليوم. ولو تم حساب سعر برميل النفط عند 100 دولار فان تكلفة توليد الطاقة بالمملكة تساوي حوالي 200 مليار ريال تنفق سنوياً لتوليد الطاقة (حوالي 160مليار ريال يذهب الى توليد الكهرباء) معظمه يذهب كدعم. وبحساب سريع وبسيط وبشكل تقريبي غير دقيق فان تكلفة توليد الكهرباء بالمملكة في العام الماضي تقدر بحوالي 160 مليار ريال، تقوم الدولة بدفع 150 مليار ريال كدعم للمواطنين والمقيمين. وبذلك فان إجمالي ما دفعه مستهلكو الكهرباء في العام الماضي حوالي 10 مليارات ريال. وتبلغ نسبة هذه العشرة المليارات ريال من إجمالي التكلفة (حوالي 160 مليار ريال) حوالي 6.25% وهي نسبة قريبة للنسبة التي اشار اليها معالي المحافظ (8%).
إذاً تنفق المملكة هذا المبلغ على وقود أحفوري ناضب غير متجدد تزداد قيمته مع السنين لانه ليس له تعويض. ويجب ألا يغيب على البال ان عدد السكان في ارتفاع وان فاتورة الطاقة ايضاً في ارتفاع، وقد تصل الى حوالي 260 مليار ريال بحلول عام 2025م. هذه الارقام تقريبية ولكنها ليست بعيدة عن الواقع او المنطق في ظل نهج نفس السلوك الحالي في استهلاك الطاقة في المستقبل.
وتواجه الثروات الطبيعية بالمملكة من نفط وغاز طبيعي تحديات كبيرة تتلخص بتنامي الطلب عليها محلياً لتوليد الطاقة، وهذا في الحقيقة حالة فريدة من نوعها في العالم. ولقد ارتفع عدد سكان المملكة حوالي 800 الف نسمة في عام واحد، ولو استمرت نفس الزيادة فهذا يعني ان عدد سكان المملكة قد يتضاعف ويصل الى حوالي 60 مليون نسمة بحلول عام 2040م. ووفقاً للمؤشرات الاقتصادية التي تصدرها وزارة الاقتصاد والتخطيط فان عدد السعوديين في عام 2013م وصل الى 20.2 مليون نسمة بنسبة 68% من اجمالي عدد السكان في المملكة، بينما اقترب عدد المقيمين الى حوالي 10 ملايين نسمة اي ما يعادل 32% وهذا يعني ان حوالي ثلث دعم الوقود يذهب لغير المواطنين.
إن عدم ترشيد استهلاك الطاقة في المملكة له أضرار حقيقية وخطيرة سواء اقتصادية او بيئية. ولا شك ان الاسعار المنخفضة جداً للكهرباء تبقى عائقاً امام اي محاولة لمحاربة الهدر والنمو غير المعقول في الطلب على الكهرباء. ولهذا يجب ان نعمل للحد من استهلاكنا للطاقة الكهربائية وذلك ببذل المزيد من الجهد والقوانين التي تحارب الاسراف، حتى ولو استدعى الامر الى اعادة هيكلة تسعير الطاقة لكافة المستهلكين في المملكة.