طائرة إيرباص A380 المعروفة بأنها طائرة فخمة تشتمل على أجنحة الدرجة الأولى، والزركشة الذهبية، والسجاد السميك، تواجه مستقبلًا لا يتسم بالبذخ، حيث إنها ستعمل على شكل مكوك لرحلات الحج، الأمر الذي ربما يساعد في إحياء ضعف مبيعات هذه الطائرة العملاقة.
هذه الطائرة المميّزة، التي تعتبر أفخر وأبرز الطائرات لدى إيرباص، والتي تقع في طابقين، ويبلغ سعرها 414 مليون دولار، سوف تتخلى عن أطقم الصيني الفاخرة وسلطات اللوبستر، وتضع محلها مقاعد ضيقة وخدمة اقتصادية، لتكون الطائرة المناسبة بشكل مثالي لتصبح العمود الفقري للرحلات التي ستنقل المسلمين الذين يزورون مكة المكرمة من أجل الحج أو العمرة.
وهي تعتبر الطائرة الأكثر بريقًا في العالم مع شركات النقل الراقية مثل الإمارات والخطوط الجوية السنغافورية المحدودة، حيث تشهد شركة إيرباص الآن حياة جديدة لأكبر طائرة نفاثة في هذه الصناعة، بحيث يكون دورها الجديد هو نقل الملايين من المسلمين الذين يزورون أقدس مدينة في الإسلام كل عام. للفوز بمبيعات لهذا الموديل الذي لم يحصل على أي عميل جديد من بين شركات الطيران منذ عام 2012، فإن الشركة تحتاج إلى إقناع المشترين المستقبليين بأن الطائرة لها مكان في أساطيلها خارج موسم الحج نفسه الذي يدوم لمدة أسبوع أو أسبوعين.
وقال فؤاد العطار، العضو المنتدب في إيرباص لمنطقة الشرق الأوسط: «كل الدول الإسلامية لديها الإمكانيات لهذا النوع من الرحلات. إن الطائرة A380 كبيرة وتحتاج إلى المعرفة والتنظيم. نحن نناقش الموضوع الآن مع شركات الطيران للعمل معها حول كيفية تحسين الشبكة، وكسب المزيد من المال، والتعامل مع هذه المناسبات الخاصة».
PT جارودا إندونيسيا، الخطوط الجوية الرئيسية في أكبر بلد إسلامي في العالم، هي من أبرز المرشحين لاستخدام طائرات A380 تكون مصممة خصيصًا للحج. وقد قال أمير شاه عبدالستار، الرئيس التنفيذي للشركة، في معرض فارنبورو الجوي في يوليو تموز، إنه سيفكر في استخدام هذه الطائرة العملاقة.
وقال في نفس الوقت إن جارودا تشعر بالقلق من أنه لن يكون هناك طلب على مدار العام على هذا النموذج خارج موسم الحج، وأن الشركة ستكون مترددة في شراء الطائرة دون مساعدة الحكومة.
في ذروة الحج، الذي بدأ أمس وسينتهي في السابع من أكتوبر الحالي، تصبح مكة المكرمة أكبر بوتقة ثقافية في العالم، حيث إن الحجاج يأتون من كافة بقاع العالم، حيث يلتقي الحجاج من الغابات المطيرة على الساحل الإفريقي وبورنيو جنبًا إلى جنب مع المسلمين القادمين من سهوب آسيا الوسطى، ودلتا النيل، والمدن الغربية مثل لندن وديترويت.
ويصل الحجاج الأكثر ثراء على متن طائرات خاصة، في حين أن الناس العاديين يركبون بالمئات في طائرات إيرباص وشركة بوينج التي تعود إلى الثمانينيات، وربما للمرة الأولى في حياتهم.
بوابة جدة
الخطوط الجوية العربية السعودية وحدها تستأجر 30 طائرة للحج هذا العام، من بينها طائرات من طراز 747-400 وأخرى من طراز A300، والتي خرجت لتوها من الإنتاج. هذا بالإضافة إلى الأسطول الذي يضم بالأصل 38 طائرة ذات الجسم العريض التي تشتمل على غرف للصلاة وأماكن ليقوم الناس بتغيير الملابس التقليدية ويلبسون ملابس الإحرام للحج.
مطار جدة، الذي هو بوابة مكة المكرمة، يوضح مستوى الطلب. وبحلول عام 2035 من المقرر، من خلال خطة نمو تسير على 3 مراحل، أن ترتفع القدرة التشغيلية بمعدل أربعة أضعاف لتصل إلى 80 مليون شخص سنويًا – أي أكثر من مجموع الركاب لعام 2013 لدى جميع مراكز الطيران النشطة في العالم باستثناء اثنين منها. ولدى المطار منذ فترة رحلات A380 اليومية التي تديرها الإمارات ومقرها دبي.. يشار إلى أن مطار جدة يشبه خيمة الحج ويمكن أن يستوعب 80،000 شخص في وقت واحد.
الفكرة الرئيسية وراء الترويج لطائرة إيرباص A380 هو الاستفادة من رحلات العمرة، التي تستمر على مدار العام، وهو ما يُعزز الطلب على الرحلات إلى مكة إلى ما وراء موسم الحج نفسه.
قال العطار: «مع ازدياد عدد القادمين لأداء العمرة، يطول موسم الحج من الناحية العملية ويمكن الآن أن يصل إلى تسعة أشهر. في الماضي لم يكن اقتصاديًا لشركة طيران امتلاك طائرة خصيصًا لنقل الحجاج.. الآن هذا أمر ممكن».
النقل الجماعي
وقال العطار إن زيادة عدد المقاعد المتاحة للتعامل مع الارتفاع الكبير في سفر الحج هو الهدف المحرك بالنسبة لشركات الطيران، حيث إن الطائرة A380 حاصلة على ترخيص من الجهات المختصة لحمل ما يصل الى 850 شخصًا على أساس أن تكون للطائرة درجة واحدة، على الرغم من أن أكبر عدد للمقاعد في الطائرات حتى الآن - من قبل الخطوط الجوية ترانسايرو (في روسيا) - هو 652 مقعدًا.
وقال العطار إنه يمكن تعزيز إمكانيات الحج في هذه الطائرة ذات الطابقين في الوقت الذي يتم فيه إخراج أقدم الطائرات من عقود الإيجار في عام 2017، حيث سوف يكون عمرها 10 سنوات في ذلك الحين وتكون أكثر ملاءمة للحياة بعيدًا عن الطيران الممتاز، على الرغم من أن إيرباص تدرس الأرقام مع شركات الطيران لإظهار أن هذا النموذج يمكن أن يكون ناجحًا بالنسبة إليها منذ الآن.
وقال إنه يجري حاليًا استكشاف خيارات لشراء طائرات تشتمل على أكثر من درجة للمسافرين، فضلًا عن سبل بسرعة تغيير مخطط الطائرة للتبديل بين اثنتين للحج والرحلات التجارية.
بموازاة جهودها للترويج للطائرة A380 تسعى إيرباص أيضًا لوضع المزيد من المقاعد في الطائرة A340 الأكبر سنًا، واستهداف شركات النقل الجوي التي تريد السعة القصوى بأقل تكلفة ممكنة. الخطة قد ترفع الحياة التشغيلية للطائرة التي توقفت عن الإنتاج في عام 2011، وهو ما يُعزز القيم المتبقية للمشغلين والمؤجرين والتي تشمل بعضًا من أفضل عملاء الشركة، التي مقرها في مدينة تولوز في فرنسا.
مقاعد أضيق وأكثر عددًا
تحقيقًا لهذه الغاية، تسعى إيرباص إلى الحصول على إذن من الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران لإضافة 35 مقعدًا للموديل الأكبر A340-600، ما يؤدي إلى رفع القدرة لاستيعاب 475 شخصًا ضمن درجة واحدة، أو حوالي نفس العدد الذي نقلته أحدث نسخة من بوينغ 747 التي تتألف من 3 درجات للمسافرين.
وقال أندرياس هيرمان، نائب رئيس شركة إيرباص لإدارة الأصول وللشحن في مقابلة: «نحن نرى سوقًا جيدة لحركة الحج». وحين يتم إضافة مقاعد إضافية فإن من شأن ذلك تحسين التكاليف لكل راكب في الطائرة بأربعة محركات، التي هي الآن أعلى من تكاليف الطائرة النفاثة ثنائية المحرك مثل A330.
إن A340 ذات الكثافة العالية في عدد الركاب تتطلب تجريد جزء من مساحة المطبخ، والحد من الخدمات الغذائية، للسماح للشركة بوضع ثمانية مسارات بحيث يكون عرض المقعد حوالي 46 سنتيمترًا – الذي يعتبر أدنى بكثير من حيث الفخامة من أجنحة الإقامة من ثلاث غرف المعروضة على طائرة A380 في أبو ظبي لدى الاتحاد للطيران، والتي تأتي مع دش وخادم شخصي.