هناك صدام جديد بين ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، ويينسفايدمان، رئيس البنك المركزي الألماني وعضو مجلس المحافظين في المركزي الأوروبي، بخصوص مقدار التدابير الإضافية اللازمة، التي يجب أن يتخذها المركز الأوروبي، من أجل تحفيز اقتصاد منطقة اليورو المعتل.
في الوقت الذي أخذت فيه متاعب أوروبا تصبح مرة أخرى الشغل الشاغل لاجتماعات نهاية الأسبوع لصندوق النقد الدولي في واشنطن، كرر دراجي أنه مستعد لتوسيع الميزانية العمومية للمركزي الأوروبي بمقدار حوالي تريليون يورو (1.3 تريليون دولار) من أجل التصدي لشبح الانكماش الاقتصادي. وكان جواب فايدمان هو أن القيمة المستهدفة ليست جامدة مثل النقش في الحجر.
وهذه الخلافات التي تقع في قلب عملية صنع السياسة تهدد بأن يبقى المركزي الأوروبي معلقاً مثل الاقتصاد الأوروبي العالق، وفي الوقت الذي يبتعد فيه التضخم عن هدف البنك، البالغ 2 % إلا قليلاً. يشير التاريخ إلى أن الغلبة ستكون في النهاية لصالح دراجي على زميله الألماني.
وقال يورج كرايمر، كبير الاقتصاديين في بنك التجارة الألماني (كوميرتس بانك) في فرانكفورت: «هناك نزاع هائل ضمن مجلس المحافظين، بخصوص ما ينبغي أن يقوم به البنك المركزي الأوروبي، من الواضح أننا أمام مشهد نجد فيه مرة أخرى دراجي ضد فايدمان، في النهاية، سيحقق دراجي ما يريد، وسنشهد تطبيق برنامج التسهيل الكمي في السنة القادمة.»
وسوف يوسع البنك المركزي الأوروبي من ميزانيته العمومية من أجل إنعاش التضخم بنسبة 0.3 في المائة، وهي الأدنى منذ 5 سنوات تقريباً. من خلال شراء أصول القطاع الخاص، وهو الأمر الذي يعتزم أن يفعله اعتباراً من هذا الشهر، أو الاستمرار في قبول الرهان من البنوك مقابل قروض رخيصة، فهو يدفع بالسيولة إلى داخل الاقتصاد. وهناك مسألة تبقى غير محلولة، وهي إذا كان بمقدور المركزي الأوروبي شراء السندات الحكومية لبلدان منطقة اليورو، وهو من المحرمات في ألمانيا، حيث يشعر السياسيون بالقلق من أنه يعتبر بمثابة تمويل للحكومات ويزيل الضغط الواقع عليها لاتخاذ تدابير لحل المشاكل.
وقال دراجي في 11 أكتوبر في واشنطن: إن شراء الأصول هو آخر أداة في السياسة النقدية أمام المركزي الأوروبي، بعد أن قلص أسعار الفائدة إلى أدنى مستوياتها التاريخية. وقد أدت التدابير التي اتُّخِذت حتى الآن إلى دفع اليورو إلى مستويات متدنية بحدود 1.2501 مقابل الدولار هذا الشهر، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2012.
وتبلغ الميزانية العمومية للمركزي الأوروبي في الوقت الحاضر 2.05 تريليون يورو، وهو رقم يقع دون مستوى الذروة البالغ 3.1 تريليون يورو في عام 2012 و 2.7 تريليون يورو في مطلع العام الحالي.
وقال دراجي أمام الصحفيين: «لقد أعطيتكم رقماً يعد النطاق التقريبي، ولنقل إنه في حدود حجم الميزانية العمومية التي كانت لدينا في مطلع عام 2012.»
وجاء رد فايدمان خلال دقائق: «لست بحاجة لأن أبين لكم أنه قم تم التصريح بقيمة معينة مستهدفة لكي تبلغها الميزانية العمومية للبنك. أما مدى كون هذه القيمة المستهدفة ذات طابع رسمي، فهذه مسألة أخرى.»
السبب في موقف فايدمان المخالف لموقف دراجي، كما قال فايدمان في 9 أكتوبر، هو أنه يشعر بالقلق من أن القيمة المستهدفة للميزانية العمومية يمكن أن تجعل البنك المركزي الأوروبي يدفع مبالغ تزيد عن اللازم مقابل الأصول الواقعة تحت برنامجه لشراء الأوراق المالية المدعومة بالأصول والسندات المؤمنة.
وفي حين أن رئيس البنك المركزي الأوروبي يستطيع أن يعول على مساندة ألمانيا فيما يتعلق بدعوته لإجراء إصلاحات اقتصادية عميقة في البلدان، إلا أن فولفجانجشُويْبلِه، وزير المالية الألماني، حذر من تخفيف الانضباط في المالية العامة، وعارض المزيد من تدابير التحفيز من المركزي الأوروبي، مضيفاً أن المنطقة لا تواجه خطر الانكماش الاقتصادي. لكنه قال بالتأكيد إنه في حال «ظهور علامات واضحة على الضعف» في الاقتصاد الألماني، فإن هذا سيدفع الحكومة إلى أن تقوم بالمزيد من عمليات الاستثمار.
وقال شويْبلِه: «لا تستطيع حل المشاكل باللجوء إلى السياسة النقدية، وإنما عليك أن تحلها من خلال القرارات التي تتخذها حكومات البلدان، لأنه لا يوجد لدينا اتحاد في المالية العامة أو اتحاد اقتصادي. السياسة النقدية تستطيع أن تعطي حلولاً مؤقتة. فهي تستطيع كسب الوقت.»