عادت أسواق الأسهم لتحتل عناوين الأخبار مرة أخرى، وذلك بفضل سلوكها المتقلب على نحو متزايد. في الأسبوع الماضي، وسجّل مؤشر داوجونز للشركات الصناعية أكبر انخفاض في يوم واحد هذا العام، بعد يوم من ارتفاعه بأكثر من 250 نقطة. التحركات اليومية التراكمية، في كلا الاتجاهين، تجاوزت 2000 نقطة حتى الآن هذا الشهر، وهو ما يشكّل أكثر من 10% من قيمة المؤشر. بصورة إجمالية، كان الاتجاه العام إلى الأدنى، وهو ما أدى إلى تآكل جزء كبير من مكاسب المستثمرين التي تمتعوا بها هذا العام.
وعودة التقلّب لا ينبغي أن تشكّل مفاجأة ضخمة. وما يثير الدهشة حقاً هو أن محافظي البنوك المركزية، دون مساعدة من صناع السياسات الحكومية، تمكنوا من تقديم فترة طويلة من الهدوء إلى هذا الحد في الأسواق المالية. من خلال عملهم هذا، فإنهم ساعدوا في دفع أسعار الأسهم والسندات إلى مستويات تتجاوز بكثير ما يمكن أن يكون مبرراً من وجهة نظر الأسس الاقتصادية.
مع ذلك، في الآونة الأخيرة فإن رفع الأسواق الذي قام به محافظو البنوك المركزية يواجه بعض التحديات. عدّل صندوق النقد الدولي مرة أخرى (إلى الأدنى) توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي. ألمانيا، القوة الاقتصادية في أوروبا، أبلغت عن تقلّص حادّ في الإنتاج الصناعي. أسواق السلع الأساسية، والتي لا تستطيع البنوك المركزية التأثير عليها بسهولة، انخفضت إلى مستويات أدنى بكثير من الأسهم. وحتى التصريحات الحذرة من المسؤولين في مجلس الاحتياطي الفدرالي والبنك المركزي الأوروبي لم تكن كافية للتعويض عن الكآبة، على الأقل حتى الآن.
للحفاظ على أسعار الأصول مرتفعة، ومن أجل استعادة الهدوء الدائم في هذه البيئة، فإن محافظي البنوك المركزية في حاجة إلى المساعدة من مصدرَيْن: الأول هو مجموعة من الجهات الحكومية التي، جنباً إلى جنب، لديها أدوات أفضل بكثير لمعالجة ما وصفته مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد على أنه «المتوسط العادي الجديد» بالنسبة للاقتصاد العالمي. الثاني، هم بحاجة إلى المستثمرين من أجل الاستمرار في وضع المال في السوق- وخاصة المستثمرين الذين لديهم الكثير من النقدية على الهامش ولديهم استعداد للتمسك باستراتيجية «الشراء عند الانخفاضات». ليس هناك سبب وجيه يدعو للتفاؤل من المصدر الأول. كما أظهر اجتماع نهاية الأسبوع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، حتى الآن لا يوجد اتفاق كافٍ حول العلل التي يعاني منها الاقتصاد العالمي أو حول ما يجب القيام به، ناهيك عن الإرادة السياسية للقيام بذلك.
المصدر الثاني موجود، لكن لم يعد من الممكن أن يُؤخذ كأمر مسلّم به. ذلك أن الآفاق الايجابية نسبياً للاقتصاد الأمريكي، حين تقترن مع انخفاض آخر في أسعار الفائدة التي شهدت بشكل متزايد عائدات سلبية على سندات الحكومة الألمانية، سوف تشجع المستثمرين على نشر الفائض النقدي. لكن استعدادهم- لمواصلة ذلك- يعتمد جزئياً على تقلّبات السوق: وكلما استمر التقلّب، سوف يقل حرصهم على تعريض المزيد من الأموال للخطر.
بالنظر إلى التجربة الأخيرة، فإنه من المفهوم أن كثيراً من المستثمرين لديهم الثقة في قدرة البنوك المركزية على استعادة الهدوء في السوق. ومع ذلك، هناك حدود لمدى الفترة التي تستطيع فيها هذه المؤسسات، التي تعمل أساساً من تلقاء نفسها، أن تبقي على أسعار الأصول المتضخمة في سياق الاقتصاد العالمي والمخاوف حول ضعف فعالية سياساتها.
على الرغم من أن المستثمرين المتفائلين قد لا يدركون ذلك تماماً، إلا أنهم يراهنون بشكل متزايد على أن ممثليهم المنتخبين في الحكومة سوف يتدخلون من خلال الاستثمار في البنية التحتية والإصلاحات العميقة اللازمة لتنشيط الانتعاش. وهذا ينطوي على جانب كبير من الأمل أكثر من كونه شيئاً مؤكداً.