حلقات تحفيظ القرآن الكريم هي إحدى وسائل الاستثمار في الأبناء الذي هو أحد أهم أبواب الاستثمار، فبشهادة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم «خيركم من تعلم القرآن وعلّمه» ومن خلع عليه الذي لا ينطق عن الهوى صفة الخيرية، إن لم يكن أداة بناء للمجتمع فلن يكون أبداً معول هدم له، وما رأيت -في الغالب- متفوقاً في تخصصه إلا وقد مر على حلقات تحفيظ القرآن الكريم، وما زلّت القدم بشخص مر على حلقات التحفيظ إلا وقد كان أحد شخصين: إما ضعيف في العيش مع القرآن، أو التحق بالحلقة لفترة قصيرة ولم تؤهله قدراته للاستمرار!
من الأمور المشاهدة في هذا الوقت ضعف حرص بعض الآباء على إلحاق أبنائه بحلق التحفيظ مقارنة بحرصه على دورات اللغة الإنجليزية أو الدورات الرياضية، رغم أنه لو رتب أولوياته وكان مستثمراً حقيقياً في أبنائه لاستطاع أن يستفيد من كل دقيقة من وقتهم الذي يضيع كثير منه فيما لا ينفع!
ومن المشاهدات أيضاً عدم مساعدة هذه الحلقات للأب في هدفه الاستثماري فنرى حرصاً من الابن في صغره وعزوفاً في كبره، وذلك بسبب ضعف التجديد والابداع بسبب قلة الدعم المالي وعدم استقطاب المتميزين، فما زالت بعض الجمعيات معتمدة اعتماداً كلياً على دعم المحسنين الذي قد يتوقف في أي لحظة!
أيضاً للتساهل في إلقاء التهم وتعميم التصرفات الفردية على جميع حلقات تحفيظ القرآن الكريم بمعلميها وطلابها من أجل خطأ حدث هنا أو هناك دور خطير ومخيف، ولعل من أسباب ذلك الجهل بجهود هذه الحلقات بسبب عدم زيارتها والاطلاع على مناشطها أو إضافتها كميدان من ميادين تصفية الحسابات التي تمزق مجتمعنا رغم أن القرآن يجب أن يكون على الدوام في المكانة التي يستحقها كلام الرب جل شأنه!
من أجل أن تكون حلقات تحفيظ القرآن الكريم استثماراً مجتمعياً رابحاً، وهي التي يبلغ عددها في بلدنا ولله الحمد 38475 حلقة تتبع 13 جمعية ويدرس فيها 771691 طالبا وطالبة، حسب التقرير الذي أصدرته الإدارة العامة للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في تقريرها الإحصائي، غير الحلقات التابعة للمؤسسات الخيرية الخاصة والسجون ودور الملاحظة، أتمنى أن يراجع وضع هذه الحلقات على الدوام ويتم توعية الآباء بأهميتها، ويحرص على رفع رواتب مدرسي الحلقات واستقطاب المتميزين من أجل التطوير والمحاسبة، وليت جمعيات تحفيظ القرآن تحرص على تنويع الدخل فالمال هو العصب الأساس، كما أتمنى أن يكون تبني حلقات التحفيظ من رجال أعمالنا بصورة أكبر من الواقع الحالي، فمن يدعم كمن يعلم ويتعلم هو مستثمر حقيقي بل قد يتجاوز غيره في هذا الوقت!
كاتب متخصص في الشأن الاجتماعي