من المقرر أن تتم، الأحد المقبل، انتخابات البرلمان الأوكراني الجديد الذي سيرث وضعاً اقتصادياً مأساوياً يزداد تدهوراً بسبب النزاع شرق البلاد، فيما أعلنت منظمة العفو الدولية، أنه ليس هناك أية أدلة على وجود مقابر جماعية في مدينة دونيتسك.
وسيتعين على الغالبية المؤيدة للغرب التي يتوقع أن تفوز في الانتخابات أن تصوت على إصلاحات اقتصادية جذرية من أجل إخراج البلاد من الهاوية، وترشيد ماليتها، ومن ضمنها إجراءات تقشف صعبة على السكان الذين يعانون أصلاً بسبب النزاع.
وتقول افغينيا فيدورينا بتأثر: "بالطبع الوضع صعب، ولا أجد شيئاً إيجابياً أقوله".
وتقوم فيدورينا المتقاعدة ببيع أكياس وضعتها على درجات السلالم المؤدية إلى سوق جيتني في وسط كييف. وإلى جانبها مسنون آخرون يبيعون جوزاً أو طيوراً لقلة من الزبائن.
وتضيف: "النقود أقل، والأسعار مرتفعة. بالنظر إلى الوضع مع المعارك واللاجئين، فإن الأمور لن تصطلح بسرعة بعد الانتخابات بل تدريجياً فأنا لدي ثقة بالجيل الشاب وبـ(الرئيس الأوكراني بترو) بوروشنكو" الذي انتخب في مايو.
ومنذ بدء الحركة الاحتجاجية ضد الرئيس المؤيد لموسكو فيكتور يانوكوفيتش، شهد الاقتصاد الأوكراني الذي كان يعاني من انكماش منذ أكثر من عام، تدهوراً مأساوياً.
وتبدو خطة الإنقاذ بقيمة 27 مليار دولار التي حصلت عليها أوكرانيا من الغرب في الربيع ومن ضمنها قرض بقيمة 17 مليار دولار من صندوق النقد الدولي غير كافية بالنسبة إلى الوضع الحالي.
ففي البدء أدت الأزمة السياسية إلى تراجع المستثمرين مما تسبب بانهيار العملة التي خسرت نصف قيمتها تقريباً منذ مطلع العام ما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار. ومع تولي مؤيدين للغرب الحكم، وضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، وتمرد الانفصاليين الموالين لموسكو في شرق البلاد، تدهورت التبادلات التجارية بين كييف وموسكو. وأدى النزاع الذي اجتاح حوض دونباس بمصانعه المعدنية والكيميائية إلى تعطيل قلب البلاد الصناعي.
وأقر اولكسندر باراشتشي خبير الاقتصاد في شركة كونكورد كابيتال للاستثمار "من المؤكد أن الوضع الاقتصادي ليس بسيطاً والمؤشرات الاقتصادية الأساسية لا تحمل على التفاؤل".
وحذر وزير الاقتصاد اولكسندر شالباك من أن إجمالي الناتج الداخلي سيتراجع بين 8% و9% مقارنة بالعام الماضي بسبب المعارك في الشرق. وأضاف شالباك، أن الشركات المتضررة تشكل 30% من العائدات بالعملات الأجنبية للحكومة. وقدر الخسائر على صعيد الصادرات إلى روسيا بخمسة مليارات دولار. ومن المتوقع وصول بعثة لصندوق النقد الدولي إلى كييف بين أواخر أكتوبر ومطلع نوفمبر، لتحديد الحاجات الإضافية للبلاد.
وقالت اولينا بيلان المسؤولة الاقتصادية في شركة دراغن كابيتال للاستثمار: إن "الوضع معقد لكن أوكرانيا تحظى بدعم كبير من الغربيين".
وأضافت بيلان، أن "إقرار البرلمان إصلاحات هو ما سيعيد التفاؤل إلى المستثمرين وليس الانتخابات".
وسبق أن تبنت الحكومة إجراءات تقشف بالإضافة إلى قوانين لمحاربة الفساد المتفشي في البلاد. فقامت بتجميد رواتب التقاعد ورفع أسعار الغاز لإرضاء الجهات المانحة الدولية.
إلا أن الهجوم العسكري الذي تقدر كلفته ب4,4 مليون يورو في اليوم في شرق البلاد، وضرورة تحديث عتاد الجيش وتراجع العائدات المالية من حوض دونباس جعلت مفعول هذه الجهود الإصلاحية محدوداً.
وحذرت بيلان من أن "الوضع الاقتصادي يرتبط بمدى قدرة أوكرانيا على استيراد كمية كافية من الغاز لهذا الشتاء" من أجل تشغيل القطاع الصناعي. وتوقفت روسيا عن إمداد أوكرانيا بالغاز منذ يونيو، ولم يترجم التقارب الذي لوحظ خلال اللقاء بين بوروشنكو ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ميلانو الأسبوع الماضي إلى اتفاق صريح بعد. ميدانياً، وشهد شرق أوكرانيا، خرقاً جديداً للهدنة الموقعة الشهر الماضي بين الحكومة الأوكرانية والمتمردين المدعومين من روسيا. وواصل المتمردون والقوات الحكومية الاشتباك على مشارف المدينة برغم اتفاق وقف إطلاق النار. وقال المتحدث باسم الجيش الأوكراني أندريه ليسينكو في تصريح: إن الاشتباكات أدت إلى إصابة 14 جندياً خلال اليومين الماضيين في قتال شرق البلاد، ولم ترد أنباء بعد عن الخسائر في صفوف المتمردين. لا مقابر جماعية من جهتها، أعلنت منظمة العفو الدولية، أنه ليس هناك أية أدلة على وجود مقابر جماعية في مدينة دونيتسك بشرق أوكرانيا. واتهمت المنظمة في تقريرها، أمس، القوات الموالية لروسيا والقوات الأوكرانية بإعلان بيانات خاطئة عن فظائع يرتكبها الطرفان. وأضافت المنظمة، أن بعض وسائل الإعلام الروسية على وجه الخصوص بالغت في تقاريرها عن بعض الوقائع بشكل كبير. يذكر أن الانفصاليين المواليين لروسيا قاموا بالضغط على الحكومة الأوكرانية في كييف بتقارير عن وجود نحو 400 جثة للمدنيين. ووفقاً لهذه التقارير توجد مقابر في مناطق كانت تحت سيطرة الجيش الأوكراني.