لا يكاد يذكر التطوع إلا ويكون اسمه حاضرا فقد حاز قصب السبق في كثير من المبادرات التطوعية وكرس جهده ووقته وماله لخدمة التطوع غير باحث عن فائدة أو سمعة أو حتى شكر.
ما قدمه في جمعية السرطان وجمعية السكر وإيثار وجمعية العمل التطوعي وغيرها من الجمعيات ومساهماته في البرامج وتبني المبادرات أمور لا يمكن أن تخفى على غير المتابع فكيف بالقريبين من العمل التطوعي.
الصدى الذي لقيته أعمال عبدالعزيز التركي تجاوز حدود المملكة العربية السعودية فهو مؤمن بمقولة «التطوع عمل إنساني لا حدود له» فاستحق التكريم أينما حل لذلك لم يكن فوزه بجائزة الشيخ عيسى ال خليفة قبل ثلاثة أسابيع كرائد للعمل التطوعي في المملكة إلا تأكيدا على جهود هذا الرجل الذي التقيناه على هامش حفل التكريم فكان الحوار التالي: ما انطباعاتكم عن جائزة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة للعمل التطوعي؟
- حضرنا وشاركنا في العديد من الجوائز لكن وجود هذا الزخم الكبير من الجمعيات والجهات اعتقد انه يحسب للجائزة ويحسب لمملكة البحرين الشقيقة وبالطبع مملكة البحرين شهادتنا بها مجروحة لأننا نعتبرها وطننا، الخبر والدمام والبحرين كلنا واحد، وانا سعيد بهذا التكريم وأشكر القائمين على هذه الجائزه لأنني فعلا ممتن, وهي اضافة للعالم العربي لتشجيع ونشر العمل التطوعي.
قبل أربعين سنة إذا أردت أن تعمل شيئا معينا أو فعالية ما، تتعب حتى تجد متطوعين, الان الجمعيات التطوعية الشبابية متواجدة وبأفكار رائعة ورائدة تثلج الصدر وهذه النقلة النوعية دليل على حيوية مجتمعاتنا الخليجية, وانا حقيقة سعيد بالتعامل مع امثال كوكبة المتطوعين والمتطوعات وصراحةً كل فترة من الفترات اشاهد نماذج معينة من ابنائنا تفخر وتحس بقيمتهم.
كنت أحد الرواد الذين أطلقوا عددا من المبادرات لتطوير العمل التطوعي المؤسسي في سباق الجري الخيري منذ خمس سنوات اليوم نشهد بروز عدد من الجهات المحلية والعربية فهل تعتقد أن الحركة التطوعية تسير في الطريق الصحيح؟
- انا سعيد جدا بنمو الحركة التطوعية وانا أشاهد جهودا كبيرة في تنظيم العمل التطوعي محليا وعربيا ووجود منظمة عربية تضم الجهات التطوعية في بلداننا العربية كالاتحاد العربي للعمل التطوعي دفعة قوية في طريق وضع سياسات وإجراءات من شأنها تنظيم العمل التطوعي وتجعله عامل ترابط يجمعنا كعرب، وسابقا كنت أعتقد أن الرياضة تجمعنا لكن تحولت لتعصب وحزازيات تفرقنا أكثر من أن توحدنا، لذا ادعو الاتحاد العربي ممثلا بأخي الأستاذ يوسف الكاظم لتنظيم مبادرات وفعاليات تهدف لوحدة العالم العربي من خلال التطوع لأن وحدتنا هي قوتنا، هذه الأنشطة العربية المشتركة مثل تبادل الخبرات وزيارات الشباب واطلاعهم على تجارب أشقائهم يعطي ويهيئ بيئة خصبة للإبداع والذي حتما سيعود على تنمية المجتمع، فلا يمكن أن ينمو المجتمع بالاعتماد فقط على الحكومات، لابد ان يكون هناك شركات بين المنظمات غير الربحية على أساس التنمية المجتمعية الشاملة وعلى الشباب العربي أن يساهموا في تغيير الوضع الراهن بشكل حضاري فلديهم المعرفة والطاقة وجهودهم على الأرض كبيرة والتي ان استمرت ستغير واقعنا للأفضل ان شاء الله وهذا أحد الأدوار المنوطة بالاتحاد العربي للعمل التطوعي.
هذا يقودنا الی مدی أهمية دور العمل التطوعي في التلاحم والسلم الاجتماعي خاصة وان برنامج متطوعي الأمم المتحدة والسلم والتلاحم الاجتماعي في أحد اولويات الخطة العشرية للتطوع؟
- كما ذكرت سابقاً ان تنمية الشعوب تأتي من التعاون بين الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني غير الربحية، فلا شك أن التواصل مع الشعوب يجنب مجتمعاتها الكثير من الإشكاليات، فمشكلتنا الاساسية سواء عربيا ام غير عربي هي عدم التواصل الفعال وافكار تطرح يعتبرها البعض افكارا هادمة لنا، ولكن هي في الحقيقة عندما تقرؤها وتتطلع عليها هي افكار تستطيع التعايش معها فوجود المنظمات مثل الاتحاد العربي والتي من احدى غاياتها التقارب بين الشعوب سيكون له تأثير إيجابي في دعم التلاحم والسلام الاجتماعي، ولذلك الأمم المتحدة يهمها في السلم ان تبدأ أول خطوة نحو التواصل مع الشعوب واعتقد انه الطريق السليم لذلك.
اليوم نشهد تجديد اتفاقية بين اتحاد العمل التطوعي وبرنامج تطوعي للأمم المتحدة لتعزيز الاستدامة في العمل التطوعي ووضع معايير مؤسساتية، ما تأثير العمل المشترك على استدامة العمل التطوعي؟.
- نحن بحاجة لتلك الاتفاقيات والشركات التي ترفع من قدرات المنظمات على مستوى عال وشامل، فنحن عانينا كثيرا من المبادرات التي تدعي تنظيم العمل التطوعي وتحصر في نطاق ضيق او تختفي، وكنا مع الامير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية وتكلمنا عن بعض الجهات التي تأخذ زخم وبعدها تختفي، فأنا من أشد المؤيدين لاتفاقيات يشارك بها المجتمع وتضم الجميع، فلدينا جهات ليس لها استراتيجية فتجدها تطلق مبادرات ليست من تخصصها او تعمل وحيدة بمعزل عن الكل، العمل في المجال الاجتماعي ينبع من القلب لذا يجب ان نتعاون من القلب وندعم بعضنا البعض، فالمتطوع الحقيقي يعطي من وقته وجهده وماله ولا ينتظر عائدا.
من خلال تجربتك الثرية ما العائد على المتطوع؟
- من تجربتي أن المكافأة النفسية أفضل عائد فتجد نفسك متأثرا بشكل غريب، فالسعادة هي المكافأة الحقيقية.
وفي محاضرة في ارامكو ألقيتها علی الخريجين وكيف يستثمرون اوقاتهم عندها عرضت العديد من الدراسات توضح الأثر النفسي من العمل التطوعي، وكيف يؤثر على الصحة والسعادة، فهناك كم هائل من الأبحاث والدراسات التي تبين وتعطي احصائيات عن أثر السعادة تأتي من الاعمال التطوعية، ليس ذلك فقط ان العمل التطوعي يعطيك نسبة أمل اكبر وثقة بالتغيير للافضل وانتاجية اعلى كانسان متطوع بحوالي 15% زيادة عند مقارنتها بالإنسان المهمل الذي لا يملك هدفا في الحياة.
جمعية العمل التطوعي أطلقت ميثاق شرف العمل التطوعي بالتعاون مع نخبة من المنظمات التطوعية السعودية والعربية بالمدينة المنورة، وأنتم ناديتم بأخلاقيته في أكثر من موقع ما مدی تأثير المعايير الاخلاقية في تنمية العمل الاجتماعي؟
- أشكر جهودكم والميثاق هو بالفعل ما نحتاج له، وانا في لجنة الشفاعة الحسنة والتي تقوم على اساس تعميم ميثاق شرف الاعمال المقبولة بالعمل وغير المقبولة بالعمل في المملكة والتي لن يلتزم بها الا الانسان المؤمن من ذاته بالعمل التطوعي، لذلك هذا مهم للذين يعملون في الجمعيات الاجتماعية لتحديد ميثاق شرف واضح يفرز الجادين من غيرهم، وحتما سيختفي الافراد غير المرغوب بهم ولا يمثلون العمل التطوعي وقد يشوهونه!، فنجد ان عددا من الشخصيات المحسوبة على العمل التطوعي ليس لها جهود حقيقية ولا يتذكرونه إلا عند وقت التكريم!، هذا الميثاق سيحدد المتطوع الحقيقي من غيره أمام الكل، فالتطوع له عناوين كثيرة وجميلة وتجعل الناس مقبولين في المجتمع والمجتمع يقدرهم لذا فهو عمل جاذب للكل.
ما مبادراتكم المقبلة؟
- في آخر نوفمبر سنطلق حملة بمسمى «خلينا نحييها» من قوله تعالى «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا»، وهي احدى مبادرات جمعية «إيثار» للتبرع بالأعضاء، وتهدف لردم الفجوة بين الاحتياج للأعضاء وبين الموجود بالمملكة، فالفجوة كبيرة والتبرع نسبته منخفضة ونحن من خلال الحملة نحاول تقليص الفارق، فالمملكة من الدول التي وقعت علی بروتوكول اسطنبول الذي ينص على تحريم الاتجار بالاعضاء وكثير من عمليات الزراعة تتم بالخارج بطرق سرية وتجارية ونتائجها سلبية فلا بد من وجود البديل فلذا أتت فكرة انشاء جمعية «ايثار»، وقد أثبتت الجمعية حكم مجموعة من المشايخ بالمملكة وسؤالهم عن فتوى التبرع بالأعضاء واتفقوا على جواز وتأييد التبرع بالاعضاء فيهمنا جدا ان تنجح هذه الحملة وازالة الوهم من الناحية الشرعية والطبية.
كلمة أخيرة للشباب؟
- سيعرف الشاب لذة العمل التطوعي عندما يرى بنفسه النتائج الإيجابية، لذا لابد من أن يجرب الشباب التطوع ومتى بدأت العجلة فكلي ثقة في أنها لا يمكن ان تتوقف أو تتراجع للخف، وعلى كل شاب وشابة أن يختار ثم يتقن ويبدع في مجاله التطوعي.
تكريم التركي في حفل جائزة الشيخ عيسى آل خليفة