في مفاجأة للجميع، لم يتأثر العائد على سندات الخزانة الأمريكية بقرار الاحتياطي الفيدرالي الأخير بإنهاء برنامج التيسير الكمي، بحسب توقعات المراقبين، ولكن في المقابل، ارتدت عملات الأسواق الناشئة، التي توقع الجميع معاناتها بالأسواق عقب مثل هذا القرار.
وأوضحت دراسة بحثية نشرت في موقع «بيزنس إنسايدر» وتناولت الآثار المترتبة على قرار الاحتياطي الفيدرالي، أنه وعلى مدار الأسابيع الأخيرة، كان للأسواق ردة فعل مبدئية على التكهنات حول هذا القرار مثل ارتفاع الدولار بشكل كبير وبدأ العائد على السندات ارتفاعه هو الآخر في حين انخفضت عملات الأسواق الناشئة بالأسواق، ومنذ بداية سبتمبر، انخفضت العملة الروسية «روبل» بنسبة 15% مقابل الدولار الأمريكي.
كما تأثرت الأسهم أيضا، حيث انخفض مؤشر «MSCI» للأسواق الناشئة 11% منذ الخامس من سبتمبر.
وفي الحقيقة ارتفع العائد على السندات الأمريكية على مدار الأسبوعين الأخيرين بفعل مخاوف التباطؤ إزاء الاقتصاد العالمي وهو ما اثار بدوره هبوطا لعملات الأسواق الناشئة، ولكن العائد صحح من أوضاعه مع إشارة الفيدرالي إلى إمكانية رفع البنك المركزي الأمريكي لمعدلات الفائدة في أقرب مما تتوقع الأسواق، وتوقع بنك «كريدي سويس» أن أول رفع لمعدلات الفائدة سيحدث في يونيو المقبل.
وعلى ما يبدو، فإن الاقتصاد الأمريكي يستعيد زخمه مجددا حيث سجل نموا بنسبة 4.6% في الربع السنوي الثاني، وهو الأكبر منذ الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2011، وبالتالي لن تفاجأ الأسواق برفع معدلات الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي في العام المقبل.
وهناك عوامل أخرى لعبت دورا رئيسا في الفترة الأخيرة كانخفاض أسعار السلع ولاسيما النفط والفحم والقمح والنحاس والأسمدة، وهو ما انعكس سلبيا على الأسواق الناشئة التي تضررت صادراتها المعتمدة بقوة على هذه السلع كما حدث في روسيا وفنزويلا والأرجنتين، واتسع العجز التجاري في دول كإندونيسيا وجنوب إفريقيا أيضا.
وأثر تباطؤ النمو الاقتصادي في أوروبا والصين على الدول الناشئة التي تمتلك علاقات تجارية قوية مع هذه الدول، فقد أثر تباطؤ الطلب في الصين على تشيلي وإندونيسيا وجنوب إفريقيا.
ولم تكن كافة الأنباء سيئة للأسواق الناشئة، فالهند على سبيل المثال، استفادت فعليا من انخفاض أسعار النفط لأنها من كبرى الدول التي تستورد الطاقة بشكل كبير، وبالتالي يقل إنفاقها على الوقود، وربما يؤدي انخفاض التضخم بفعل انخفاض أسعار النفط إلى رفع البنك المركزي الهندي معدلات الفائدة، كما تعد المكسيك من بين الدول التي تتأثر بنمو الطلب الأمريكي.
وخلاصة ذلك أنه في الوقت الذي من السهل فيه رؤية الأسواق الناشئة ككتلة موحدة من الدول تتكبد خسائر بارتفاع الدولار الأمريكي، إلا أن الحقيقة والواقع مخالفة إلى حد كبير، حيث ان ارتفاع العملة الأمريكية يمكن أن يتمخض عنه الكثير من الرابحين.