استشهد شاب فلسطيني وقتل جنديان إسرائيليان من حرس الحدود وأصيب عشرة من المستوطنين على الحدود الفاصلة بين القدس الشرقية المحتلة والقدس الغربية، في عملية دهس نفذها الشاب ابراهيم العكاري من حي شعفاط شمال القدس المحتلة، واقتحمت قوات الاحتلال، صباح امس الأربعاء، باحات المسجد الاقصى المبارك من جهة باب المغاربة، وحاصرت الجامع القبلي ووصلت إلى محراب الأقصى لأول مرة منذ 1967، وهاجمت المصلين بالقنابل الصوتية والأعيرة المطاطية بكثافة، بالتزامن مع دعوات متطرفة من "اتحاد منظمات الهيكل المزعوم" لتنفيذ اقتحام مركزي للأقصى تحت عنوان "صعود الآلاف - لن نسمح بانتصار الإرهاب"، وقررت القيادة الفلسطينية امس التوجه إلى مجلس الأمن الدولي ضد "التصعيد" الإسرائيلي في القدس. من جانبها، حذرت وزيرة العدل، تسيبي ليفني، من إمكانية أن يؤدي الوضع المتأزم في القدس إلى "تحويل النزاع القومي مع الفلسطينيين إلى نزاع ديني مع العالم الإسلامي"، ونقلت عنها الإذاعة الإسرائيلية قولها: إنها "منزعجة جدا من حوادث العنف". وصدمت سيارة مارة اسرائيليين في القدس فيما وصفته وسائل الاعلام الاسرائيلية بهجوم جديد، بينما قتلت الشرطة الإسرائيلية سائق السيارة، وأصيب نحو عشرة اشخاص بجروح، بينهم حالة شبه ميؤوسة وإصابتان خطيرتان، بحسب خدمات الإسعاف الاسرائيلية.
أردنيا، استدعت عمان سفيرها في تل ابيب للتشاور حول التمادي الإسرائيلي «في المسجد الأقصى والقدس».
التوجه لمجلس الأمن
وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة: إن "القيادة قررت التوجه إلى مجلس الأمن فوراً، وبدأت الاتصالات السريعة بهذا الشأن".
وذكر أبو ردينة أن "الحكومة الإسرائيلية وبسابق إصرار وضمن خطة ممنهجة تواصل انتهاكاتها لحرمة المسجد الأقصى، وتدفع بالمستوطنين لاقتحام المسجد منتهكة كل الأعراف والشرعية الدولية والإجماع الدولي".
وأضاف: إن الممارسات الإسرائيلية "تؤكد اننا أمام حكومة تريد تصعيد الأمور من أجل تقسيم المسجد الأقصى، الأمر الذي حذرنا مراراً بأن ذلك خط أحمر سيؤدي إلى أوضاع لا يمكن السكوت عليها داخلياً وإقليمياً، وسيدفع بالأمتين العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى اتخاذ مواقف وقرارات خطيرة".
انتفاضة جديدة
وقال رئيس امين سر المجلس الثوري لحركة "فتح" أمين مقبول: "نحن أمام استفزازت إسرائيلية وتصعيد غير مسبوق لجرنا إلى انتفاضة جديدة وحرب دينية وعنف".
وأضاف مقبول: "الاحتلال يسعى لخلط الأوراق أمام الوضع السياسي الراهن".
وأكد مقبول أن القيادة الفلسطينية بدأت في أخذ إجراءات لوقف ممارسات إسرائيل، وأولها دعوة الشعب الفلسطيني خاصة في القدس وأكناف القدس إلى التصدي لقطعان المستوطنين والصمود.
وأضاف: "ستتوجه القيادة إلى الدول العربية والإسلامية للتحرك السريع لحماية الأقصى، وكذلك التوجه إلى المجتمع الدولي ومجلس الأمن ومطالبة الولايات المتحدة بالتحرك السريع لوقف العدوان الإسرائيلي، باعتبارها الداعم الأساسي لهم".
عملية الصدم
وفي تفاصيل عملية الصدم، قالت الشرطة الإسرائيلية: إن السائق الفلسطيني الذي كان يستقل سيارة تجارية اقتحم موقف القطار الخفيف في شارع رقم واحد في الشيخ جراح، ما تسبب بوقوع عدة اصابات في صفوف الإسرائيليين، وبعد ذلك ترجّل من السيارة وأخذ يضرب عددا من المارة بقضيب حديد، قبل ان يطلق عليه النار جنود "حرس الحدود" ما تسبب في استشهاده.
وقد وصل إلى موقع العملية وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي يتسحاق أهرونوفيتش، والقائد العام للشرطة الاسرائيلية ورئيس بلدية الاحتلال في القدس نير بركات.
وزعمت نائب وزير الإسكان تسيبي حتطبولي من البيت اليهودي المتطرف الداعية لهدم المسجد الأقصى المبارك: «إن "الارهاب" يرفع رأسه في القدس بسبب فقدان الحكومة الاسرائيلية الأمن في المسجد الأقصى، وبسبب ذلك تظهر هذه العمليات، وقد حان الوقت كي تعمل الحكومة بقوة على فرض الأمن في القدس، كوننا نتعرض لهجمات متوالية من قبل الفلسطينيين في القدس».
وقالت الناطقة بلسان الشرطة الإسرائيلية: وفقا للفحص الاولي والتشخيص، يشار إلى ان السائق مقدسي الهوية من سكان شمال المدينة، ومتزوج.
اقتحام الأقصى مجددا
واحتشد المئات من المستوطنين والمتطرفين عند باب المغاربة جنوب المسجد الاقصى المبارك فجر امس، قبل اقتحامه من قبل قوات إسرائيلية خاصة التي هاجمت المصلين بالقنابل الصوتية والأعيرة المطاطية بكثافة، ما اسفر عن اصابة اكثر من 33 مصليا ومرابطا معظمهم من كبار السن.
وأمنّت قوات كبيرة من الشرطة والقوات الخاصة الإسرائيلية الحماية للمستوطنين وكبار قادة الشرطة الذين اقتحموا المسجد، بناء على دعوات متطرفة من "اتحاد منظمات الهيكل المزعوم" لتنفيذ اقتحام مركزي للأقصى تحت عنوان "صعود الآلاف - لن نسمح بانتصار الإرهاب".
وأصيب عشرات المصلين والمرابطين إثر إطلاق الشرطة الإسرائيلية القنابل الصوتية والحارقة وغاز الفلفل باتجاههم خلال اقتحامها باحات المسجد الأقصى المبارك والمسجد القبلي المسقوف.
وقال مدير عام أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى الشيخ عزام الخطيب: "ان قوات الاحتلال الخاصة والشرطة اقتحمت المسجد القبلي (وهي مدججة بالسلاح ووصلت بنعالها حتى منبر صلاح الدين الأيوبي)، مستنكرا الاقتحام وتدنيس المسجد.
وأفاد حراس المسجد الأقصى بأن العديد من الشبان أصيبوا بحالات اختناق وبشظايا القنابل الصوتية والاعيرة المطاطية خلال مواجهات المسجد القبلي، حيث أمطرت القوات المسجد بالقنابل.
وكان العشرات من ناشطي حركة "أمناء الهيكل" اليمينة احتشدوا في وقت مبكر من صباح امس في منطقة قريبة من المسجد الأقصى بغرض اقتحامه بذريعة أداء شعائر دينية.
وندّد سماحة الشيخ محمد حسين - المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك بإقدام أكثر من 300 جندي احتلالي على اقتحام الجامع القبلي من المسجد الأقصى المبارك، ووصولهم إلى منبره بأحذيتهم، ومهاجمة المصلين بالقنابل الصوتية والأعيرة المطاطية بكثافة، بالتزامن مع دعوات متطرفة من "اتحاد منظمات الهيكل المزعوم" لتنفيذ اقتحام مركزي للأقصى تحت عنوان "صعود الآلاف - لن نسمح بانتصار الإرهاب".
الرابطة تدين
من جهتها، أدانت الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي، والهيئات والمراكز والمؤسسات التابعة لها، قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق الحرم المقدسي، بعد تعرض يهودي متطرف لإطلاق رصاص في مدينة القدس المحتلة.
وقال الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي في بيان: إن هذا العمل العدواني ضد ثاني مسجد وضع في الأرض بعد المسجد الحرام، ومسرى رسول الله «صلى الله عليه وسلم»، يأتي في إطار السياسات الإسرائيلية الإجرامية، والعقوبات الجماعية التي يمارسها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، متحدياً بذلك مشاعر المسلمين بما يتكرر من انتهاكاته لمقدساتهم.
وأكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي أن الخطوة التصعيدية من قبل قوات الاحتلال الصهيوني، والمتمثلة بإغلاق المسجد الأقصى في وجه أهله، سابقة خطيرة منذ وقعت المدينة المقدسة تحت الاحتلال في العام1967م، وتُعد استفزازاً لمشاعر المسلمين في مختلف بقاع العالم، واستخفافاً بالمبادئ والقيم الدينية، وبالقرارات الدولية التي تمنع العدوان على المسجد الأقصى، وللمواثيق الدولية التي تحمي دور العبادة في أثناء الحرب، أو فترة الاحتلال للمناطق الواقعة فيها. وحذَّر معاليه من سوء مغبة هذه الخطوة العدائية، التي تستهدف تهويد القدس والمسجد الأقصى، مذكراً بما أصدرته رابطة العالم الإسلامي ومجالسها، في عدة مؤتمرات ومناسبات، مؤكدة على التمسك بعروبة المدينة المقدسة وإسلاميتها، وعدم قابلية حق العرب والمسلمين فيها للتنازل، وعدم مشروعية الإجراءات الإسرائيلية في تهويدها وطمس معالمها الإسلامية، ومطالبة المجتمع الدولي بالتدخل للتراجع عن هذه الإجراءات العدوانية.
ودعا الأمين العام للرابطة، منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، والمنظمات الدولية والإنسانية، إلى مواجهة ما يحدث في المسجد الأقصى والقدس، ووضع حد لهذه الانتهاكات الخطيرة والمتكررة، وإلزام الكيان الصهيوني باحترام الأماكن المقدسة، وأن تعمل الجهات الدولية والإقليمية على حماية القدس الشريف، بوصفه تراثاً إنسانياً حضارياً إسلامياً، كما أهاب معاليه بقادة الأمة الإسلامية أن يبذلوا جهودهم في حماية مدينة القدس وأهلها، والتصدي لما يتعرض له المسجد الأقصى من العدوان والإغلاق والتدنيس، وإيذاء المصلين، والاعتداء عليهم، ومنعهم من أداء صلواتهم فيه.
جرائم حرب إسرائيلية
وفي سياق آخر، اتهمت منظمة العفو الدولية المعنية بحقوق الإنسان إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في نزاع غزة.
وقال فيليب لوثر مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى المنظمة في بيان: إن إسرائيل "تجاهلت القانون الدولي للحرب بصورة مخزية" في الحالات التي قامت المنظمة ببحثها.
ويتضمن تقرير المنظمة ثماني حالات تمت فيها مهاجمة منازل لفلسطينيين في غزة.
وذكرت المنظمة أن تلك الهجمات أسفرت عن مقتل 111 شخصا، بينهم 104 مدنيين على الأقل.
وجاء في التقرير: إنه رغم تحديد بعض الحالات على أنها أهداف عسكرية محتملة، فإن حجم التدمير الناجم عن تلك الهجمات لم يتناسب مع الفائدة العسكرية منها.
وذكرت المنظمة أن جميع الحالات التي تم بحثها لم يصدر فيها الجيش الإسرائيلي أي إنذارات مسبقة.
الأردن يستدعي سفيره
استدعى الأردن -أمس الأربعاء- سفيره وليد عبيدات من إسرائيل للتشاور، في خطوة عمق الأزمة السياسية، التي تعترض العلاقات بين عمّان وتل أبيب.
وقالت الحكومة الأردنية -في أعقاب اجتماعها برئاسة د.عبد الله النسور-: إن "الأردن قرر استدعاء سفيره في إسرائيل للتشاور حول التمادي الإسرائيلي".
وأشار بيان الحكومة، الذي تسلمت "اليوم" نسخة عنه، أن "استدعاء السفير يأتي احتجاجا على التصعيد الإسرائيلي المتزايد، وغير المسبوق، في الحرم القدسي الشريف، والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للقدس".
وأوعزت الحكومة الأردنية -وفق بيانها- إلى وزير الخارجية الأردني ناصر جودة بـ"تقديم شكوى فورية إلى مجلس الأمن الدولي؛ إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على الحرم القدسي الشريف".
وفي تعليق فوري لوزارة الخارجية الأردنية، قال مصدر رفيع لـ"اليوم": إن "بعثة الأردن لدى الأمم المتحدة باشرت فعليا باتخاذ الإجراءات الدبلوماسية اللازمة لتقديم الشكوى إلى مجلس الأمن الدولي".
ولم يكشف المصدر عن مضمون الشكوى، إلا أنه أكد أن "الحكومة الإسرائيلية تجاوزت كافة الحدود في تعدياتها على الحرم القدسي، وبات على المجتمع الدولي أن يتحرك لوقفها".
وفي المقابل، اتهم السفير الإسرائيلي لدى الأردن دانيل نيفو "جهات" بـ"محاولة إيذاء علاقة بلاده مع الأردن"، وذلك ردا على قرار استدعاء السفير عبيدات من تل أبيب.
وقال نيفو -في تصريحات صحافية-: إن "إسرائيل تحترم المكانة الخاصة للأردن" في الحرم القدسي الشريف، استناداً الى ما تنص عليه معاهدة السلام، غير انه استدرك بالقول إن "إسرائيل لن تسمح بأي شكل من الأشكال بتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي".