عززت قوات الأمن الإسرائيلية أمس الإجراءات الأمنية في القدس بعد هجوم بسيارة يقودها فلسطيني في القدس أدى لمقتل شرطي من حرس الحدود الإسرائيلي، وبدأت قوى الأمن الإسرائيلية صباح أمس بوضع حواجز إسمنتية في مواقف القطار الخفيف في القدس، وعلى غير العادة أدان وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الزيارات المتكررة مؤخرًا للنواب الإسرائيليين إلى المسجد قائلًا: إنها تزيد الوضع سوءًا، فيما قال رئيس الحكومة الإسرائيلية: إنه لن يحدث أي تغيير في الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف»، وقدم الأردن شكوى لرئيس مجلس الأمن الدولي السفير الأسترالي جاري كوينلان ضد الممارسات والتصعيد الإسرائيلي. وفي التفاصيل بخلاف تصريحات رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإسرائيلي عن الحفاظ على الوضع الراهن في المسجد الأقصى المبارك وعدم رغبتهم المس بالمسجد إلا أنه على الأرض فإن الاقتحامات لم تتوقف وتواصلت فجر أمس وبصورة شرسة ووقحة مع زيادة عدد المقتحمين من المستوطنين والمسؤولين الإسرائيليين.
وقال حراس المسجد: إن المستوطنين الذين اقتحموا المسجد أمس هم من (جماعات الهيكل) المزعوم، وكان كل منهم يحمل خريطة وكتابًا عن الهيكل وسط حراسة مشددة.
وقال مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني: إن المستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى وسط حماية شرطية مشددة، وتجولوا في أنحاء متفرقة من باحاته.
غباء سياسي
وهاجم وزير خارجية إسرائيل أفيغدور ليبرمان الوزراء وأعضاء الكنيست الذين اقتحموا المسجد الأقصى في الأيام الأخيرة واصفًا هذه الخطوات بالغباء السياسي والبحث عن عناوين ليس لها أية أهمية وتدلل على قلة خبرة ومسؤولية.
واعتبر ليبرمان في لقاء مع الإذاعة العبرية «كول إسرائيل» أمس أن استمرار محاولات بعض الوزراء وأعضاء الكنيست من اليمن الإسرائيلي الوصول إلى المسجد الأقصى تلحق الضرر الكبير بالجهود التي تبذلها الشرطة الإسرائيلية وقوى الأمن في تهدئة الأجواء في مدينة القدس وإعادة الأمن، وتساهم في توتر الأجواء في المنطقة بأسرها.
وقال زعيم حزب إسرائيل بيتنا القومي المتطرف: «هذا عبارة عن استغلال سياسي ماكر لوضع معقد وعدم إدراك (من قبل النواب) وغباء سياسي».
وربط موقع القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي بين تصريحات ليبرمان وموقف الأردن الذي استدعى السفير من تل أبيب، وتوجهه إلى مجلس الأمن والتصريحات الصادرة عن الأردن والتي أكدت فيها أن القدس والمسجد الأقصى خط أحمر، وما تقوم به إسرائيل في المسجد الأقصى يؤثر على أمن واستقرار الأردن، كذلك بعض التصريحات التي أكدت أن العلاقات الأردنية الإسرائيلية تشهد توترًا وأزمة عميقة ارتباطًا بموضوع القدس والمسجد الأقصى.
نتنياهو: لا تغيير
من جهته أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أثناء المشاورات الأمنية التي أجراها أنه «لن يحدث هناك أي تغيير في الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف».
وأضاف نتنياهو «إن كل من يعبر عن موقف آخر، فإنه لا يعبر إلا عن رأيه الشخصي وليس عن سياسة الحكومة».
وكان رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو عقد مساء الأربعاء جلسة مشاورات أمنية في أعقاب الأحداث الأخيرة في القدس لبحث «سبل استعادة الهدوء».
تحريض مسعور
وشن قادة الحكومة واليمين الإسرائيلي المتطرف حملة تحريض مسعورة على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وحملوه المسؤولية المباشرة عن «عمليتي دهس» وقعتا في القدس وقرب مخيم العروب في الضفة الغربية الأربعاء.
وقاد الحملة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي استغل خطابه في مراسم إحياء ذكرى قتل إتسحاق رابين على جبل هرتسل لاتهام عباس بالتحريض على قتل اليهود، وتحميله المسؤولية المباشرة.
وقال نتنياهو: «إن أمن إسرائيل كان ماثلًا دائمًا في مركز عمل رابين»، وادعى أنه «لا شك لدي في أننا سننتصر في المعركة على القدس، والصراع قد يدوم طويلًا ويجب توحيد القوى بين الشعب».
وأضاف نتنياهو «إن عملية الدهس هي نتاج مباشر لتحريض عباس، وركز نتنياهو على «أمن اسرائيل والحفاظ على القدس كعاصمة لها»، وقال: «إسرائيل ليست دولة عنيفة، في الدول المحيطة بنا هناك من يقطعون الرؤوس، ويجزون الحناجر وهناك كتائب إعدام وما أشبه، وفي هذا المشهد يبرز تميز إسرائيل، فنحن ديموقراطية ولا نكتفي بعدم تبني معايير متدنية كهذه، نحن ديموقراطية تدير الحوار من خلال الخلافات».
وقال رئيس البيت اليهودي نفتالي بينت: «إن عباس هو سائق سيارة الموت في القدس و«المخربون» هم رسله فقط. لا توجد قبة حديدية ضد سائقي السيارات».
وانتقد بينت بشدة قرار وضع حواجز من الباطون حول محطات نقل الركاب في القدس، وقال: «ليس هكذا تتم محاربة الإرهاب، بل هكذا يتم تشجيعه. لقد قلنا ذات مرة: إن «الصواريخ ستصاب بالصدأ» وتلقينا حرب لبنان الثانية، وبعد ذلك قلنا: «الأنفاق ستتفكك»، والبقية معروفة. فماذا سنقول الآن؟ هل سينتهي الوقود في السيارة؟».
كما هاجم الوزير يوفال شطاينتس رئيس السلطة وقال: «في رسائله إلى إسرائيل والعالم كله يبدو دبلوماسيًا يسعى إلى السلام، وفي رسائله إلى جهاز التعليم والإعلام الفلسطيني يحرض على الكراهية والإرهاب». وقال رئيس لجنة الخارجية والأمن ياريف ليفين: «إن العقاب الشديد فقط ومواصلة إظهار السيادة والاستيطان اليهودي في كل أنحاء القدس سيحقق الهدوء ويعيد الحياة إلى مجاريها في المدينة.
شكوى أردنية
وذكرت وكالة الأنباء الأردنية أمس الخميس أن البعثة الأردنية في نيويورك سلمت رسالة شكوى بهذا الصدد إلى رئيس مجلس الأمن الدولي لهذا الشهر السفير الأسترالي جاري كوينلان.
وقالت الرسالة التي بعثت بها مندوبة الأردن الدائمة لدى الأمم المتحدة دينا قعوار: «اقتحمت القوات الخاصة وشرطة الاحتلال الإسرائيلي مجمع المسجد الأقصى وقامت بإطلاق الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت والدخان والرصاص المطاطي داخل المسجد، وقد أدى هذا الاستخدام الصارخ وغير القانوني للقوة ضد واحدة من أقدس الأماكن على وجه الأرض عند المسلمين في اندلاع الحرائق».
وطالبت بضرورة قيام إسرائيل بتهدئة الوضع واحترام قدسية الحرم الشريف والتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي ومعاهدة السلام مع الأردن.
وقالت قعوار: «إنه انطلاقًا من وصاية جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين على الأماكن المقدسة في القدس الشرقية المحتلة، فإن المملكة الأردنية الهاشمية تدعو مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته ومحاسبة إسرائيل على هجومها على الحرم الشريف»، وطالبت المجلس بالنظر في «الخطوات التي يجب اتخاذها لوقف الانتهاكات الإسرائيلية ضد الحرم القدسي الشريف، والتي إذا سمح لها بالاستمرار سيؤدي إلى أزمة أخرى تهدد السلم والأمن الدوليين في منطقة الشرق الأوسط». وكانت الحكومة الأردنية قررت أمس استدعاء السفير الأردني في تل أبيب للتشاور احتجاجًا على التصعيد الإسرائيلي المتزايد وغير المسبوق بالحرم القدسي.
وأكد وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني أن الحكومة الأردنية «أعلنت في أكثر من مناسبة أن الأردن وبحكم الوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والرعاية الهاشمية لها، فإن جميع الخيارات القانونية والدبلوماسية مفتوحة أمامه للرد على الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى». كما أكد المومني أن الأردن طور خطة متكاملة للوقوف بوجه الانتهاكات الإسرائيلية للمقدسات في القدس الشريف.
حسابات «داعس»
أطلق نشطاء إنترنت فلسطينيون أمس صفحة فيسبوك خاصة تحت اسم «داعس» إثر تكرار عمليات "الدهس" أو "الدعس" بالسيارة، والتي قام بها فلسطينيون في القدس والخليل.
وتبدو الكلمة مشابهة لتسمية "داعش" الرائجة لتنظيم داعش، المتهم بارتكاب فظاعات في المناطق التي يسيطر عليها في سوريا والعراق.
وقال الناشط محمود حريبات الذي يتابع الانشطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي "نعم أطلق أكثر من ناشط اليوم على تويتر، هاشتاجا تحت اسم داعس، وأيضا هناك من اطلق مثل هذا الاسم على صفحات الفيسبوك".
وقال حريبات "هذه الصفحات التي تتضمن صورا ونكات، تشير بوضوح إلى أنها نوع من السخرية والترفيه، ولا تأخذ منحى جديا".
وكتب على صفحة فيسبوك "أنت الآن في صفحة تنظيم داعس الفلسطيني المقاوم، انتفاضة السيارات (داعس)".
وقال حريبات " التفاعل يجري حول هذا الاسم على صفحات التويتر أكثر من صفحات الفيسبوك، وكل التعليقات سخرية وتهكم".
وعُلّقت صورة على صفحة الفيسبوك كتب عليها "دوس دوس" و" ادعس، لبيك يا أقصى". او "نريد دولة فلسطينية منزوعة السيارات".
وعلى صفحات التويتر كُتبت نكتة تقول إن إسرائيل "أصدرت قانونا جديدا بالسجن عشر سنوات لكل فلسطيني يملك رخصة قيادة".
ونُفّذت ثلاث عمليات دهس في القدس والخليل، آخرها قيام فلسطيني من الخليل مساء الاربعاء بدهس ثلاثة جنود بالقرب من مخيم العروب.