كشفت دراسات الطاقة في المعهد الملكي البريطاني للشؤون الخارجية أن هدر الطاقة يكلّف دول الخليج مجتمعة حوالي 50 مليار دولار سنوياً، وأكثر من 70 % من هذا الهدر هو في المملكة. ويبدو أن دول الخليج عقدت العزم على تقليل هذه الخسائر بتطبيق إجراءات ترشيد الطاقة وعمل القوانين لإيقاف هدر الكهرباء في المستقبل القريب. وعلى سبيل المثال، أوردت بعض التقارير أن ما ستستهلكه الكويت من نفط لتوليد الطاقة الكهربائية، سيرتفع بحلول عام 2030 إلى 700 ألف برميل يوميا، وأن الأرقام الصادرة عن وزارة الكهرباء الكويتية تشير إلى أن الاستهلاك اللازم لتغذية محطات توليد الطاقة وتحلية المياه، قد يصل بحلول العام المذكور إلى 900 ألف برميل يوميا. وذكر التقرير الصادر من مجلة "ميد" أن هناك خوفا من أن يتسبب هذا الارتفاع فى الاستهلاك إلى تقليص الكميات الممكن تصديرها من النفط الخام الكويتي، الأمر الذي سينعكس في النهاية سلبا، على حصة الفرد الكويتي في الناتج المحلي الإجمالي. وحتى المملكة يُتوقع أن تضاعف قدرتها لتوليد الكهرباء بحلول عام 2030م، مما يعنى أن استهلاك النفط لتوليد الكهرباء سيرتفع ارتفاعاً كبيراً إن لم تتوفر بدائل أخرى لتوليد الطاقة كاستغلال المصادر البديلة، من شمسية ونووية. ولذلك بدأ صندوق النقد الدولي في تقاريره، يحذر من عواقب الدعم الكبير الذى تقدمه دول الخليج للطاقة، والذى سيؤدى حتماً إلى زيادة الاستهلاك غير المسؤول، وسيؤثر سلباً على الاقتصاد بشكل عام. ولذلك فهو يشجّع ويدعم خطوات خفض الدعم، وعلى سبيل المثال، أشار الصندوق فى أحد تقاريره أن حكومة الكويت، بدأت خفض بعض المدفوعات التي تقدّمها للدعم، وبلغت مرحلة متقدمة من إعداد خطة لخفض الدعم على الكيروسين والكهرباء. أي ما يقارب ربع الإنفاق الحكومي المتوقع في السنة المالية الحالية طبقا للأرقام الحكومية. وحذّر الصندوق من أن هذا الإنفاق ينذر بتسجيل عجز في ميزانية الدولة في وقت لاحق من العقد الحالي، رغم ما تتمتع به الكويت من ثروة نفطية هائلة. وتدرس الحكومة الكويتية حالياً وبشكل جاد، وقف دعم وقود الديزل الذى يُتوقع أن يوفر حوالي مليار دولار سنويا، لاسيما وأن الجهات المستهدفة من دعم الديزل في محطات التجزئة لا تستفيد منه، بما يجعله عرضة للاستغلال في أهداف أخرى. وفي نفس الإطار قامت قطر مؤخراً برفع أسعار الديزل لخفض الدعم الحكومى.
إن الدول الخليجية مدعوة لترشيد استهلاكها للطاقة وتنويع مصادر الطاقة لديها وعدم الاقتصار على النفط والغاز. ويجب إعادة التفكير بدعم الطاقة من خلال تبنّى سياسات حديثة وعلمية تتماشى أكثر مع المرحلة الحالية. إن دعم الطاقة بشكله الحالى قد جعل من تهريب الديزل في المملكة والكويت أمراً مزعجاً للسلطات المختصة، وبدأ يؤثر على الطلب المحلى للوقود. ولذلك فإن الاستهلاك الكبير للطاقة بدأ يلقى بظلاله على هذه الدول إذ أصبحت الكويت والإمارات من الدول المستوردة للغاز الطبيعي المسال لتوليد الطاقة، وهذا يعني أنها لا تملك الكميات الكافية من الغاز الطبيعى لتوليد الطاقة المتنامية.