أظهر تقرير حديث أن أسعار السلع لا تزال ترزح تحت الضغط عبر كافة القطاعات؛ بسبب استمرار الدولار في الارتفاع، بينما لم تلق التوريدات المرتفعة في العديد من السلع الرئيسية، بدءاً بالطاقة ومروراً بالمعادن وانتهاء بالطعام ارتفاعاً مماثلاً في الطلب، في حين بقيت النظرة المستقبلية بخصوص النمو العالمي ضعيفة لا سيما في أوروبا والصين.
وأوضح التقرير الصادر عن «ساكسو بنك» أن عدة سلع مثل خام الحديد والنفط الخام والذهب سجلت انخفاضات قياسية جديدة في الوقت الذي يسيطر فيه المضاربون على حركة السعر حتى الآن، في حين اقترب مؤشر سلع بلومبيرج الخاص بعدد 22 من السلع الرئيسية من أدنى مستوى له في خمس سنوات، قبل أن يساعد الارتفاع الدراماتيكي في الغاز الطبيعي على إنعاش المؤشر.
وشكل قطاع المعادن الثمينة الضربة القاضية للأسبوع الثاني على التوالي مع استمرار بيع الذهب والفضة بعد الاختراق التقني تحت 1180 دولارا للأونصة على الذهب، في حين انخفضت كافة السلع الاستهلاكية يقودها السكر؛ جراء العرض الوفير، بينما أدى الدولار القوي بالإضافة إلى زوال تفوق الإيبولا إلى هبوط الكاكاو إلى أدنى مستوياته في ستة أشهر.
وانخفضت الحبوب كذلك الأمر بعد خمسة أسابيع من الأرباح؛ نظراً لبدء التوريدات الأمريكية القياسية في ضرب السوق في الوقت الذي توقعت فيه منظمة الزراعة والغذاء التابعة للأمم المتحدة بأن يصل الاحتياطي العالمي من الحبوب إلى أعلى معدلاته في 15 سنة، خلال عامي 2014/2015، مما قد يؤدي إلى فرض ثقل على سعر المحاصيل الرئيسية كالذرة والقمح.
ومن المتوقع أن يضرب تيار هوائي قوي أو دوامة قطبية الولايات المتحدة في الأسبوع القادم؛ مما قد يتسبب في انخفاض درجات الحرارة تحت معدلها الطبيعي، بست درجات مئوية على الأقل، وبالتالي زيارة الطلب على الغاز الطبيعي بصورة حادة بوصفه يستخدم في تدفئة نصف المنازل في الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من تعويض معظم الغاز الذي تم استهلاكه خلال برد الشتاء القارس، إلا أن عودة الطقس البارد تحت المعدل الطبيعي يثير المخاوف حول تكرار الشتاء الماضي مرة أخرى.
ورزح النفط الخام تحت ضغط بيع متجدد مع استمرار ارتفاع العرض أسرع من الطلب، حيث قلصت منظمة الأوبك، في كتابها توقعات النفط العالمية السنوي الذي تصدره، التوقعات بشأن المقدار الذي تحتاج المنظمة إلى توريده إلى عام 2035 منوهةً إلى أن ازدهار النفط الصخري المستمر وخصوصاً في الولايات المتحدة هو السبب الرئيسي وراء هذه التوقعات.
وعلى الرغم من ذلك، استطاعت أسعار خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت، إيجاد الدعم بسبب المخاوف حول قدرة ليبيا على الحفاظ على مكاسب انتاجها الحالي، بعدما توقف الانتاج من أكبر حقل نفطي لديها بصورة مؤقتة بسبب هجوم الميليشيات عليه، في حين ارتفعت المخزونات الأسبوعية في الولايات المتحدة في هذه الأثناء أقل من المتوقع؛ بسبب ارتفاع الطلب على المصافي، على عكس التوقعات، لأول مرة منذ شهر سبتمبر وربما تكون هذه أول إشارة على بدء الارتفاع الموسمي الأول في الطلب.
ويشكل الموعد النهائي للتوصل إلى اتفاق بين القوى الست الكبرى وإيران حول برنامجها النووي الذي يصادف في 24 نوفمبر تاريخاً مهماً آخر لأسواق النفط واتجاه السعر على المدى القصير، ويمتلك الرئيس أوباما، والذي يحتاج إلى قصة نجاح بعد الفشل في الانتخابات النصفية، حافزا قويا لدفع المفاوضات باتجاه نتيجة ناجحة، وبالتالي قد يتسبب رفع العقوبات المحتمل في زيادة حادة في الصادرات الإيرانية، بما أنها ستصر على استعادة حصة السوق التي خسرتها بسبب العقوبات المفروضة عليها منذ 2012.
ومن جهته، لا يزال الذهب المتداول بالدولار يعاني من التأثير المعاكس لارتفاع الدولار وهبوط أسعار الطاقة ومع هبوط أسعار السلعة، تهبط كذلك ضغوط التضخم. ومن أجل تجنب مصيدة الانكماش، فإن الزيادات في التيسير الكمي من أمثال البنك المركزي الأوربي وبنك اليابان تقدم مزيدا من الدعم للدولار. وأصبح ذلك الآن حلقة مفرغة يحاول الذهب والفضة الهروب منها مما أدى كنتيجة لذلك إلى هبوط المعدنين إلى أدنى مستوى لهما منذ 2010.
تسبب الشراء الفعلي من الصين في توقف انخفاض الذهب في الربع الثاني من السنة الماضية في نهاية المطاف، ولم نر لغاية الآن أية علامة على ارتفاع مماثل في الطلب مع ثبات أسعار العقود العاجلة في تداول بورصة شنغهاي للذهب بالنسبة إلى بورصة لندن مقارنة بالفرق الذي شهدناه الشهر الماضي، ودون حدوث ارتفاع في الطلب الفعلي، يبقى المضاربون هم من يمتلك زمام المبادرة تاركين احتمال الصعود محدوداً؛ نظراً لأن الانتعاشات ستكون بمثابة فرصة أخرى للبيع.