أكّد عميد الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود سابقًا الدكتور سعود الفنيسان أنّ السفر للخارج يعدّ حاجة للإنسان، ومن هنا فإنّه ينتقل من بيئة لبيئة جديدة مغايرة سواء في طريقة التعامل أو السلوكيات والعادات وفي طريقة التعليم، ومن أهمها تلك المتعلقة بسلوكه وأخلاقه. ومن هنا فإنّه من المتعين على المسلم في البلاد الأوروبية والخارجية - حسب الفنيسان - أن يختار الرفقاء والأصدقاء الصالحين أو أولئك الذين سبقوه من أهل الصلاح والخير وعادوا إلى بلادهم وكانوا ذوي سلوك حسن، بهدف التعرف على البيئة التي سيقدم إليها ذلك الشخص. مشدداً على أهمية ملازمة الطاعة والمحافظة على الصلوات خصوصاً أنّه ليس لدى المسلم من يعينه على أمور دينه، مشدداً - في نفس الوقت - على أهمية الإقبال على المراكز الإسلامية من قبلهم التي يلتقي فيها الشباب المسلم والأقليات الإسلامية لتكون بمثابة الحصانة الأخلاقية والسلوكية والثقافية للطالب.
ويرى الفنيسان أهمية أن يتزود الشخص بالأحكام الفقهية التي تهمه هناك وبما يعرف بفقه الأقليات، إذ إنّه من المهم أن ينضم إلى الأقلية المسلمة هناك، ويعرف الأحكام الفقهية المتعلقة بهم، فهي مدونة لدى المجمعات الفقهية ومتداولة في الكتيبات والنشرات، ويعتبر أنّ الأحكام الفقهية التي تهم المسلمين بالخارج لا شكّ في أنّها تدخل في إطار فقه الواقع والمتغيرات الذي هو أصل من الأصول التي تحتاجها المجتمعات، لأنّ الأحكام تتغير بتغير الزمان والمكان، مثل: قضية جمع الصلاة، وأحكام الصيام، والأطعمة من أهل الكتاب والمشركين والذبح الشرعي، وقضايا الاختلاط في التعليم، وغيرها من الأحكام الفقهية التي تهم المسلمين في أمورهم الحياتية هناك.
من جانبه يرى المفكر الإستراتيجي والباحث الإسلامي الدكتور جاسم سلطان، أنّ هذا الأمر يتعلق بثقافة المسلم ووعيه في البيئة التي سوف يذهب إليها من جانب، وجزء آخر يتعلق بالأحكام الشرعية التي اقتبسها وتربى عليها في مجتمعه التي لا تصلح للبيئة الجديدة التي انتقل إليها. ملمحاً إلى وجود كثير من الرسائل التي تصله متعلقة بمثل هذه الظاهرة والإشكاليات التي يواجهها المسلم في البيئة الجديدة التي انتقل إليها، مرجعاً سبب كثير من هذه الإشكاليات المطروحة إلى أنّ الشخص يذهب وفي ذهنه شحنة من الفتاوى المتعلقة بالطرف الآخر التي تدعوه إلى اتخاذ سلوك عدائي أو انسحابي، فربما ينعزل عن المجتمع ويخسر كثيرا من الفوائد التي من المفترض أن يكتسبها من المجتمع الجديد لينقلها إلى مجتمعه.
ويهيب سلطان بضرورة الاستفادة من تجارب المجتمعات الشرقية الآسيوية مثل:إندونيسيا وماليزيا التي تقوم بإصدار الأدلة والنشرات الإرشادية لمواطنيها قبل التوجه إلى أي دولة معينة. حيث تحمل هذه الإرشادات كل ما يحتاجه الشخص عن المجتمع الجديد الذي سوف يعيش فيه، مؤكداً أنّ المجتمعات العربية يذهب مواطنوها ومبعوثوها إلى الخارج وهم متواكلون فقط وليس بطرق منظمة ومرتبة، حتى يضمن للطالب أو الطالبة كيفية التعامل مع المشكلات ومواجهتها، وطرق التغلب عليها بأفضل الوسائل التي يمكن التعاطي من خلالها مع المجتمع.