أوضح الدكتور محمد النجيمي -عضو مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، والخبير بمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة، أثناء مشاركته في المؤتمر الطبي الذي عقد في مستشفى سعد التخصصي في الخبر- ضمن أنشطة حملة "خلونا نحييها" لتنشيط التبرع بالأعضاء، أن فيه أجراً عظيماً وهو من الصدقات ومن إحياء النفس (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً). الإسلام يعتني بالنفس المعصومة ويحيطها بسياج كبير من الضوابط والأحكام للحفاظ عليها، وهناك الأحاديث الكثيرة التي تبين فضل الصدقة الجارية ومنها التبرع بالأعضاء، وإذا صحبها توقيع على البطاقة الخاصة بها أصبحت وصية وصدقة، رغم انتشار ثقافة الوصايا العامة وبناء المساجد والأضاحي، إلا أن إنقاذ الأرواح من الهلاك أعظم أجراً مما سبق.
وأضاف النجيمي: وحيث بلغت اعداد المحتاجين للتبرع بالأعضاء 15 ألف مريض، فلا بد أن يكون للعلماء وأئمة المساجد والخطباء دور في دعم الفكرة، وعندنا من نصوص الشريعة ما يكفي لتعزيزه والحث عليه.
وأضاف: لقد أحرز الطب نجاحات كبيرة وقطع شوطاً طويلاً في عمليات الزراعة، ولكن الحاجة قائمة وفي تزايد، وأهم أسبابها عائدة إلى جانب اجتماعي أو شرعي، إذ صدرت فتاوى قديمة بالتحريم.
وأشار د.محمد إلى أن أهم مصادر التبرع عائدة إلى التبرع في الحياة، بما لا يضر صاحبه أو الوصية بذلك بعد الممات، ونظراً للضعف الحاصل في الحالتين يضطر الكثيرون إلى المساومة في شراء الأعضاء بمستشفيات جنوب آسيا أو الأسواق السوداء.
وقد اعتمد الفقهاء على جواز نقل الأعضاء وفق مبدأ شرعي مقرر هو (الاستحسان) بالعدول عن حكم مسألة عن نظائرها لدليل أقوى، فالإنسان من هذه الناحية مكرّم وجسده محترم، ولا يجوز له التصرف فيه بما يضره، لكن لما كانت المنفعة منه أكبر عدلنا عن الحكم الأول للثاني لمصلحة شرعية.
كما أضاف: كان للعلماء موقف في بداية ظهور عمليات التبرع بالأعضاء، ولكن جميع المجامع الفقهية في العالم وهيئات الفتوى في السعودية والكويت وأوروبا وأمريكا يرون جواز التبرع، وهي التي يطلق عليها "الاتفاق بعد خلاف" مثل سجائر الدخان في بداية ظهوره، إذ قال البعض إنها مباحة وآخرون حكموا بكراهته، وفي الوقت المعاصر تقرر تحريمه بدون أي رأي معارض.
وفي إجابته لسؤال من إحدى الطبيبات عن حدود إمكانية تبرع المرأة بأعضائها وارتباطه بموافقة زوجها، أبان د. النجيمي أن المرأة كاملة الأهلية في الشريعة، فلها حق التبرع والوصية والوقف دون موافقة وليها، سواء أكان بعد الوفاة أو أثناء الحياة، فهي تصرفات شخصية غير متوقف تنفذيها على موافقة خارجية تؤثر في إرادتها.
وأما عن موافقة الأهل بعد الوفاة، فهي متوقفة على الزوج، ولو كان المتوفى هو الابن، فالموافقة متوقفة على الأب لأنه صاحب الولاية.