كانت استضافة دورة الألعاب الأولمبية منذ فترة طويلة عملية مكلفة، ولكن هذا لم يعمل أبدا على إيقاف المدن في جميع أنحاء العالم من التنافس على استضافة الألعاب. وحيث ان خطط استضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022 جارية، فإن الناخبين في بعض المدن يعبرون عن شكوكهم حول ما إذا كان ضخ ميزانياتهم على أماكن خيالية يستحق العناء والنفقة. أحدث من سحب ترشيحه، في أكتوبر، كان أوسلو. هذا ما ترك بكين وألماتي في كازاخستان، ضمن المنافسة.
وكانت حوالي خمس أو ست مدن من التي تدرس عروضا لاستضافة الدورة قد شعرت بالذعر بسبب الرقم القياسي الذي أنفقته الحكومة الروسية على دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي والذي بلغ 51 مليار دولار. وكانت المطالب التعسفية من اللجنة الأولمبية الدولية مصدرا آخر للنفور. عندما سحبت أوسلو طلبها، نشرت الصحيفة النرويجية VG مقتطفات من كتيبات اللجنة الاولمبية الدولية للبلدان المضيفة تحت عنوان: «اللجنة الأولمبية الدولية تتطلب الشراب المجاني في الملعب وحفلة كوكتيل مع الملك» وأبرزت المقالة إرشادات تفيد أن حانة كاملة يجب أن تكون متوافرة في صالة الملعب خلال حفلي الافتتاح والختام. ولا بأس من تقديم خدمة الشراب فقط في أيام المنافسة. يجب أن يكون رئيس الدولة موجودا أثناء بدء المباريات. ويقول الدليل: «عادة ما يسبق الحفل بعض المقبلات ويليه حفل استقبال». كما أنه يوضح أن اللجنة الأولمبية في البلد هي التي يجب أن تتحمل نفقات الشراب في حفل الافتتاح. ويقول متحدث باسم اللجنة الأولمبية الدولية إن الدليل يتكون من اقتراحات، وليس متطلبات.
بدأت الثورة في عام 2011 في شمال إيطاليا وجنوب النمسا، عندما صوتت المجالس المحلية ضد محاولة استضافة الألعاب في دولوميت على جانبي الحدود. في مارس 2013، تراجعت سويسرا عن محاولة محتملة لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية لعام 2022 في دافوس، وانهار سانت موريتز عندما كان قد رفض اقراحا بالتصويت على التمويل في استفتاء عام. وتراجعت ستوكهولم عن سعيها لاستضافة الدورة لأنها تفتقر إلى الدعم السياسي. وانسحبت ميونيخ بعد أن قال الناخبون في كثير من الاستفتاءات لا. وانسحبت كراكوف في بولندا بعد الاستفتاء.
في النرويج، قرر الساسة الوقوف ضد محاولة استضافة الدورة بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي أن تأييد الرأي العام للألعاب ضئيل، والذي من شأنه أن يكلف ما يقدر بـ 35 مليار كرونر (4.9 مليار دولار). أراد قلة من المسؤولين أن يراهم الناس وهم يدعمون مشروعا يتطلب البنية التحتية التي كما قال كثيرون إنها تشكل آفة في المشهد الحضري بعد المباريات. تتبادر إلى الذهن، الأماكن المتآكلة للملاعب الاولمبية للتجديف والكرة الطائرة الشاطئية في كل من بكين وأثينا. وقال وزير المالية النرويجي سيف ينسن لوكالة أنباء NTB «هذا يبعث رسالة قوية جدا إلى اللجنة الأولمبية الدولية في أنها تحتاج إلى مزيد من التواضع وأن تكون أقرب إلى الناس في الألعاب الأولمبية في المستقبل».
يقول أندرو زيمباليست، أستاذ الاقتصاد في كلية سميث في نورثامبتون، ماساشوستس، إن النرويجيون اتخذوا أفضل قرار. وأضاف: «اللجنة الأولمبية الدولية تطلب الضخامة في الترف. لقد كانوا سعيدين تماما في السماح لهذه الدول بأن تتنافس من أجل التفوق على بعضها البعض». اعتبر زيمباليست أن دورة الألعاب الأولمبية الشتوية تولد إيرادات تبلغ 4 مليارات دولار، نصفها يتكون من عائدات البث ورسوم الرعاية التي تتقاسمها اللجنة الأولمبية الدولية مع المضيف. «سوتشي، أو الحكومة الروسية، ربما حصلت على حوالي ملياري دولار. أي نوع من الحساب هو ذاك؟» يسأل زيمباليست، الذي ألف كتابا بعنوان «السيرك الأكبر: المقامرة الاقتصادية وراء استضافة دورة الألعاب الأولمبية وكأس العالم»، المقرر صدوره في (فبراير). كذلك فإن استضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية هي مسألة أخرى. إنها تجلب المزيد من الأموال «5 مليارات إلى 6 مليارات دولار» والمزيد من الدعاية للمدينة المضيفة. لكنه يقول إنها لا تزال نادرا ما يستحق كل هذا العناء ماليا.
توماس باخ، المبارز الألماني السابق الذي أصبح رئيس اللجنة الأولمبية الدولية منذ عام، يعمل على تحقيق التغيير. يوم 8 ديسمبر صوتت اللجنة لإصلاح عملية تقديم العطاءات. لن تحتاج المدينة المضيفة الآن إلى بناء، لنقل، صالات القفز على الثلج إذا كان هناك بالفعل صالة جيدة في بلدة مجاورة، أو حتى في بلد مجاور. إن اللجنة الأولمبية الدولية تأخذ بعض تكاليف السفر العالية التي يكدسها وفود من مدن العطاءات والتي تكدس لاجتماعات عديدة مع اللجنة. كما صوتت أيضا لحظر التمييز ضد الرياضيين على أساس ميولهم الجنسية. دليل المبادئ التوجيهية بقي دون تغير.
في بعض المناسبات، أصبحت الألعاب الأولمبية أقرب إلى طبيعة الأنظمة التسلطية في بعض البلدان، والتي تستخدم الألعاب لتكون استعراضا لإنجازاتها. يجب إصلاح اللجنة الأولمبية الدولية، وهذا من شأنه أن يخفض التكاليف التي تستطيع اجتذاب العروض من الغرب مرة أخرى.