إنه منظر مهيب يشهد على عظمة الخالق تبارك وتعالى، إنه نوع غريب من أنواع الجبال يتميز بألوان متموجة مثل الأحمر والأبيض والأسود، دعونا نتأمل ونسبح الله تعالى ونر هذه المعجزة.
عندما بُعث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، لم يكن أحد في جزيرة العرب يعلم شيئاً عن أسرار الجبال أو تكوينها أو هندسة بنائها.. ولكن هذا النبي الأمي عليه الصلاة والسلام قد أنبأ عن الكثير من أسرار الجبال من خلال القرآن الكريم. هذه الأسرار لم تكن معلومة أبداً، وبخاصة الحديث عن ألوان الجبال!
فالجبال المعروفة في الجزيرة العربية لم تتصف باللون الأحمر مثلاً، ولم يكن في بلاد الشام أي جبال ملونة، بل كانت جبالاً صخرية أو كثباناً رملية، ولم يكن لدى أحد فكرة عن الجبال الملونة.
ولكن وفي العصر الحديث تم اكتشاف نوع جديد من أنواع الجبال يقع في الشمال والجنوب الغربي والجنوب الشرقي للصين. تتميز هذه الجبال بألوانها الحمراء والبيضاء وألوان أخرى وتتميز بنتوءاتها الحادة وتدعى Danxia landform وهي أنواع فريدة من الجبال تتميز بها هذه المناطق.
وتتكون هذه الجبال من رمال حمراء وحجارة كلسية تعكس اللون الأبيض، وتتجلى فيها تشكيلة من الألوان المختلفة والمتفاوتة والتي تجعل من هذه الجبال لوحة فنية رائعة تتجلى فيها قدرة الصانع عز وجل. يقول العلماء إن الدراسات الأولى على هذه الجبال أجريت في بدايات القرن العشرين ومنتصفه، حيث وجد أن هذه الجبال تشكلت قبل 80 مليون عام بطريقة خاصة ميزتها بالانحدارات الشديدة ذات اللون الأحمر. كما تشكلت أشكال أخرى ذات ألوان مختلفة كاللون الأخضر والأسود والأصفر. إن أهم ما يميز هذه الجبال أننا نظن أحداً رسم هذه الألوان والطرق المتموجة، وقبل أن نكتشف إعجاز القرآن في الإشارة إلى هذه الجبال، دعونا الآن نتأمل بعض هذه المناظر لسلاسل جبال من غرب وجنوب الصين، هذه اللوحات التي تدعو المؤمن لتسبيح الله.
والآن دعونا نذهب إلى كتاب الله ونتساءل: هل يمكن أن نجد حديثاً أو إشارة إلى هذا النوع من أنواع الجبال الملونة بالأحمر والأبيض والأسود وألوان أخرى مختلفة؟ دعونا نتأمل هذه الآية الكريمة:
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) [فاطر: 27-28].
من عجائب هذه الآية الكريمة أنها تصف هذا النوع من الجبال من حيث الشكل واللون، فهذه الجبال لها أشكال متموجة تشبه الطرق الملونة.. وتتميز بمنحنيات ومنحدرات كبيرة.. وهو ما عبر عنه القرآن بقوله تعالى (جُدَدٌ) والجدُد هي الطرائق التي تخالف لون الجبل، والغرابيب: شديدة السواد (القرطبي).. وفي قاموس المعاني: (جُدَدٌ) مفرد جُدَّة وجَدِيد: وهي العلامات والخطوط الظاهرة.
وبالفعل لو نظرنا إلى هذه الجبال من بعيد لرأينا طرقاً ملونة بألوان مختلفة وخطوطاً رائعة وظاهرة من بعيد، حتى يظن من لا يعرفها أن أحداً قد شق هذه الطرق داخل الجبال ولونها بشكل اصطناعي، مع العلم أن هذه الطرق ملونة طبيعياً ومن صنع الخالق تبارك وتعالى!
ويبقى السؤال: ألا تصور لنا هذه الآية بدقة ما رأيناه من جبال ملونة؟ وكيف علم حبيبنا صلى الله عليه وسلم بمثل هذه الطرق المتعرجة الملونة على هذه الجبال؟ وهل ذهب إلى الصين ورأى هذه اللوحات الرائعة؟ إن هذه الآية لتشهد على أن هذا القرآن هو كلام الله تعالى.