في الشهر الماضي دعت مجموعة علي بابا، التابعة لجاك ما، 1600 موظف سابق إلى مقرها في هانجزو في الصين. الاكتتاب العام الأولي للشركة، بقيمة 25 مليار دولار، جعل كثيرا منهم أغنياء، وحضهم جاك ما على إنشاء شركات من شأنها أن تكون مهمة ومفيدة على الأمد الطويل.
قالت سون شويهوا، التي عملت في علي بابا لمدة 10 سنوات: "كان يعلم أن كثيرا منا سوف يصبحون أغنياء، وأراد منا ألا نضيع مالنا. وطلب منا أن نتصرف بثرواتنا بطريقة مسؤولة."
وقد بدأت سون، البالغة من العمر 36 عاما، بالفعل. وسوف تنفق 5 ملايين يوان (804 آلاف دولار) لإنشاء شركة لتجارة التجزئة على الإنترنت، بحيث تصبح فردا من جيل من العاملين لدى علي بابا الذين حققوا ثرواتهم، وهم يضعون هذه الأموال في شركات ناشئة.
أخذت الصين تبرز على أنها منافس مشروع لوادي السليكون لتكون مركزا لصناعة التكنولوجيا، المدفوعة بالاكتتاب العام الأولي لشركة علي بابا، التي جمعت أموالا من الاكتتاب تفوق أية مبالغ في التاريخ. هذا العام جمعت شركات التكنولوجيا الصينية 30.3 مليار دولار في عمليات الاكتتاب العام الأولي، مقارنة مع 4.97 مليار دولار للشركات الأمريكية، وفقا لبيانات من تجميع بلومبيرج.
قال وانج هوادونج، وهو شريك في شركة ماتريكس الصينية في بكين، التي تتولى إدارة أصول بقيمة 1.2 مليار دولار: "اليوم تستطيع أن تتناول العشاء في سوق ليلية في هانجزو وتسمع الناس من حولك يتحدثون عن شركاتهم الناشئة. وأنت ترى موجة من الناس الذين يحاولون إنشاء شركاتهم الخاصة، في محاولة منهم للعثور على الفرصة الكبيرة."
تستفيد الشركات الناشئة الصينية من موقع الصين باعتبارها أكبر سوق إنترنت في العالم، حيث يوجد فيها 632 مليون مستخدم. في الأرباع الثلاثة الأولى من هذا العام ارتفعت استثمارات رأس المال المغامر في الصين إلى 8.1 مليار دولار، وهو يزيد على ضعف المبلغ الذي أنفق عن كامل عام 2013، ومقداره 3.5 مليار دولار، وفقا لشركة إرنست أند يونج. وتأتي مباشرة بعد الولايات المتحدة، التي بلغت استثمارات رأس المال المغامر فيها 37.3 مليار دولار هذا العام.
موجة من عمليات الاكتتاب العام
تبرز مدينة هانجزو، التي يبلغ عدد سكانها 8 ملايين نسمة، باعتبارها أحدث مركز تجاري نشط للتكنولوجيا في الصين، نتيجة الثروة التي أنشأتها شركة علي بابا، وهو ما يضعها في مصاف المراكز الأخرى في بكين وشنغهاي وشينزن. ارتفعت أسهم علي بابا بأكثر من 60 بالمائة منذ تعويمها، وهو ما يعطيها قيمة سوقية تزيد على قيمة جنرال إلكتريك.
قال جاني لي، وهو شريك في شنغهاي في شركة GGV Capital، إن هانجزو تشكل حوالي ثلث الاستثمارات العشرين التي قامت بها شركته في الصين هذا العام، مقارنة بشركة واحدة في السنة الماضية. يشار إلى أن GGV تتولى إدارة أصول بقيمة 2.2 مليار دولار، واستثمرت في علي بابا قبل تعويمها. تركز الشركات الناشئة بالدرجة الأولى على التجارة الإلكترونية، وعلى الخدمات القائمة في الموقع، وتمويل الإنترنت، وهي مجالات يتمتع فيها موظفو علي بابا بالخبرة، وفقا لما يقوله جاني لي.
تأسست علي بابا في 1999، وهي تعطي كثيرا من موظفيها أسهما في الشركة، في العادة على شكل خيارات للأسهم، أو أسهما مقيدة، والتي يستطيعون الاحتفاظ بها بعد خروجهم من الشركة. راشيل تشان، المتحدثة باسم الشركة، امتنعت عن التصريح بعدد الموظفين الذين تزيد قيمة أسهمهم على مليون دولار.
الأثاث على الإنترنت
كيو جينليانج، وهو موظف سابق آخر، يقول إن أسهمه تساوي الآن حوالي مليون دولار. وقد ترك علي بابا في أغسطس لتشكيل متجر لبيع الأثاث على الإنترنت.
ويقول كيو، الذي أمضى 9 سنوات في علي بابا: "شعرت بأن هناك فرصا أكبر موجودة أمامي خارج علي بابا." ومع ازدهار مشهد الشركات الناشئة المحلية، يقول إن "توقيت إنشاء شركة رائع الآن."
من جانب آخر، قال رتشارد جاي، الشريك المؤسس لشركة All-Stars Investment لرأس المال المغامر في هونج كونج، إن موجة التفاؤل الحالية يمكن لها أيضا أن تجعل الناس يتجاهلون خطر نشوء فقاعة إنترنت.
تدرك سون أن النجاح ليس سهلا. كما أن ثروتها الحديثة لم تجعلها تغير أسلوب حياتها. فهي ما تزال تتسوق بنفسها لشراء مواد البقالة، وتطبخ وتعتني بأطفالها.
وتقول: "كنا أسعد حظا من الآخرين لأننا التحقنا بالشركة. هذا يعني فقط أن علينا أن نعمل بجد أكثر من الآخرين، وأن نستفيد من الفرصة التي حصلنا عليها."