لُغَـةٌ تتيهُ علـــى اللغــــاتِ بعِــزِّها أَزْمَـــانــا
تزدانُ بالــوحيينِ تسمــو رِفعــةً وبيـــــــــانــا
تــاجٌ علــى رأسِ اللغــــاتِ تألَّقــتْ عُنــــوانـا
من نبــعِهَا روتِ البلاغــــةُ ألْسُــنـًا وجنــــانـا
فتربَّعتْ فوقَ البــيــانِ تُثبِّــتُ الأركـــــــــــانـا
"اقرأ" أتتْ أولـــــى الأوامــرِ زيَّنـتْ قُرآنــا
وكــــذا الحديثُ بِعذْبِهَا قــــدْ عطَّـــر الأكوانـا
قـــرأ الحبيبُ مــــردِّدًا ليعـــلِّمَ التـبـيــــــــــانَـا
غَمَرَتْ ربــوعَ العالمـــين بلفظــــها إحسانــــا
عِلمًــا وفضلًا بالهدايــــــــةِ قد روتْ ظمآنــا
عربيـــةٌ لغتــي أَهيـــمُ بعشقــها نشـــوانــــا
فحروفُها سكنــتْ كِياني أَحْيَتِ الـوجـــــدانـا
وسرت دمــاء في عروقي تعزف الألحــانــا
في كلِّ حرفٍ خافقي أثــــرى بهــا دُنيـــانــا
بِحضـــارةٍ روتِ المآثـــرَ من جميلِ خطانـا
عجــزَ المَقــامُ إذا أردتُ لمدحِــهـا إعــلانــا
حُبِّـي لها تركَ الهوى في دهشــــةٍ حيرانــا
"أَلِفٌ" أَلِفْتُ الحــبَّ في جنباتــهــا ألــوانــــا
"بَــاءٌ" بدأتُ العشقَ حيـــنَ قـرأتُهــا ولهانــا
"تَاءٌ" تَلوْتُ الذكرَ فـــــي إعجـازها قُــرآنَــا
"ثَاء" ثِمَــارٌ أَثْقَلَـــتْ بفصيحــــها أغصانـــا
"حَاءٌ" بِهَــا حُكمَاؤُنَــا كَمْخَلَّدُو ذِكْـــرَانـــا
"جِيمٌ" جَمَالٌ في الخيـــالِ يُلاطِفُ الإِمْعَانـــا
و"الصَّادُ" صوتٌ للمدى كي يُوقظَ الوسنانــا
"مَيمٌ" مَــلأتُ السَّمْــعَ مِن أشعــارِها ريـانــا
"نونٌ" نثرتُ القولَ من أزهارِها ريحـــانـــا
وكذا الحــروفُ جميعُـها كـم تَفْتِنُ الفتَّـــانـــا
وتُعانــقُ الفـكـرَ الجميـــلَ برسمهــا تحنـانــا
والنَّفــسُ تعشـقُ لفظَـــهــا فيشنِّــفُ الآذانـــا
فــالنثرُ يسجــعُ رقــــــــةً ببديـعـهِ مــزدانــا
والشِّعرُ يُطْــــرِبُ أنفسًا ويداعـبُ الأوزانــا
والضَّـــــادُ ممتنـعٌ ومستعصٍ يــــردُّ لسانـا
إلا لســــانَ الْعُرْبِ عاهــــــدَهُ فلا يتــوانى
عينُ اللغاتِ وسمْعُهَا قــــــــادتْ لهَا أركانـا أمسيتِ دُرًا زيَّــــــنَ الهاماتِ والتيجــــانـــا
أمسيتِ نُـــــــــــورًا للغــات بعينها "إنسانا"
وبقيتِ غيــثًـــا للعروبـــــة بالنَّدى هتَّــانــــا
تفنى اللغــــاتُ وأنتِ باقيةٌ إلــــى أُخْرَانـــا
مِنِّي الســـلامُ حبيبتي محفـــوظةً بِرُبـَــانــــا
حُفظَ الكتابُ كذاكَ حــافظُكِ لنــــا مولانــــا