لا تزال الأسواق الشعبية القديمة بمنطقة الباحة تحتفظ بنكهتها وطابعها الخاص، رغم وجود المحال والأسواق الحديثة، إلا أنها مازالت محتفظة بمكانها في قلوب الكثير من أهالي المنطقة أو الذين يأتون من خارجها نظراً لخصوصية معروضاتها, التي تحكي الكثير من تراث المنطقة الذي صنعه الآباء والأجداد. ويعد سوق "السبت" بمحافظة بلجرشي من أشهر أسواق المنطقة الذي يعود تاريخه إلى ما يزيد على مائة عام، ويقع في مكان متسع من الأرض تحيط به الدكاكين الصغيرة المخصصة لبيع القماش والحلي والعطور ولوازم النساء، إلى جانب بيع الجنابي والسكاكين وأخرى للصاغة من تجار الحلي . فيما لا يزال السوق يقام في موعده من كل أسبوع ويبدأ في الصباح الباكر من يوم السبت حتى وقت الظهر ، ويعرض السوق الذي يرتكز على الباعة من أهالي المحافظة، إلى جانب توافد العديد من الباعة من مختلف محافظات المنطقة ومن خارجها، منتجاتهم المختلفة من الفواكه والخضراوات والعسل والسمن والتمر والأواني النحاسية القديمة ومستلزمات النساء من حلى وملابس والمشغولات اليدوية، إلى جانب بيع وعرض أنواع من الطيور والماشية المختلفة.
كما يجد الزائر بائعي الكادي والريحان الذين لا يجدهم سوى في هذه الأسواق خصوصاً لما يتمتع به الكادي والريحان من إقبال, لرائحته العطرة التي كانت تستخدم كرائحة طيبة لتعطير الملابس في السابق، إلى جانب تجار السمن والعسل البلدي الذين يعرضون أجود أنواع السمن والعسل في هذا السوق . ويضم السوق عددا من البسطات النسائية التي تبرز الدور الحيوي للمرأة في السوق من خلال البيع والشراء وعرض ما تنتج وتصنع من السلع المصاغة والمنسوجة .
وفي جولة بسوق بلجرشي الشعبي تم استطلاع خلالها آراء بعض رواد السوق والباعة، حيث يقول محمد غرم الله الغامدي : "إن الأسواق الشعبية في منطقة الباحة أصبحت الآن تجتذب أكثر المتسوقين ومن مختلف الفئات، ويعود ذلك إلى رغبة المتسوقين في اقتناء البضائع التي تتسم بالأصالة والجودة العالية مقابل سعر في متناول الجميع . مشيراً إلى ما يتميز به سوق بلجرشي من معروضات ومنتجات متنوعة، بدوره أكد المواطن خالد بن راشد الغامدي, أنه يحرص كل يوم سبت على الحضور إلى السوق لمشاهدة معروضاته التي تحكي تراث وأصالة المنطقة . كما أنه يحرص على زيارة أغلب الأسواق بالمنطقة نظراً لتنوع معروضات تلك الأسواق. من جانب آخر تحرص المتسوقة أم عبدالله, على شراء ما تُريد من الأسواق الشعبية نظير الأسعار الرخيصة التي تميزها عن غيرها, التي تتناسب مع أصحاب الدخل المحدود . مشيرة إلى أنها تحرص على شراء بعض الأواني المنزلية والمشغولات والملبوسات النسائية، وبيّنت أم محمد أنها تبيع منتجاتها الحرفية وأشغالها اليدوية من الملبوسات النسائية وأدوات الزينة القديمة التي يكثر الطلب عليها من المتسوقين، مفيدة بأنها تحصل على دخل جيد يساعدها في قضاء حاجاتها والتزاماتها الأخرى .