قدم الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي والحكومة اليمنية استقالتهما مساء الخميس بعد التطورات السياسية والعسكرية التي شهدتها العاصمة صنعاء في الأيام الأخيرة. من جانبه رفض البرلمان استقالة الرئيس ودعا الى جلسة طارئة صباح الجمعة لبحث الازمة السياسية الحادة التي تعصف بهذا البلد، فيما ترددت أنباء عن نية الحراك الجنوبي لإعلان استقلال الجنوب عن دولة اليمن التي أعلنت عام 1990.
فيما قال مسؤول كبير من حركة الحوثيين عبر حسابه على موقع تويتر: إنه يرحب باستقالة الرئيس هادي.
وقال ابو مالك يوسف الفيشي في تعليق على الموقع: "استقالته فرج كبير للشعب".
وأمضى هادي شهورا في مواجهة بشأن أمور دستورية مع الحركة الشيعية وهي أقوى فصيل سياسي في البلاد.
وفي رسالة وجهها إلى البرلمان، أعلن هادي أنه قدم استقالته من "منصب رئاسة الجمهورية"، لكن البرلمان سرعان ما أعلن رفضه ذلك.
وقال مسؤول لفرانس برس رافضا كشف هويته: إن "مجلس النواب -ممثلا برئيسه يحيى الراعي- رفض استقالة الرئيس وقرر عقد جلسة طارئة صباح الجمعة".
وتأتي استقالة هادي بعد أن قدمت الحكومة اليمنية -التي تم تشكيلها قبل أقل من ثلاثة أشهر- استقالتها بعد أن استولت الميليشيات الشيعية "انصار الله" على مجمع القصر الرئاسي.
وقال المتحدث باسم الحكومة وهو يعلن هذا القرار: إن الاستقالة لا بد منها.
وفي رسالة الاستقالة، برر رئيس الوزراء خالد بحاح قراره بالقول: "حتى لا نكون طرفا فيما يحدث وفيما سيحدث، ولا نتحمل مسؤولية ما يقوم به غيرنا أمام الله وأمام الشعب".
وأضافت الرسالة: "إننا كحكومة كفاءات حاولنا ما أمكن أن نخدم هذا الشعب وهذا الوطن بكل ما استطعنا من قوة وعلم وكفاءة ومسؤولية وضمير".
وتابعت: "وعندما أدركنا أن هذا لا يمكن، قررنا أن نقدم استقالتنا لفخامة رئيس الجمهورية وإلى الشعب اليمني".
والاربعاء، بحث رئيس الحكومة أمر استقالته وترك مقر إقامته في وسط صنعاء حيث حاصرته الميليشيات الشيعية طيلة يومين.
بن مبارك
من جهة اخرى قالت وزيرة الإعلام في الحكومة اليمنية نادية السقاف اليوم الخميس: إن مدير مكتب الرئيس عبدربه منصور هادي ما زال مختطفًا لدى الحوثيين رغم الاتفاق الذي حقق مطالبهم من قبل الرئاسة.
وأوضحت السقاف في تغريدات لها بحسابها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن الدكتور أحمد عوض بن مبارك مدير مكتب الرئيس اليمني ما زال مختطفًا لدى الحوثيين بالرغم من الاتفاق الذي أعطاهم كل ما يريدون، مضيفة: «الكبار يتفقون والذين هم تحت ذلك يدفعون الثمن».
وتساءلت الوزيرة اليمنية قائلة: «كيف يمكن أن نقوم بأعمالنا كوزراء ورجال ونساء دولة إن لم نكن واثقين بأننا لن نختطف أو يتم الإساءة إلينا؟».
انسحاب مقابل الالتزام
من جانبه قال محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثيين: إن سحب المقاتلين وإطلاق سراح أحمد عوض بن مبارك مدير مكتب الرئيس والمحتجز لدى الحوثيين قد يحدث خلال يوم أو يومين أو ثلاثة إذا التزمت السلطات بتنفيذ بقية الشروط.
واعتبرت الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها جون كيري أن الرئيس اليمني هادي أُجبر على الموافقة على غالبية مطالب الحوثيين.
وقال كيري: «هناك معلومات متضاربة وكثيرة فيما يخص الوضع باليمن حيث جرت محادثات بين الحوثيين وحكومة الرئيس هادي، فالحكومة اليمنية استجابت لمعظم مطالب واعتراضات الحوثيين إن لم يكن جميعها، فالحوثيون أقروا أن الرئيس عبدربه منصور هادي ما زال رئيسًا لليمن».
اختفاء الجيش اليمني
ويطرح استيلاء الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء عددًا من الأسئلة حول فاعلية الجيش اليمني الذي اختفى أكثر من مرة من المشهد ليسلم مرافق الدولة للحوثيين.
وتتوزع ألوية الجيش اليمني ما بين ألوية المشاة والمدرعات والقوات الخاصة وألوية الصواريخ وسلاح الجو والقوات البحرية، غير أن غالبية ألوية هذا الجيش كانت تتوزع ما بين الحرس الجمهوري بقيادة أحمد على عبدالله صالح والفرقة الأولى مدرع بقيادة على محسن الأحمر.
وكان الحرس الجمهوري يضم 44 لواءً مهمتها حماية الرئيس السابق على عبدالله صالح والمقرات الرئاسية، لكن الرئيس عبدربه منصور هادي حلّ هذه القوات ووزعها على محافظات الجمهورية، لكنها ما زالت تحتفظ بولائها لصالح ونجله.
الفرقة الأولى مدرع تضم 32 لواءً أنهكتها الحروب الست مع الحوثيين ضعيفة التسليح، ويحاصرها الحوثيون في صعدة بعد أن استولوا على مقراتها في العاصمة. وهذه الفرقة تعرضت للتهميش في فترة حكم صالح، بينما كانت كل الأسلحة والمعدات العسكرية تذهب لقوات الحرس الجمهوري، وفي اليمن تعرف القوات التابعة لوزير الدفاع بالقوات النظامية وقوامها 14 لواءً. ويقدر عدد أفراد القوات الأمنية التى كانت متواجدة في صنعاء عندما دخلها الحوثيون بـ80 ألف عسكري موزعين على قوات الاحتياط المقدرة بستة ألوية، ثم أربعة ألوية تشكل قوات الحماية الرئاسية المسؤولة عن حماية الرئيس عبدربه منصور هادي، وقوات الأمن الخاص وجهازي الشرطة والشرطة العسكرية. وحسب بعض التقديرات فقد حشد الحوثيون 30 ألفًا لدخول العاصمة صنعاء، كما حشدوا ألفي عنصر للاستيلاء على القصر الرئاسي.
مطار عدن
وأفادت مصادر محلية في عدن بأن السلطات أعادت فتح مطار وميناء عدن التابعين لمحافظة عدن بعد يوم من إغلاقه احتجاجًا على اقتحام الحوثيين دار الرئاسة ومنزل الرئيس اليمني بصنعاء.
وأضافت المصادر إن «قرار إعادة فتح المطار والميناء جاء بتوجيهات من اللجنة الأمنية العليا في عدن بعد أن تم التوصل إلى حل للأزمة في صنعاء بين الحوثيين والرئاسة».
اشتباكات
ميدانيًا قتل يمني وأصيب ستة آخرون أمس الخميس في اشتباكات بين مسلحين قبليين وحوثيين في منطقة محاذية لمحافظة مأرب شرقي اليمن.
وقال مصدر قبلي يمني طلب عدم ذكر اسمه: إن مسلحين حوثيين حاولوا اقتحام معسكر اللواء السابع حرس جمهوري في منطقة الوتدة التابعة إداريًا لمحافظة صنعاء والمحاذية لمحافظة مأرب ما أدى إلى اندلاع اشتباكات مع مسلحين قبليين أسفرت عن سقوط قتيل وستة جرحى من مسلحي القبائل دون معرفة ضحايا مسلحي الحوثي.
وأشار إلى أن الاشتباكات بين الطرفين ما زالت مستمرة حتى الآن دون أن يصدر أي تعقيب من قبل السلطات اليمنية حول ذلك.
وتشهد محافظة مأرب توترًا كبيرًا بين الحوثيين والقبائل في ظل أنباء تفيد باعتزام جماعة الحوثي دخولها على غرار صنعاء ومحافظات أخرى.
ورجح رئيس مركز أبجد للدراسات والتنمية الاعلامية فؤاد النهاري أن يقف الجيش على الحياد في حال اندلاع المواجهات بين الحوثي ورجال القبائل مستبعدًا إقحام الجيش.
القبائل تحشد
وتحشد القبائل في مأرب رجالها في منطقتي «وادي نخلا وهو موقع يبعد نحو تسعة كيلو مترات من جهة الغرب عن مدنية مأرب عاصمة المحافظة، وكذلك منطقة «السحيل».
وأكدت مصادر قبلية لـ«اليوم» أن وادي نخلا بات معسكرًا تحشد قبيلة عبيدة كبرى قبائل المحافظة أبناءها مع أسلحتهم في استعداد لمعركة مع مسلحي الحوثي، بالإضافة إلى بضعة آلاف من القبائل الأخرى وأبناء القبائل من محافظتي الجوف والبيضاء.
وبحسب تلك المصادر فإن أغلب أبناء قبيلتي عبيدة ومراد وهما أقوى المكونات القبلية في محافظة مأرب ترفض دخول جماعة الحوثي أراضيها، وتتوعد بقتال شرس مع مسلحي الجماعة القادمين من محافظات صنعاء وعمران وصعدة وذمار.