خالف رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قواعد البروتوكول واستقبل الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالأحضان لدى هبوطه من الطائرة في نيودلهي، الأحد، وذلك في إشارة إلى عزمه تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة. وبعد هذا الاستقبال الحافل، بدأ أوباما ومودي قمة أمس، لبحث سلسلة من الاتفاقات الثنائية يأمل الجانبان أن تؤسس شراكة استراتيجية دائمة. وفي أعقاب غداء عمل تناول فيه الزعيمان الكباب المطهو بالأعشاب والبهارات بدأ الزعيمان المحادثات لوضع اللمسات النهائية على اتفاقات تتعلق بتغير المناخ والطاقة المتجددة والضرائب والتعاون الدفاعي. وحتى قبل أول اجتماع رسمي بين الزعيمين ذكرت وسائل إعلام هندية أن المفاوضين توصلوا إلى اتفاق بشأن التجارة النووية السلمية.
ورفض البيت الأبيض التعليق على التقارير، وقال المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الهندية: "نتمنى التوصل إلى نتيجة إيجابية في نهاية الأمر."
وقبل مغادرته واشنطن، عبر اوباما عن قناعته بأن العلاقات بين الولايات المتحدة والهند ستكون "واحدة من أهم الشراكات الكبيرة في القرن الحادي والعشرين".
وفي مقابلة صحفية قبل الزيارة إلى الهند، قال أوباما: إن الظروف مناسبة لتمكين الولايات المتحدة والهند من تشكيل شراكة عالمية. وصرح اوباما لمجلة "أنديا توداي" أنه يأمل في تحقيق "تقدم ملموس" مع مودي حول عدد من القضايا. وتابع في المقابلة التي جرت عبر البريد الالكتروني: "نحن شركاء طبيعيون. ونحن دولتان ديموقراطيتان عظميان، قوتنا متجذرة في قدرات وإمكانيات مواطنينا. وبوصفنا مجتمعات تشجع ريادة الأعمال، فنحن قادة عالميون في الابتكار والعلوم والتكنولوجيا". وأضاف: "ولهذا السبب، فإنني عندما خاطبت البرلمان الهندي في زيارتي الأخيرة (في 2010)، حددت رؤيتي حول كيف يمكن أن نصبح شريكين عالميين يواجهان تحديات عالمية .. وأود أن أعتقد أن الظروف مناسبة أخيراً لتحقيق الرؤية التي حددتها". وسيكون أوباما أول رئيس أمريكي يحضر عرض يوم الجمهورية في الهند، وهو استعراض للقوة العسكرية ارتبط منذ فترة طويلة بالعداء للأمريكيين خلال الحرب الباردة، كما سيشارك مودي في تقديم برنامج إذاعي. ويمثل وجود أوباما خلال العرض، اليوم الإثنين، بناء على دعوة شخصية من مودي -الذي كان حتى العام الماضي شخصاً غير مرغوب فيه في واشنطن- أحدث انتعاشة في علاقة متقلبة بين أكبر ديمقراطيتين في العالم والتي وصلت لمستويات متدنية قبل عام فقط. وقال أوباما خلال حفل استقبال في القصر الرئاسي، حيث استعرض حرس الشرف وأطلقت له 21 طلقة تحية: "هذا شرف كبير. نشعر بامتنان لهذه الضيافة الرائعة". وحيا مودي أوباما وزوجته ميشيل عند مدرج المطار لدى نزولهما سلم طائرة الرئاسة في صباح شتوي غائم. وتعانق الزعيمان عناقاً حاراً.ووفقاً للبروتوكول الهندي لا يستقبل رئيس الوزراء الزوار الأجانب لدى وصولهم بل يرحب بهم في مراسم رسمية في القصر الرئاسي. وذكرت تقارير إعلامية، أنه تم نشر نحو 40 ألفاً من قوات الأمن لتأمين الزيارة وتركيب 15000 كاميرا مراقبة جديدة في أنحاء العاصمة. وتعتبر الولايات المتحدة الهند سوقاً واسعة وقوة مضادة محتملة للنفوذ الصيني القوي في آسيا، لكنها كثيراً ما تشعر بخيبة أمل بسبب بطء وتيرة الإصلاح الاقتصادي وعدم الاستعداد للوقوف إلى جانب واشنطن في الشؤون الدولية. وتود الهند أن ترى موقفاً أمريكياً جديداً بالنسبة لباكستان. وأضفى مودي الذي انتخب في مايو الماضي، حيوية جديدة على الاقتصاد والعلاقات الخارجية، وبدأ في التصدي للتواجد الصيني المتزايد في جنوب آسيا، وهو أمر يسعد واشنطن.
وينظر إلى التجارة المتبادلة بين الجانبين، والتي يبلغ حجمها 100 مليار دولار على أنها أقل بكثير من المستوى الممكن وتريد واشنطن زيادتها خمسة أضعاف ما هي عليه. وقال البيت الأبيض: إن أوباما سيختصر زيارته للهند للتوجه إلى السعودية، بعد وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله - بدلاً من زيارة مزمعة لتاج محل. ومثل أوباما، خرج مودي من منزل متواضع ليدخل ضمن النخبة السياسية التي كانت تهيمن عليها العائلات القوية. ويقول مساعدون: إن علاقة صداقة نشأت بين الرجلين في واشنطن في سبتمبر عندما أخذ أوباما مودي إلى النصب التذكاري لمارتن لوثر كينج المدافع عن حقوق السود والذي استوحى نضاله الحقوقي من المهاتما غاندي. وهذا "التوافق" لافت للنظر لأن سياسات مودي تقع إلى حد كبير على يمين سياسات أوباما ولأنه كان ممنوعاً من زيارة الولايات المتحدة لقرابة عشر سنوات بعد أعمال الشغب التي وقعت بين الهندوس والمسلمين وأسفرت عن سقوط قتلى في ولاية هندية كان يحكمها مودي. وكان أوباما - أول رئيس أمريكي يزور الهند مرتين وهو في السلطة - يرتبط بصداقة وثيقة أيضا مع سلف مودي مانموهان سينغ.