أكد الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار, أن المملكة تحظى بمكانة مرموقة وحضور كبير وفاعل على المستوى العالمي، مشيراً إلى أن ذلك يعود إلى سياسة المملكة المستقرة ومبادئها الثابتة عبر السنين، وما تميزت به من ثقل سياسي واقتصادي وثقافي وحضاري.
وقال سموه في تصريح صحفي بعد مشاركته اليوم في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الأول للسياحة والثقافة الذي تنظمه منظمة السياحة العالمية, ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونيسكو"، في مدينة سيام ريب بمملكة كمبوديا : "وجدنا اهتماماً كبيراً بحضور ومشاركة المملكة في هذا المؤتمر الدولي الهام، وأعطيت المملكة حضوراً رئيسياً في الجلسة الافتتاحية، حيث أننا نمثل دولة ذات ثقل، ونقدم مشروعاً متطورًا للعناية بالتراث الحضاري ويندمج مع مشروع للسياحة القيمة" .
وأشار إلى أن تجربة المملكة في مجال التراث الوطني والسياحة الثقافية ثرية وغنية، مؤكدًا أن توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - تركّز بشكل كبير على استعادة المكانة لتراثنا الحضاري، والاهتمام بالمواقع التاريخية، ومواقع الوحدة الوطنية، ومواقع الحضارات المتعاقبة، وفي مقدمتها الحضارة الإسلامية .
وكان الأمير سلطان بن سلمان قد ألقى كلمةً في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر, أكد خلالها أن المملكة تشهد في عهد خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - أكبر مبادرة للعناية بالتراث الحضاري الوطني، مشيرًا إلى أن خادم الحرمين الشريفين يعزز بناء ما قدمه أسلافه - رحمهم الله -، من اهتمام بتاريخ وحضارة جميع العصور التي شهدتها الجزيرة العربية .
وقال سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار : " إن المملكة تشهد حراكاً كبيراً في الحفاظ على التراث الحضاري والثقافي على مستوى الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية", لافتًا الانتباه إلى أن المملكة ليست طارئة على التاريخ, ولديها مواقع أثرية تمثّل الحقب التاريخية المختلفة، ومشيرًا إلى أن المملكة تقف على أرض تشكل نقطةً لالتقاء ثقافات وحضارات العالم، وموقعاً مهماً في التاريخ الإنساني .
وأضاف : " الموقع الاستراتيجي للمملكة اكسبها إرثًا متوسطاً بين ثقافات العالم, وخلق نوعاً من التمازج الثقافي بينها وبين الآخرين"، مشيرًا سموه إلى أن المملكة تشهد نموًا كبيرًا في علاقة السياحة بالثقافة، حيث وعت الهيئة أهمية التناغم بين الثقافة والسياحة منذ وقت مبكر، فخصصت مساراً واضحاً في الإستراتيجية الوطنية للتنمية السياحية - التي أقرتها الدولة عام 1425هـ - لسياحة التراث والثقافة في المملكة وسبل تنميتها وتشجيعها، خاصةً وأن لدى المملكة مقومات كبيرة جدًا في هذا الجانب ولارتباط المواطنين - الذين هم المستهدف الأول ببرامج السياحة في المملكة - بتراثهم واعتزازهم بموروثهم الثقافي، إضافة إلى أن السياحة الثقافية تعد أحد أهم الأنماط السياحية في العالم التي تحظى بإقبال كبير من السياح.
وأبان سموّه أن التنوع الثقافي المحلي في المملكة مذهل, ويتم استثمار هذا التنوع لتطوير منتجات سياحية ثقافية ستحقق تنمية اقتصادية محلية.
وقال : " إن التراث يشكل صناعة متكاملة خاصةً في مجال التراث العمراني والحرف والصناعات اليدوية، وقد انتقلنا من مجرد حماية التراث الوطني إلى المحافظة عليه وتنميته تنمية مستدامة، كما أننا ننطلق من تنمية القاعدة المجتمعية المحلية, ونرى أن التراث الوطني يمكن أن يسهم في التنمية المحلية المستدامة وهو ما نعمل عليه بإصرار لثقتنا أن هذه التنمية ستوفر عددًا كبيرًا من الوظائف في كل منطقة وستحقق التنمية المتوازنة المستدامة " .
وتطرق سمو الأمير سلطان بن سلمان إلى ما تشهده المملكة في السنوات الأخيرة من فعاليات تراثية وثقافية مميزة خاصة تلك التي تقام في المواقع التراثية، مشيرًا إلى أن عودة الحياة لمواقع تراثية مهمة, أعاد مكانة تلك المواقع إلى قلوب المواطنين والأجيال الجديدة منهم بوجه خاص، إضافة إلى ما تحققه من عوائد اقتصادية .
وقال : " يجب أن يتناغم المكان مع التجارب اللا مادية الأخرى التي تعطي الأماكن التراثية معنى وتجعلها جاذبة سياحيًا "، مشيرًا إلى أن التركيز يجب أن ينصب على إعداد الشباب الذي يؤمن بتراثه الوطني كي يعمل على توظيفه واستثماره .
وتناول سموه جوانب من برامج ومشاريع التراث الوطني في المملكة، لافتاً الانتباه إلى توقيع عقد تأسيس الشركة السعودية للضيافة التراثية المقرّة من الدولة, والتي تمثل مرحلة جديدة من دعم الدولة واهتمامها بالاستثمار في مواقع التراث, ترسيخًا لأهميتها في الذاكرة الوطنية، ولتحويلها إلى قطاع اقتصادي منتج، وقد سبقه عددٌ من القرارات الهامة تعكس اهتمام الدولة ودعمها ورعايتها للتراث الوطني, ومن أبرزها إقرار مشروع العناية بالتراث الحضاري، ونظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني وغيرها.
يذكر أن معالي رئيس وزراء مملكة كمبوديا, قد افتتح المؤتمر صباح اليوم الأربعاء بحضور (41) وزير سياحة وثقافة من (38) دولة، وبحضور (1107) مشاركين من (99) دولة في الجلسة الافتتاحية.
وتشارك المملكة ممثلة في الهيئة العامة للسياحة والآثار, ووزارة الثقافة والإعلام, في المؤتمر الأول للسياحة والثقافة الذي يستمر ثلاثة أيام.
ويرأس وفد المملكة في المؤتمر صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، حيث يشارك سموه كمتحدث رئيس في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، كما يشارك سموّه في الجلسة الوزارية للمؤتمر مع أكثر من (40) وزيراً للسياحة والثقافة من مختلف أنحاء العالم.
ويعدّ هذا المؤتمر نتاج تعاون دولي هو الأول من نوعه بين منظمة السياحة العالمية ومنظمة اليونيسكو, ويجمع عدداً من وزراء السياحة والثقافة، والمستثمرين ورجال الأعمال من جميع أنحاء العالم.
ويهدف المؤتمر إلى تعزيز مجالات السياحة الثقافية المستدامة، وتطوير نماذج جديدة منها، وسيتناول مجموعة من الموضوعات المتعلقة بالسياحة الثقافية، إضافة إلى بحث سبل تعزيز التعاون بين الدول في المجالات المرتبطة بقطاعي السياحة والثقافة، وتوفير فرص العمل، وحماية التراث الطبيعي والثقافي، ومناقشة كيفية استثمار قطاعات السياحة والثقافة في الحد من الفقر.