دعا كتاب الرأي في صحيفة «اليوم» الجهات الحكومية المعنية بشباب الأعمال إلى إنقاذ المشاريع الناشئة من التعثر وتذليل التشريعات الطويلة المعقدة قدر الإمكان؛ كي لا تسهم في إحباط الشباب القوة الاقتصادية المحركة للاقتصاد الوطني. وأشار الكتاب في آخر حلقات ملف «اليوم» الشهري السابع «شباب الأعمال .. قوة اقتصادية غير مفعلة» إلى أن نسب الإنجاز والنجاح في مشاريع الأعمال الشبابية غير مرضية قياسا على واقع السوق لا الإعلانات وبهرجة المناسبات، مشددين على أن «الكثير من المشاريع الشبابية معطلة؛ لاصطدامها بشروط البلديات ومكاتب العمل فلا فرق بين شركة عامة كبرى في الاشتراطات وبين «بقالة» صغيرة استحدثها شاب متحمس يسعى لتأمين المستقبل». وأضافوا: «اقتصادنا الوطني لكي يتميز محليا وينافس عالميا لا بد -عاجلا غير آجل- من أن يفتح المسارات لشباب الأعمال؛ ليقوموا بدورهم في زمن اقتصادي لا يعترف إلا بالأفكار الرائدة والتحدي الدائم والتنافسية العالية». وبينوا أن سر نجاح شباب الأعمال يكمن في النبوغ والذكاء والطموح وروح المنافسة والمبادرة والتفكير والشغف وإنشاء الشركات التي تعتمد على الإبداع والابتكار، لافتين إلى أن معظم هذه الصفات لا تتوافر إلا لدى شباب الأعمال النابغين. وأكدوا أن شباب الأعمال يمثلون اليوم القوة الدافعة لأي اقتصاد في العالم، ولا بد من تفعيل حركتهم بشكل إيجابي، مضيفين: «إذا ما سنحت لهم الظروف لإثبات أنفسهم على أرض الواقع فإنهم سيفلحون في منشآتهم الصغيرة والمتوسطة على أمل أن تكبر وتتوسع في المستقبل القريب». ونصحوا شاب الأعمال، قائلين: «فكر جديا في أن تتخلص من حصار قائمة الأفكار المهترئة والبالية: مغسلة، تموينات، حلاق، مطعم بروستد، محطة وقود وخياط! هذه القائمة في واقع الأمر أسهل طريق لأكبر احتمالات الإخفاق أو الاستسلام، والإخفاق يأتي من تراكم الديون بسبب سوء الإدارة، أما الاستسلام فيأتي بتقبيلها لمستثمر أجنبي.. يرغمك على الرضى بالكفاف». وأشادوا بفكرة «منح الشاب صاحب المشروع شهادة حاضنة أعمال»، مشيرين إلى أنه من شأن هذه الشهادة أن تكون وسيلة مساعدة لدخوله لأي مشروع مع الكبار.
محمد حمد الصويغ
شباب الأعمال وأهمية حلحلة أزماتهم العالقة
شباب الأعمال يمثلون -اليوم- القوة الدافعة لأي اقتصاد في العالم، ولا بد من تفعيل حركتهم بشكل إيجابي؛ حتى يؤدوا الأدوار المطلوبة منهم على خير وأفضل وأكمل وجه، فاذا ما سنحت لهم الظروف لإثبات أنفسهم على أرض الواقع فإنهم سوف يفلحون بإذن الله في منشآتهم الصغيرة والمتوسطة على أمل أن تكبر وتتوسع في المستقبل القريب. يبدو أن الفرص مواتية في المملكة لاستثمار جهود أولئك الشباب لتفعيل منشآتهم وتطويرها، وهذا التفعيل يستوجب من كافة المسؤولين تذليل بعض المعوقات والعراقيل التي تقف كحجر عثرة أمامهم وأمام طموحاتهم الكبرى، وأظن أن الغرف التجارية بالمملكة لا بد أن تلعب دورا رئيسيا في هذا المجال للاهتمام بالأجيال من الشباب الواعد وهم يبدأون في ممارسة أعمالهم، فثمة معوقات تقف أمامهم لا بد من حلحلتها ووضع السبل المناسبة لاحتوائها؛ حتى يتمكن أولئك الشباب من تطوير أعمالهم وتنميتها بما يتوافق -بأشكال إيجابية- مع التطورات الاقتصادية الهائلة التي تشهدها المملكة.
ولا بد من الاعتراف ضمنا أن العراقيل والعقبات التي تواجه المنشآت الصغيرة وأصحابها شباب الأعمال من الطاقات الوطنية التي يجب رعايتها والاهتمام بها تواجه مجموعة من الصعاب التي بالإمكان إيجاد حلول قاطعة لها لو وضعت الاستراتيجيات المناسبة لاحتوائها والتغلب عليها، ويبدو أن نسبة لا يستهان بأعدادها من المنشآت الصغيرة بدأت تتراجع وتضمحل في خضم تلك المعوقات وعدم الوصول إلى حلها بالطرق المناسبة.
والمعوقات كثيرة، لعل على رأسها صعوبة الحصول على التمويلات المطلوبة لإدارة المنشآت الصغيرة وتفعيلها، وهذه عقبة تواجه معظم شباب الأعمال بالمملكة، فأصحاب تلك المنشآت لا يملكون من الأرصدة المالية ما يسمح لهم البدء بمشروعاتهم الصغيرة، فعدم وجود التمويلات المالية يمثل أكبر العقبات أمام شباب الأعمال وهم يتطلعون لممارسة أنشطتهم بطريقة ناجحة، فالتمويل يعد من أهم الضرورات لأي مشروع صغير، والدعم المالي مطلوب لتشجيع الشباب على خوض غمار الأعمال الصغيرة التي يحلمون بنجاحها وتنميتها.
صحيح أن المشروعات الصغيرة الناشئة ذات مخاطر محتملة، وهو سبب قد يقف وراء رفض التمويل، غير أن من الخطأ الفادح أن يكون التشاؤم رفيقا لأي خطوة عملية ينتظر منها النجاح لاسيما بعد دراسة جدواها الاقتصادية، فالتحفظ دون الدعم قد يحبط شباب الأعمال ويزج بهم في أحضان الفشل والتوقف عن مواصلة تحقيق أحلامهم الصغيرة، ولا شك أن المصارف تتحمل جزءا هاما من الدعم لأولئك الشباب الساعين وراء تفعيل أعمالهم.
والإجراءات البيروقراطية المعقدة تجاه تلك الشريحة الطموحة من شرائح المجتمع ما زالت تؤدي -للأسف الشديد- إلى تعطيل وعرقلة المشروعات الصغيرة وتقف دون طموحات أصحابها وأحلامهم، وهذا أمر لا بد من تسويته بطريقة عقلانية وصائبة؛ حتى لا يتعرض شباب الأعمال إلى المزيد من الاحباطات التي تحول دون استمراريتهم في محاولة تشغيل منشآتهم الصغيرة بطريقة أفضل.
إن من الواجب تحميس شباب الأعمال وتحفيزهم للقيام بأعمالهم الصغيرة كما يجب أن يقوموا بها وعدم استنزاف جهدهم في دائرة «الروتين»، الذي قد يحول دون تمكنهم من رسم البدايات الأولى لمشروعاتهم، ومن ثم فإن النهوض بأفكار أولئك الشباب ومساعدتهم على تخطي كافة العراقيل والصعاب تمثل في مجموعها مطالب وطنية لا بد من تحقيقها على أرض الواقع؛ لتحفيز شباب الأعمال ومساعدتهم على تحقيق طموحاتهم المستقبلية التي يحلمون بتحقيقها، وليس من سبيل لدعمهم والأخذ بأياديهم نحو بلورة تلك الطموحات إلا بالعمل على دراسة السبل الكفيلة بحل كافة العقبات والعراقيل التي تحول دون البدء في قيام منشآتهم الصغيرة ومحاولة تفعيلها بأشكال تدريجية.
عبدالله صايل
شباب الأعمال.. كنز المجتمعات المنتجة
لا يصنع عُمق اقتصاد المجتمع سوى أفراده! وعليك أن تنسى تماما موضوع الراتب الحكومي إن كنت تريد فعلا إكمال قراءة هذا المقال، فما تتيحه دول الخليج لا يعدو كونه (اقتصادا ريعيا) يعتمد في التحصيل وآلية التوزيع على النفط أولا ولا غرو إن قلت أخيراً!، وقد تستثنى الإمارات العربية المتحدة الشقيقة جزئيا من هذا التصنيف؛ بسبب ما أنجزته في الجانب السياحي!
لا تستكثر على نفسك أن تعرف أن أمريكا بكامل هيبتها ما كانت لتصل إلى ما وصلت إليه لولا جهود بعض الشباب المهاجرين الذين أسسوا لمصانع ومزارع ومؤسسات صغيرة للمال والتجارة، لكنك يجب أن تقف لتتعرف على تفاصيل الظرف ومعطيات المحيط.
هناك قصص عظيمة انطلقت في عمر العالم الغربي الحديث من مرآب سيارة لا تدخله الشمس ولا كثير من نقي الهواء! ولكن كان هناك دوما خلف هذه القصص عقل أصابه ضياء التفكير.
فكر جديا في أن تتخلص من حصار قائمة الأفكار المهترئة والبالية: مغسلة، تموينات، حلاق، مطعم بروستد، محطة وقود وخياط! هذه القائمة يا شباب هي في واقع الأمر أسهل طريق لأكبر احتمالات الإخفاق أو الاستسلام، والإخفاق يأتي من تراكم الديون بسبب سوء الإدارة، أما الاستسلام فيأتي بتقبيلها لمستثمر أجنبي.. يرغمك على الرضى بالكفاف! هذا طبعا لا يلغي احتمالات النجاح الكامنة هنا أو هناك، لكنك اخترت منذ البداية أن تتنافس مع المئات ممن سبقوك لاستنساخ هذه المشاريع في مختلف شوارع مدينتك.
كمثال للتفكير من وحي المعاصرة والوعي الأشمل: في زمن التقنية كان لا بد من ظهور شاب مثل مارك زوكيربيرغ، مؤسس فيسبوك، وتربعه في الخانة الماسية ضمن قائمة أثرى أثرياء العالم، ثورة الإنترنت هي ما أدار رأس مارك، وليس الفكرة الدارجة بافتتاح مطعم بيتزا رخيصة المكونات بجوار مدرسة ثانوية أو جامعة. مارك انتبه للتالي: الاتصالات مكلفة على مجتمع الشباب، وهم عاشقون لا ريب لتناقل الصور الرقمية الخاصة بتدوين لحظات حياتهم، من هنا كان الرهان الداخلي في ضميره وضمير شركائه الشباب على نجاح الفكرة.. وهذا ما حدث!
من هم شباب الأعمال المعنيون بهذا المقال؟ هم شباب يفكرون خارج الصندوق عبر إيمانهم بمشاريعهم التي توفر خدمات ومنتجات جديدة لمجتمع متطور ومنتقل مع معطيات عصره والمستجد من ظروفه المحيطة، وهذه المشاريع الشابة يجب أن تسهم بدورها في دعم المجتمع عبر توظيف أبنائه وبناته والاستفادة من قدراتهم ومؤهلاتهم، الأمر الذي يقود تلقائيا لتحقيق الريادة لتلك المشاريع، وهذا بالضبط هو ما نحتاجه كي نتحول إلى مجتمعات منتجة قادرة على النهوض بالعبء الاقتصادي في بعده الاجتماعي والبعد النمائي.
قد تبقى هناك عوامل مثبطة ومنهكة لعزائم شبابنا وبناتنا، ومنها المركزية التشريعية والقوانين البالية وجهل هذه التشريعات بالأفكار الاستثمارية الجديدة حتى من باب تصنيف النشاط وتحديد فئته (مثال: الإنتاج الإبداعي لا خانة له حتى اليوم لدى وزارة التجارة أو حتى الثقافة ووصولا إلى هيئة الإعلام المرئي والمسموع)! ولكن يجب الاستفادة من المتاح وتطويعه قدر المستطاع لما تحب وما تبرع فيه، والتعرض لهذه الجزئية في هذا المقال هو لتنبيه الأجهزة الحكومية لتطوير تشريعاتها وأدائها الكلي بما يتماشى مع معطيات عصر أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي فيه وسيلة لتحقيق مستويات عالية جدا من الدخل.
الآلية الأمثل للتفكير في مشروعك القادم واستدامة نجاحه تتلخص في التالي: لديك فكرة منتج استثماري جديد، وهناك شريحة عملاء مستهدفة، كل ما بقي هو انطلاقك نحو عمل حقيقي لن يحتاج منك إلا المثابرة والكثير من الإيجابية واليقين.
نجاحك المنتظر سيكون ركيزة أساسية في بناء اقتصاد اجتماعي له عمقه المؤثر في حياة الكثيرين، والسؤال الآن: ألا يستحق هذا النجاح والأثر الناتج عنه أن تفخر بفكرتك وتبدأ بالانطلاق؟.
د. عادل رشاد غنيم
شباب الأعمال وقيم ضرورية للنجاح
الحديث عن شباب الأعمال يفتح طاقات الأمل في مستقبل واعد ويعمل على تمكين اقتصادي يعدد مصادر الثروة للبلاد. وتعتبر المشاريع الصغيرة من المجالات المتاحة التي يتجه إليها قطاع من شبابنا لخوض غمارها، ومواجهة تحديات كبيرة تتعلق بالتمويل والروتين الإداري والعمالة وغير ذلك.
لكن قلما نتحدث عن الثقافة والقيم الضرورية للنجاح في معترك الاقتصاد، ومنها روح المبادرة والمثابرة والإخلاص، ولعل ما يدور على أرض الواقع من عقبات مادية تجعل المستثمر يهمل هذا الجانب الذي يشكل هدرا ذاتيا للطاقات.
وهناك نماذج فذة قديما وحديثا تدل على تأثير القيم على نجاح أصحابها إلى جانب المهارات التي يتمتعون بها.
روى البخاري من حديث أنس رضي الله عنه، قال: قدم عبدالرحمن بن عوف المدينة، فآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، وكان سعد ذا غنى، فقال لعبدالرحمن: أقاسمك مالي نصفين وأزوجك، قال: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلوني على السوق، فما لبث أن تزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله: «ما سقت إليها؟» قال: وزن نواة من ذهب - قال: «أولم ولو بشاة».
يجب علينا أن نفكر ملياً في مقولة عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه (دلوني على السوق)، إنها كلمة قيلت في لحظات كان محتاجا فيها إلى المال بعد هجرته إلى المدينة تاركا ثروته وداره، لكنه لم يتقاعس عن العمل، إنما قال (دلوني على السوق)، ويعجب الإنسان من كرم سعد الذي فاق الحدود وعفة ابن عوف رضي الله عنهما التي لم تبتز هذا الكرم.
ولقد كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حريصا على تربية الناس على التعفف ونبذ الاتكالية وتشجيعهم على العمل المنتج، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ لَهُ: مَا فِي بَيْتِك شَيْءٌ؟ قَالَ: بَلَى، حِلْسٌ (بساط) يُلْبَسُ بَعْضُهُ، وَيُبْسَطُ بَعْضُهُ، وَقَعْبٌ (إناء) يُشْرَبُ فِيهِ الْمَاءُ، قَالَ: آتِنِي بِهِمَا، فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟» فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: «مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ» ؟ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا إيَّاهُ، وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ، وَقَالَ: «اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إلَى أَهْلِك، وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا، فَأْتِنِي بِهِ»، فَأَتَاهُ بِهِ، فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودًا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «اذْهَبْ فَاحْتُطِبَ، وَبِعْ، وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا»، فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ، فَجَاءَ، وَقَدْ أَصَابَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، فَاشْتَرِى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا، وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا خَيْرٌ لَك مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةَ نُكْتَةً فِي وَجْهِك يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إلَّا لِثَلَاثَةٍ، لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ».
لقد تحول هذا الرجل من سائل يسأل الناس إلى رجل يملك في خمسة عشر يوما عشرة دراهم بدأ يشتري بها لباسا وطعاما وما يحتاجه. وهكذا كان عليه الصلاة السلام يدرب الصحابة على التكسب ودخول الأسواق.
ومن النماذج المعاصرة الشيخ سليمان بن عبد العزيز الراجحي، الذي بدأ حياته العملية طباخا وحمالا، ليصبح اليوم واحدا من أهم رجال الأعمال، وحملت قصة كفاحه التي استمرت قرابة 80 عاماً في عالم التجارة الكثير من العبر، والدروس، والتي ترسم الطريق لكل باحث عن النجاح.
إنه الملياردير السعودي، الذي استطاع أن يبني إمبراطورية اقتصادية من خلال المشاريع التي طورها وجعلها من أفضل وأنجح المشاريع المتخصصة في نشاطها، ومنها «مصرف الراجحي» الذي يعد من أكبر الشركات المصرفية عربيا وعالميا.
يقول الراجحي: «إن رأس الإنسان هو كمبيوتر إذا ما استُخدم في التفكير الجاد والعمل الدؤوب، وقنوات العمل مفتوحة أمام الجميع تنتظر دخولها».
نعم (التفكير الجاد العمل الدؤوب) قيمتان لا بد منهما للعبور إلى النجاح، أما التعجل والكسل والتواكل فهي مثبطات للطاقات ومحبطات للجهود.
وأعجبني أن جائزة الملك سلمان بن عبدالعزيز لشباب الأعمال تمثل رؤية متطلعة إلى الريادة في تحفيز ودعم شباب الأعمال، وتجسد رسالتها تجذير ثقافة التميز وترسيخ روح المبادرة لدى شباب الأعمال والمساهمة في بناء جيل مبدع من قادة المستقبل الذين يساهمون في دفع واستمرار مسيرة التقدم والازدهار للوطن.
محمد الجلواح
شباب الأعمال.. قوة اقتصادية غير مفعّلة
عنوان المقال هو عنوان الملف الشهري الذي تعرضه جريدة «اليوم»، وقد استهوتني عبارة «شباب الأعمال»، إذْ تـَعَوّدْنا على قول وسمع عبارة «رجال الأعمال» و «سيدات الأعمال»..
والعبارة شابة.. كشباب، ولأنها كذلك، فالحيوية والنشاط والحماس والقوة مرتبطة بأبنائها، وبالتالي فلا غرو أن يكون هؤلاء الشباب قوة اقتصادية في أعمالهم.. أو هكذا ينبغي أن يكونوا..
حسناً.. نتجاوز الآن المقدمة اللغوية والمعنوية للعبارة وندخل في الموضوع..
هم قوة نعم؛ فقد أثبتت التجارب المتتالية للشباب في مختلف الأعمال والأنشطة التطوعية في المواسم المختلفة خلال العام، أنهم لا يقلّون نتاجاً وحضوراً وإبداعاً عمّن سبقهم في العمر والخبرة والتجربة.. وبخاصة حصادهم لجوائز المسابقات والأنشطة التي ينخرطون فيها، كما نشهد كل يوم بزوغ نجم شاب أو فتاة في ابتكار جهاز جديد أو برنامج أو غيره في مختلف التخصصات العلمية والفكرية والهندسية وغيرها..
وعليه، فإن اتجاه الشباب نحو الأعمال والمشاريع التجارية والاقتصادية، يُعدّ خطوة في الاتجاه الصحيح لبناء أنفسهم أولاً، ثم بناء وطنهم ومجتمعهم، فهم إذا أقبلوا بروح الحماس الشبابية التي لديهم فلا شك أنهم سيترجمون تلك القوة إلى واقع فعلي، متى ما توفر- مع الحماس- تخطيط صحي وسليم..
ولكن، كيف يتم تفعيل هذه القوة الاقتصادية الشبابية بين عدد قائم وفاعل وراسخ وقوي من القوى الاقتصادية الأخرى التي ثبّتت أركانها في السوق؟ وهل يأتي هذا التفعيل حكومياً أم أهلياً أم بهما معاً؟
لعل المنطق يذهب إلى أن (شباب الأعمال) لا بأس عليه أن يستفيد في بداية مشواره العملي والاقتصادي، من أي دعم حكومي أو أهلي، ليتمكّن من الوقوف على قدميه في مشاريعه..
هذا من جانبه، لكن من الجانب الحكومي.. فقد لا ترى الجهة المرجعية الرسمية أهمية دعم أو تفعيل المشاريع الشبابية لتخوّفها من النتائج، وعدم ضمان نجاح تلك الأعمال في بداية (مشوارها)، وإن كانت هناك تعليمات وتوجيهات صريحة من حكومتنا الرشيدة بدعم هذه الشريحة من الشباب لكن لم يتم تنفيذها وتفعيلها بالشكل المطلوب.
وقل الشيء نفسه في الجانب الأهلي، يعني، قد لا يغامر رجل أعمال متمكن وعريق، في دعم وتشجيع (شاب أعمال) يحاول أن يضع اللبنات الأولى في طريقه العملي.. للأسباب المذكورة نفسها..
طيب.. كيف يتم تفعيل ودعم تلك المشاريع الشبابية والحال تلك؟
أرى- وإن كانت خبرتي قليلة في ذلك- أنّ على الشاب ألّا ينتظر دعما أو تشجيعا من أحد.. ولا ينتظر (تفعيلاً) من جهة ما. بل يعتمد على (تفعيله) هو.. حتى وإن لم يحالفه النجاح في البدايات.. ومع ذلك فهذه بعض مشاريع (شباب الأعمال) المنبثقة من (المنشآت الصغيرة) بدأت تشق طريقها بقوة وجدارة وحضور قوي في مختلف الأوساط في بلادنا..
وقد لا أضيف جديداً عما تناولته ندوة (شباب الأعمال) الصحفية التي نشرتها جريدة (اليوم) في عددها الصادر يوم الإثنين الماضي (الحلقة الثانية) في ذكر المتاعب التي تواجه هذه الشريحة.. لكن الذي لفت انتباهي، هو التوصية الثالثة التي خرجت بها الندوة وهي (منح الشاب صاحب المشروع شهادة حاضنة أعمال)، فمن شأن هذه الشهادة أن تكون وسيلة مساعدة لدخوله لأي مشروع مع الكبار.
وبكلمة.. فإن القوى الاقتصادية تحتاج إلى قوى مختلفة- بغض النظر عن العمر أو الخبرة- لتدخل سوق التنافس وترسم خريطة اقتصادية مثمرة.
محمد المعيبد
شباب الأعمال والبناء الاقتصادي.. المنشآت الصغيرة
عندما يتبادر إلى ذهن أي فرد، البدء في مشروع استثماري صغير، يبرز له سؤال عن المجال والحجم المالي الممكن استثماره تحت هذا التصنيف المرن والمطاطي، لأن مبلغ 50 ألف ريال قد يكون صغيرا في تخصص، ومليون ريال قد يكون صغيرا في مجال آخر، وقد تصبح50 أو 100 مليون ريال صغيرة- هي أيضا- في المجالات الأوسع، وهذا ما نعنيه بالمرونة، بحيث تتشتت الأفكار وتنتهي إلى اليأس، لوجود كيانات اقتصادية كبيرة تغطي كل المشاريع المستهدفة، مما يجعل التصوّر هو عدم القدرة علي الصمود أمامها في أي مجال تطرقه.
وهذا الاعتقاد، فيه شيء من الحذر المحبط للعزيمة في اتخاذ القرار، حيث لو نظرنا إلى الأفق الأبعد لاتسعت الرؤيا وتعددت الأفكار وتنوّعت الأطروحات، فلو تمعّنا جيدا في هذه الكيانات الكبيرة لوجدناها هي المفتاح الحقيقي للمشاريع الصغيرة، وقد تكون هي الحاضنة لها، وهي التي سوف ترعاها وتنمّيها عكس التصوّر بأنها تنافسها.
فلو أخذنا بالقياس، مصانع السيارات وحددنا مدخلاتها في الإنتاج، لوجدنا مئات المواد من: حديد، ألمنيوم، جلد، بلاستيك، زجاج، قماش، مطاط، كهرباء من أسلاك، مفاتيح، بطاريات وفيوزات، وكذلك الميكانيكا ومشتقاتها من خراطة، كبس، فك وربط والبويات والزيوت، وغيرها الكثير التي تشكّل عناصر أساسية لاستكمال صناعة السيارة، وهي خارجة عن الأصل، وهو تصميم المحرك والهيكل العام للسيارة.
ومن مهمات المصنع، وضع المواصفات لتلك المدخلات، ليتم دمجها لتتواءم مع التصميم، ولهذا يقوم أيضا بمراقبة تجانسها وتآلفها في وحدة المنجز، ومراقبة كلفة الإنتاج، وملاءمتها لمنافذ التصدير، وقدرتها علي المنافسة، وإيجاد وكلاء للمناطق، وتوسيع رقعة الانتشار في أرجاء المعمورة.
من هنا، فهو لا يستغني عن تلك المنشآت الصغيرة، بل يسعى جادا لاحتضانها وتشجيعها للاستثمار والازدهار، ليضمن الجزئية الأساسية في مدخلات الإنتاج، فهو لم ولن يكون منافسا، بل رافداً ومكملاً في خطوط الأنتاج دائما.
وعلى هذا المنوال، يمكن قياس بقية المصانع الضخمة، التي تسير علي هذا النهج في مدخلاتها.
ولدينا من الأمثلة في مصانع سابك ما يعطينا القناعة الكافية، عندما تحوّلت مدينة الجبيل وينبع إلي ورش وخدمات مستظلة تحت دعم ومؤازرة سابك، ناهيك عن المشروعات التي تولّدت عن هذا التزاوج الإنتاجي بين مصانعها الضخمة، التي فرّخت مشروعات أصغر وأصغر، بما يخدم مصالح الجميع. فالمنتج الصغير قد يكون أحد مدخلات المنتج الكبير، وهكذا يدور الفلك الإنتاجي.
ولو أخذنا مثالا أصغر من سابك، وهو مصنع مكيفات، وتعرفنا علي مدخلاته، لوجدناه يحتاج إلي فلاتر، أسلاك، إطارات الألمنيوم، الثيرموستات، شبكة الفريون النحاسية، المسامير والبراغي وغيرها الكثير، وكل واحدة منها تحتاج إلي ورشة إنتاج مستقلة، ولا يمكننا أن نطلق عليها منافسة لمصانع التكييف. وفي نفس الوقت، لا يمكن لتلك المصانع الاستغناء عنها، بل هي مجبرة علي تشجيعها واحتضانها، ومد يد المساعدة لها، لأنها تغطي جزئية مكملة لإنتاجها.
من هنا، نأتي إلى المحاذير التي تعرقل الأفكار من بدايتها وهي الخضوع لأنظمة السعودة، التأشيرات، التمويل، الأحتضان، بيروقراطية التراخيص مما يترتب عليها من مصاريف غير مرتدة دون التبصر في مآلاتها من خسائر، والإرباك المترتب عليها.
هذه المحاذير السالبة لاتخاذ القرار، يتضح أنها مخاوف حقيقية وتردد مبرر، لأننا لا نعطي الفكرة مداها الحقيقي في التقصي عن آثارها الحقيقية والفعلية، وهل بالإمكان الإبحار مع هذه العوائق للوصول بها إلى شواطئ الأمان الذي يجعلنا مطمئنين لتنفيذها.
فرحان العقيل
هموم الوسط الشبابي.. هل من توجّه عام؟
للأزمات ملامح كما للنجاحات ملامح أخرى يستشرفها أولي العزم على المواجهة فقط؛ لذلك فكّر في استحداث مشروعك الأول وأنت تنأى عن كراسي البيروقراطية وطوابير انتظار الوظيفة وعنوانها الأول ذلك الملف الأخضر الذي غدا مشئوماً حتى في زمن الرقمية الذي عجز عن احتواء المحسوبية وذيولها. فكّر في مشروعك الأول لتغدو لك كل الشعارات المنثورة أمامك جبالاً واقعية راسية؛ كقمة جبال كلمنجارو التنزانية أو كقمة الهملايا المعروفة عالمياً بالصعوبة؛ فهذا شأن جيل شباب الأعمال إذا استثنينا مَن تصدّروا واجهة المشهد، ربما بفعل رصيد العائلة وحضورها التجاري التاريخي.
وشذر من الحالات المعدودة، مَن لحق بالركب وصوّرته لنا العدسات في خانة النجاح، بينما رافق ذلك الحضور كمٌ وافر من الجهد والعرق والابتسامات المنتزعة من رحم المعاناة في تتبع مسار النجاح والوصول إلى الهدف.
ثمة إحباطات وثمة كسل في ملامح الجيل، وميول موغل نحو الدعة لا تعالجه كل مغريات الوسط التجاري الذي خصص ركناً لا يزال غير مشغول كما ينبغي لجيل الشباب.
حقيقة لا أعرف على مَن أنحي باللائمة هنا؛ على جيلنا أم على مؤسستنا أم على إعلامنا الذي يبالغ غالباً في تزيين الظاهرة وإسباغ ملامح النجاح عليها؟! فما بين جملة الصناديق الداعمة وقروضها، وما بين بيروقراطية أوساط العمل وواقع السوق، تظهر الحالات المستاءة، وتظل غالبية شبابنا تجول ثم تجول بحثاً عن طوق النجاة من أزمة العمل وتبعاتها التي تحاول لجان شباب الأعمال المساهمة في حلها وتحقيق إضافات كمية لاقتصادنا، وتحاول هذه اللجان الوصول بصوتها إلى الجهات المعنية، سوى أن صوتها وعموم فعالياتها مجبرة لإبراز الإيجابيات فقط، وكأن وسط العمل الشبابي جنة لا تعب فيها ولا نصب.
أتمنى حقيقة- وصحيفتنا «اليوم» الموقرة، تفتح هذا الملف بمهنية عالية- أن تُلم بكل الجوانب الخفية بموضوع شباب الأعمال، وما يتعرض له هذا الوسط من إجحاف واستخدام للاستعراضات فقط.
وحقيقة، لا تزال نسب الإنجاز والنجاح في مشاريع الأعمال الشبابية غير مرضية، قياساً بواقع السوق، لا بالإعلانات وبهارج المناسبات. كما أن الكثير من المشاريع الشبابية متعطلة لاصطدامها بشروط البلديات ومكاتب العمل، فلا فرق بين شركة عامة كبرى في الاشتراطات، وبين دكانة صغيرة استحدثها شاب متحمّس يسعى لتحقيق الكفاف وتأمين المستقبل ولقمة العيش والاستفادة من فرص الدعم.
سوى أن الواقع على عكس ما يُقال؛ ناهيك عن مشاريع البنات بالذات، فكلها تصطدم بواقع الشروط، بينما تظل واجهة العمل الشبابي يتسلّمها المدعومون من الأسر التجارية، ومن حالات فردية كُتب لها النجاح.
بينما السواد الأعظم، يعاني ويعاني من ظروف السوق، وشروط العمل الخاص، ومن مسوغات القروض الداعمة، ومن التسويق للمنتجات خاصة الأسر المنتجة. وفي حالات، غدت طموحاتهم وحماستهم محلاً للاحتيال؛ فهناك من يشتغل حماسة الشباب ويورطهم في مشاريع غير مجدية سوى له. وكلنا يذكر شركة الملابس الرجالية التي استحدثت فروعاً في عموم المملكة للشباب وباعت عليهم بضاعتها وقبلها كبّلتهم بالديون الطائلة وهمومها.
فهل نجد توجّها وطنيا عاما يعالج مشاكل هذه الفئة؟ فقبل أن نفخر بشباب الأعمال يجب أن نفتش في معاناة غالبيتهم.
وليد السليم
«بيل غيتس» و «ستيف جوبز» والملف العلاقي!
• في سياتل أكبر مدن شمال غرب الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديداً في 28 من أكتوبر 1955م، وُلد هناك طفل من أسرة إيرلندية الأصل، يظهر لدى هذا الطفل الذكاء والطموح وروح المنافسة في مرحلة دراسته الابتدائية، فيدرك والداه نبوغه المبكر، ليقررا إلحاقه بمدرسة ليكسايد المعروفة ببيئتها التربوية المتميزة. وكان لهذا القرار أثره البالغ في حياة ابنهما ومستقبله.
وفي مدرسة ليكسايد، يتعرّف على الحاسوب لأول مرة في حياته، في الصف الثامن كان عمره 13 ربيعاً، فكان يمضي غالب وقته في غرفة الحاسوب في المدرسة منشغلاً بكتابة البرامج وتطبيقها، إلى الدرجة التي أهمل واجباته وتغيب عن صفوفه الدراسية في بعض الأحيان.
في هذه الغرفة، يتعرّف على بول آلان الذي كان يشاركه الشغف ذاته بالحواسيب، وخلال فترة قصيرة تنمو بينهما صداقة وثيقة.
في تلك الأثناء، تتفق المدرسة مع شركة محلية باسم (CCC) لتزويد الطلاب بزمن أطول مع الحاسوب، فتمكّن وصديقه وزميلان آخران بفضولهم من كسر نظام الحماية الخاصة بحاسوب هذه الشركة وتعطيل نظامه عدة مرات.
وبعد التعرّف عليهم وحرمانهم من استخدام النظام قدّموا عرضاً للشركة لاكتشاف أخطاء النظام التي تسمح باختراقه، فوافقت الشركة بعد أن سئمت من تعطّل النظام واختراقه المتكرر ومنحتهم الفرصة. شكّل الأربعة مجموعة أسموها (مبرمجو ليكسايد)، فاكتسبوا خبرة برمجية واسعة، ليكتبوا برنامجاً لاحتساب رواتب موظفي شركة باستخدام لغة البرمجة «كوبول»، ويحصل الطلاب لأول مرة على ربح مادي مقابل موهبتهم الفذة، بالإضافة إلى منح المجموعة حقوقاً للملكية على برامجها والاعتراف بها قانونيا.
ثم يؤسس مع صديقه (بول آلان) شركة صغيرة باسم (Traf- O – Data) ليصمما جهازا حاسوبيا صغيرا، استخدما في تصميمه معالج إنتل 8008، لتحقق شركتهما ربحاً في عامها الأول مقداره عشرين ألف دولار. كانت هذه الشركة نواة ليتابعا التفكير والحلم بمشاريع مستقبلية لتطوير البرمجيات ونظم التشغيل.
بعد نجاحهما الباهر، وفي منتصف عام 1975، يتم الإعلان عن شركة (مايكروسوفت) التي أصبحت فيما بعد، الإمبراطورية التكنولوجية والتقنية الأكبر في العالم، ويصبح (بيل غيتس) أغنى رجل في العالم، نتيجة لأرباح الشركة الهائلة.
• كان يدرس شتاءً، ويعمل في الإجازة الصيفية. كان شغوفاً منذ صغره بالإلكترونيات ومولعاً بالتكنولوجيا وطريقة عمل الآلات.
ابتكر وهو طالب في المرحلة الثانوية شريحة إلكترونية. تخرج في المرحلة الثانوية، رغم عدم اهتمامه بالتعليم المدرسي، والتحق بجامعة ريد في بورتلاند بولاية أرغون، لكنه لم يحقق النجاح بالجامعة، فرسب في عامه الأول وقرر ترك الدراسة.
لم يبق ساكناً بعد تركه الدراسة، بل سعى لتنمية مهاراته في مجالي التكنولوجيا والإلكترونيات، فقدّم ورقة بأفكاره في مجال الإلكترونيات لشركة (أتاري) الأولى آنذاك في صناعة ألعاب الفيديو ليحصل على وظيفة بها كمصمم ألعاب.
بعد فترة ترك العمل في هذه الشركة ليتصل بصديق قديم يشاركه نفس الاهتمامات اسمه (ستيف فوزنياك) وقاما بعدد من التجارب منها اختراع جهاز هاتف يسمح بإجراء مكالمات بعيدة مجانية، ثم انصرف هو وصديقه لتحقيق حلمهما الكبير.
وفي مرآب للسيارات، يبدآن العمل على حاسوبهما الأول، بعد أن باع أحدهما سيارته، والثاني باع آلته الحسابية العلمية؛ ليتمكّنا من تأسيس شركتهما التي رأت النور في عام 1976، وسُميت (آبل) على اسم الفاكهة المفضّلة للأول، إنه بالتأكيد (ستيف جوبز).
بعدها، ابتكرا معا جهاز الكمبيوتر الشخصي المحمول، ثم تنطلق الشركة فتكون أكبر شركة في العالم بأصول تتجاوز 350 مليار دولار بحسب بورصة نيويورك عام 2011.
وبعد.. ألم تلاحظوا شيئاً؟ فـ (جيتس) الرجل الأغنى في العالم، و(جوبز) المؤسس لأكبر الشركات العالمية، يشتركان حد التطابق في عدد من السمات؛ من أهمها: أنهما كانا ضمن ما يمكننا أن نطلق عليه الآن (شباب الأعمال)، وأن بداية انطلاقهما المذهلة كانت في منتصف السبعينيات الميلادية بتأسيس كل واحد منهما لـ (شركة)، وهاتان الشركتان الناشئتان كانتا نواتين لإمبراطوريتين عالميتين في التقنية والتكنولوجيا والمعلوماتية.
السؤال هنا، أين يكمن السر؟!
إنه ببساطة، في النبوغ والذكاء والطموح وروح المنافسة والمبادرة والتفكير والشغف وإنشاء الشركات التي تعتمد على الإبداع والابتكار. وهاتان الخاصيتان لا يتوافران إلا لدى شباب الأعمال النابغين، الذين ينبغي أن نوفّر لهم الظروف المناسبة والبيئات المواتية والأرضيات الممهدة التي تساعدهم على التميز والإنتاج، ونرفدهم بمزيد من التسهيلات والدعم، لا أن نقتل طموحهم ونفتك بشغفهم بالإجراءات الروتينية والعقبات البيروقراطية التي تثبّط من عزيمتهم وطموحهم وتطفئ جذوة تفكيرهم ونبوغهم وتطمس روح إبداعهم وابتكارهم.
اقتصادنا الوطني، لكي يتميز محلياً وينافس عالمياً، لا بد- عاجلاً غير آجل- من أن يفتح المسارات لشباب الأعمال، ليقوموا بدورهم في زمن اقتصادي لا يعترف إلا بالأفكار الرائدة والتحدي الدائم والتنافسية العالية.
وبالتأكيد- ختاماً- فـ (بيل غيتس) و (ستيف جوبز) لم يطلب أحد من أي منهما (ملف علاقي) حين أسسا شركتيهما الصغيرتين آنذاك!
يبدي شباب الأعمال عدم رضاهم عن توالي التشريعات المقيدة لانطلاق مشاريعهم