غضب أحد الأطفال غضباً شديداً؛ ما جعله يتجاوز حدود اللياقة والأدب في أسرته، ما جعل والده يفكر في طريقة لتعديل سلوك ابنه، وبعد تفكير طويل قرر الوالد أن يعطي ابنه كيساً من المسامير، وطلب منه أن يدق مسماراً على السور الخشبي خلف منزلهم في كل مرة لا يتمالك فيها غضبه، وفي اليوم الأول دق الولد ٢٥ مسماراً على السور الخشبي، ومع مرور الأيام كان عدد المسامير التي يدقها الطفل على السور الخشبي تتناقص تدريجياً، فقد كانت مهمة تكرار الذهاب وغرس كامل المسمار في عمق الجدار الخشبي مهمة ليست بالسهلة، وفي أحد الأيام لم يفقد الطفل أعصابه وسيطر على "الغضب" وكان عدم الذهاب لدق المسامير إنجازاً مفرحاً لهذا الصبي الذي ركض لإخبار والده بهذا الانتصار، فقال له الأب: في كل يوم لا تفقد فيه أعصابك انزع مسماراً من السور الخشبي، وبعد بضعة أشهر جاء هذا الطفل مسرعاً لأبيه ليبشره بأنه أزال جميع المسامير التي كانت في السور. "الشاهد" على قصة الغضب، فما كان من الأب إلا أن أمسك بيد ابنه الصغير واتجه إلى السور الخشبي الذي تحرر من آخر المسامير المدقوقة، وقال له: (أنا فخور بك، ولكن هل لاحظت الثقوب التي خلفتها مساميرك؟، فهذا السور لن يعود كما كان يابني، ونحن عندما نتكلم غاضبين نترك ثقوباً لا تزيلها كلمة: آسف).
"الغضب" عندما يتمكن منّا يجعلنا في حالة عمى مؤقت، ولذلك من الحمق أن نسير حينها، وفي عراك النفوس الذين يهزمون الغضب هم من ينتصرون، والضارب بسيف الغضب يقطع من لحمه، وكما يقول غاندي: (ساعة الغضب ليس لها عقارب).
"الغضب" حالة مزاجية خطرة تجعلنا نطيل "الأجواء السلبية" من حولنا، وكما يقول فرانسيس باكو: (الرجل الذي يفكر دوماً بالغضب هو شخص يبقي جراحه مفتوحة)، والعاقل هو من يطفئ رياح الغضب بإغلاق نوافذها سريعاً.
الذين يعاقرون "الغضب" باستمرار ولا يكادون يكظمونه هم أناس يستخدمون أضلاع صدورهم لتكون حطباً لنار غضبهم، وما أدركوا أن تجاوز الغضب هو أفضل طرق الوقوف عليه، وكما يقول الفرنسيون: (تخطو نحو الشيخوخة يوماً مقابل كل دقيقة غضب).
الحكيم العظيم محمد صلى الله عليه وسلم اختصر الموقف من الغضب بوصية: (لا تغضب)، والتجارب تعلمنا أن الغضب لايجيد دور الصديق الناصح.