قال مراقبو العقوبات التابعون للأمم المتحدة إنهم يشعرون بقلق من أنه إذا وافقت لجنة بمجلس الأمن الدولي على طلب الحكومة الليبية الحصول على اسلحة ودبابات وطائرات فإن بعض هذه المعدات قد يتم تحويلها إلى ميليشيات تدعمها، في وقت أعرب فيه مندوبو الفصائل الليبية عن ثقتهم بالتوصل في لقائهم بالمملكة المغربية الى اتفاق للسلم الأهلي.
وأوضح الخبراء الذين يراقبون انتهاكات حظر الأسلحة الذي فرض على ليبيا في 2011، إن هذه الأسلحة قد تقع في نهاية الأمر في يد ميليشيات أخرى بعد المعارك أو إذا فقدت القوات الليبية السيطرة على مخزونات السلاح. وكتبت اللجنة تقول في رسالة الى لجنة تابعة لمجلس الأمن إنه نظرا لأن تشكيل القوات المسلحة الليبية غير وأضح إنها تشعر «بقلق من انتقال هذه المواد.. إلى قطاعات غير حكومية».
وتعمل حكومة رئيس الوزراء عبدالله الثني المعترف بها دوليا، من شرق ليبيا منذ سيطرة ميليشيا «فجر ليبيا» على طرابلس العام الماضي وتشكيل حكومة خاصة بها.
ويتناحر حلفاء الحكومتين من أجل السيطرة على ليبيا بعد مرور أربع سنوات على حرب أهلية أطاحت بالطاغية معمر القذافي. وسمحت الفوضى لمقاتلي داعش وجماعة أنصار الشريعة بأن يصبح لهم موطئ قدم في ليبيا.
ويسمح للحكومة المعترف بها دوليا باستيراد الأسلحة بموافقة لجنة مجلس الأمن التي تشرف على الحظر. وطلبت ليبيا من اللجنة أسلحة ومعدات عسكرية للتصدي للمسلحين والسيطرة على الحدود.
وسعت ليبيا إلى الحصول على تصريح من الأمم المتحدة لاستيراد 150 دبابة و24 طائرة مقاتلة وسبع طائرات هليكوبتر هجومية وعشرات الآلاف من البنادق وقاذفات القنابل وملايين الطلقات من أوكرانيا وصربيا وجمهورية التشيك.
وقال المراقبون الأمميون «على الرغم من أن التهديد الذي تشكله الجماعات الإرهابية في ليبيا يمثل تحديا كبيرا للسلطات فإن اللجنة تشعر بقلق من احتمال استخدام هذه المواد في هجمات على مناطق ومنشآت تحت سيطرة ميليشيات منافسة ليست جماعات إرهابية».
وكانت ليبيا مدعومة بمصر دعت الأمم المتحدة إلى إلغاء حظر الأسلحة على حكومتها بشكل نهائي. وتحث لجنة مجلس الأمن الدولي ليبيا منذ فترة طويلة على تحسين مراقبة أسلحتها بسبب مخاوف من وصول هذه الأسلحة إلى جماعات مسلحة. واعتبر المراقبون الشهر الماضي أن السلطات الليبية غير قادرة على وقف التجارة غير المشروعة في النفط أو تدفق السلاح وتحتاج إلى مساعدة من قوة بحرية دولية.
ويوم الجمعة، قتل 11 عنصرا من حرس المنشآت النفطية التابع للسلطات الليبية المعترف بها دوليا في هجوم لتنظيم داعش على حقل الغاني النفطي جنوب شرق البلاد في حين اعتبر أجنبيان في عداد المفقودين، وفق مصادر رسمية. وقال علي الحاسي، المتحدث باسم حرس المنشآت، إن «هجوما مباغتا شنه متطرفون تابعون للفرع الليبي لـ (داعش).. راح ضحيته 11 جنديا قتلوا ذبحا». وأضاف ان «القوات الحكومية استعادت السيطرة على الحقل الذي تعرض لأعمال نهب وحرق وتخريب، بعد تعزيز القوات ومساندة حراس المنشآت النفطية القريبة من الحقل المنكوب».
وتعرض الحقل، الذي يبعد مسافة 75 كم جنوب حقل الظهرة وشمال مدينة زلة (60 كم)، الى «أضرار كبيرة» كما تعرضت محتوياته للتخريب، وفق بيان للمؤسسة الوطنية الليبية للنفط. وقال المتحدث باسمها محمد الحراري إن «أجنبيين تابعان لشركة نمساوية للخدمات النفطية العاملة في الحقل.. فقدا.. وهما مسؤول الشركة المشغلة للحقل نمساوي الجنسية، إضافة إلى فني فلبيني الجنسية». وأشار إلى أن «عملية الإخلاء للعمال تمت وفقا للمخطط ووصلوا جميعا الى منطقة زلة واماكن أكثر أمنا».
وكانت المؤسسة اعلنت الاربعاء حالة «القوة القاهرة» في 11 حقلا نفطيا بسبب سرقة وتخريب وتدمير بعضها، مهددة بإغلاق الباقي في حال استمرت التهديدات.
واضافت إنها «مضطرة وبصورة عاجلة لإعلان حالة القوة القاهرة عن عدد من الحقول النفطية وهي (المبروك والباهي والظهرة والجفرة وتبيستي والغاني والناقة والسماح والبيضاء والواحة والدفة وكافة المحطات التابعة لهذه الحقول) وجميعها في جنوب شرق ووسط ليبيا.
وأوضحت أن هذا الاجراء سببه ما حدث خلال الأيام الماضية بحقول المبروك والباهي والظهرة والحفرة التي تعرضت لهجمات من قبل مجموعة مسلحة مجهولة الهوية ولم تستطع القوات المكلفة بالحراسة حمايتها. وحالة القوة القاهرة تعفي من يعلنها من المسؤولية في حال عدم الإيفاء بالالتزامات المترتبة عليها بموجب عقود تسليم النفط اذا كان ذلك ناجما عن ظروف استثنائية.
وكان حرس المنشآت النفطية في منطقة الهلال النفطي أعلن الثلاثاء أن أربعة من الحقول التي يقوم بتأمينها اضطر للانسحاب منها نتيجة هجمات مسلحين متطرفين.
وتأثر الانتاج النفطي الليبي بتدهور الوضع الامني في شكل كبير. فبعدما كانت ليبيا تنتج اكثر من مليون ونصف مليون برميل يوميا قبل الثورة الشعبية ضد نظام القذافي في 2011، تدهور الانتاج اواخر العام الفائت الى نحو 350 الف برميل يوميا. وفي 4 شباط/فبراير الماضي، قتل 11 شخصا بينهم أجنبي في هجوم شنه داعش على حقل المبروك بحسب مسؤولين ليبيين. وتدير هذه الحقول شركات محلية تابعة للمؤسسة الوطنية للنفط بشراكة مع توتال الفرنسية.
وفي منتجع الصخيرات البحري القريب من الرباط عاصمة المملكة المغربية، اعرب مندوبو البرلمانيين الليبيين المتنافسين الذين يجرون مناقشات غير مباشرة في المغرب بوساطة من الامم المتحدة، عن ثقتهم في التوصل الى اتفاق حول تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وقال شريف الوافي من البرلمان الذي تعترف به المجموعة الدولية ويتخذ من طبرق مقرا منذ سيطر «فجر ليبيا» على طرابلس: «نتقدم ايجابيا حول مسألة حكومة الوحدة الوطنية وسنناقش الآن شكلها». وأضاف، في تصريح له الجمعة، «ثمة خلافات على الاسماء لكننا سنتوصل الى بعض التوازن.. سنعود الثلاثاء الى المغرب آملين في الاعلان عن حكومة جديدة في نهاية الاسبوع المقبل».
وتحدث مصطفى ابو شاقورة عضو المؤتمر الوطني العام، البرلمان المنتهية ولايته الذي اعادته الحكومة المعلنة من جانب واحد، عن امكانية «التوصل الى اتفاق مكتوب السبت بين الطرفين». وأضاف ان المحادثات الجارية تتطرق الى «المسألة الامنية ووقف اطلاق النار وتنظيم الجيش».
وفي تصريح على حساب تويتر لمهمة الامم المتحدة للدعم في ليبيا، كان رئيسها برناردينو ليون اعرب عن «تفاؤله» حول «ترتيبات امنية» ستفتح الطريق امام تشكيل حكومة وحدة وطنية.
ويلتقي مندوبو البرلمانين المتنافسين منذ الخميس في منتجع الصخيرات بالمغرب في اطار مباحثات غير مباشرة. وقد أجروا محادثات في غدامس جنوب ليبيا كانت الاولى من نوعها منذ بدء الحوار الوطني. إلا ان نائب رئيس المؤتمر الوطني العام الذي يرأس وفد طرابلس، انتقد الطبيعة غير المباشرة للمناقشات. وقال صالح المخزوم ان «هذه الطريقة ليست ناجعة. يجب ان نجتمع حول طاولة واحدة لدفع الامور قدما».
توقعات بهجرة مليون
نقلت وسائل اعلام ايطالية عن المدير التنفيذي لوكالة مراقبة حدود الاتحاد الاوروبي (فرونتكس) فابريس ليجيري ان ما قد يصل الى مليون مهاجر غير شرعي يمكن ان يصلوا هذا العام الى سواحل ايطاليا انطلاقا من ليبيا.
وأوضح المسؤول «في 2015 علينا ان نكون مستعدين لمواجهة وضع اكثر صعوبة من العام الماضي. وبحسب مصادر عدة هناك ما بين 500 الف ومليون مهاجر غير شرعي على اهبة الانطلاق من ليبيا».
وحول سؤال عن المخاوف من سيطرة تنظيم داعش على الهجرة غير الشرعية انطلاقا من ليبيا الغارقة في الفوضى، دعا ليجيري الى «ادراك المخاطر».
وأضاف «لا أملك أدلة تتيح لي القول انهم (المتطرفون) يسيطرون على هذا الوضع. لدينا ادلة على اجبار مهاجرين تحت تهديد السلاح على الصعود الى قوارب، لكن لاشيء يتيح لنا ان نقول انهم ارهابيون».
وتابع: «اذا اردنا القيام بالمزيد من العمليات نحتاج الى موارد وموظفين وانخراط الدول الاعضاء في وضع امكاناتها تحت تصرف فرونتكس».
وبحسب المسؤول فإن فرونتكس «ليست كافية لمواجهة هذه المشكلة الضخمة» و«التعاون مع الدول الاخرى مهم جدا».
وتضاعف عدد المهاجرين الذين دخلوا الاتحاد الاوروبي في 2014 ثلاث مرات تقريبا مقارنة بـ2013. ومعظم المهاجرين من سوريا ودول جنوب الصحراء الافريقية. وقضى مئات منهم غرقا في المتوسط.
ونقطة عبور معظم المهاجرين هي ليبيا نظرا الى حالة الفوضى السائدة فيها.
ومع اتساع اعمال عنف التنظيمات المسلحة المتنافسة يحاول المهاجرون غير الشرعيين الفرار او يجبرون على المغادرة.
ويدفعون المال لوسطاء للانطلاق في قوارب متداعية في معظمها باتجاه ايطاليا، اقرب بلد الى السواحل الليبية.