قال صاحبي: لو أن صلاة الجمعة مع الخطيب فلان برسوم مالية لدفعتها، وقال آخر: أبأس الخطباء من يصلي الناس خلفه أداء لواجب الجمعة فقط.
خطبة الجمعة والحديث عنها وعن خطيبها أكبر من مقال في صحيفة، لكنني هنا أود الإشارة إلى ما يعنيني كمختص.
وقبل الدخول للموضوع أود أن أسأل الخطيب هل وضعت خطة سنوية لمجالات الخطبة، هل لديك مشروع بناء متنوع في العقيدة والعبادات والمعاملات والأخلاق وغيرها، أم أنها تخضع لميولك وتخصصك، أو هي تبع لصدى الحدث، وتعليق على الخبر، أو هي حديث فيما ينتظر منك الناس الحديث عنه.
قد يفاجأ بعض الخطباء حينما تسأله متى كانت آخر خطبة قدمتها -مثلاً- عن بر الوالدين، ويفاجئك بجوابه: (منذ سنوات)!، جوابه هذا عن موضوع غاية في الأهمية فكيف بغيره، وقد تجده كرر موضوعات أقل أهمية، أو وزعها على خطب متتابعة.
وفيما يخص ملاحظتي سألت عددا من الإخوة: «هل قام منبر الجمعة بدوره تجاه الأسرة (بنائها، استقرارها، مشكلاتها) بشكل صحيح؟»
أجاب أكثر من٨٠٪ بلا، وأن الواقع لا يسر، بينما توزعت باقي النسبة بين نعم وإلى حد ما.
كيف لخطيب أن يحدث الناس عن هموم الأمة، وهو لم يلامس حاجاتهم وهمومهم الأسرية، إن صلاح المجتمع يبدأ من الأسرة، وتفككه كذلك.
ترى ما السبب، وهل الخطيب قادر على تقديم الموضوعات الأسرية بشكل إيجابي ومؤثر؟
برأيي أن الخطباء يتفاوتون في الاهتمام والإجادة، فبعضهم حريص ويجيد فيما يقدم، ومنهم الحريص الذي يطرح طرحا يكشف للحضور ضعف درايته بالموضوع الذي يقدمه، أو طرحا ينحرف بهم -من حيث لا يشعر- عن الصواب في التعاطي والمعالجة، نتيجة ضعف اطلاعه، ومعرفته، وبرأيي أن سكوت مثل هذا عن طرح الموضوعات الأسرية أولى وأحفظ له ولهم.
ما الحل إذاً؟
قد يكون من أفضل الحلول مبادرة تقوم بها وزارة الشؤون الإسلامية، أو وزارة الشؤون الاجتماعية، لعقد شراكة بينهما تتمثل في لجان في كل مدينة تتولى رصد واقع الأسرة وتزويد الخطباء بالموضوعات الأسرية ذات الأولوية لأهل هذه المدينة، وتزويدهم بما يحتاجونه مما يساعدهم على تقديم خطبة ذات جدوى، كما يجدر إقامة دورات للخطباء في أساسيات بناء الخطب المتعلقة بإنماء الأسرة وعلاج مشكلاتها، وكذا مد الجسور بين الخطباء والمختصين في الشأن الأسري، عبر الدورات، واللقاءات الدورية، والاشتراك في مجموعات وسائل الاتصال والتواصل.
هي رسالة إلى الوزيرين، وفقهما الله، وإني لمتفائل أن تلقى هذه الأحرف صداها في هاتين الوزارتين، فتتضافر الجهود، لأن الأسرة تستحق ذلك.
وأسعد بخدمة هذا المشروع بما أستطيع، وأعرف كثيرا من المختصين على أهبة الاستعداد، فمن يعلق الجرس ؟!