الحشد الكبير من المشاركين وحضور الزعماء والقيادات الدولية لمؤتمر (مصر المستقبل) في شرم الشيخ يؤكد على رغبة المجتمع الدولي أن تبقى مصر قوية مستقرة في عالم تهدده الاضطرابات والفتن، وهو رسالة صريحة من المجتمع الدولي عن مدى الثقة بالقيادة المصرية الحالية وجديتها والتزامها بتنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي الضرورية.
الاستثمارات التي أعلنت ربما تتجاوز 150 مليار دولار، وهناك مشروع العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة والتي سوف تصل الاستثمارات فيها إلى 90 مليار دولار. المستثمرون الكبار والشركات العالمية العملاقة لن تأتي بمشاريعها واستثماراتها للمجاملة أو للدعم المعنوي، الحكومات قد تفعل هذا، فالشركات ليست ملزمة، ومصالحها هي التي تدفعها وتوجه استثماراتها.
الشركات اذا وجدت الدّعم الحكومي والتسهيلات والاستقرار السياسي، لن تتردد في الاستثمار. الاقتصاد المصري لديه فرصة كبيرة ومصر بحجم سكانها، الذي يصل إلى 90 مليون نسمة، تعد أيضا سوقا مهمة مربحة للسلع الاستهلاكية.
موقع مصر بين ثلاث قارات وتوفر أكثر من أربعين مليون نسمة في العمر المثالي للإنتاج والعمل، مع قاعدة معرفية وفكرية تساعد في البحث والتطوير.. كل هذه تجعل مصر وجهة استثمارية مغرية لرؤوس الأموال العربية والدولية.
شيء مؤسف ان نقول إن مصر لديها فرصة لاستقطاب الاستثمارات في المنطقة، فالخراب في العراق والشام وليبيا والاضطراب في اليمن وتونس، هذه المتغيرات السلبية المؤسفة تجعل مصر فرصة الاستثمار البديلة في المنطقة. كل ما تحتاجه مصر هو أن تخرج من مصر السابقة بكل احباطاتها. ولعل القيادات السياسية من مختلف التوجهات والأطياف تدرك هذه الفرصة التاريخية، فتنسى خلافاتها وتتكاتف مع الحكومة، وهذه أكبر خدمة يقدمونها إلى الشعب المصري.
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ليس غريبا أن يؤكد في كلمته عدة مرات على أهمية الدعم والمؤازرة التي قدمتها المملكة للشعب المصري، وانعقاد المؤتمر الحالي هو استجابة لدعوة الملك عبدالله، يرحمه الله، وقامت المملكة بدور رئيسي لدعوة المستثمرين والمنظمات الدولية للمشاركة في المؤتمر، والرئيس السيسي كان وفيا وممتنا لهذا الدور، وفي كلمته وجه شكرًا خاصا لمعالي وزير المالية، ابراهيم العساف.
السعودية وأشقاؤها في دول الخليج، أدركت وبسرعة ضرورة الوقوف مع مصر ودعمها ضد مؤشرات التخريب التي استهدفتها، وهذه المبادرة الشجاعة السخية هي خدمة كبيرة لأمن المنطقة واستقرارها، ودول مجلس التعاون تقوم بدورها الإنساني والاخلاقي لخدمة الأمن والسلام وخدمة شعوبها وشعوب المنطقة، بعكس الدور الإيراني المخرب.
لقد أحسنت مصر بعدم دعوة ايران إلى شرم الشيخ، فالمؤتمر للبناء وخدمة السلام، وإيران تضع امكاناتها لخدمة مصالحها القومية الخطيرة المدمرة في المنطقة، وعندما تخسر إيران مصر فهذه خسارة كبيرة. مصر القوية ستكون مصدر ارتكاز للأمن القومي العربي، وإيران تتساوى مع إسرائيل في استهداف أمن مصر وزعزعة استقرارها، فعندما يكون ملالي طهران رأس حربة ضد الأمن العربي فهم إذن ضد مصر، كما هم خنجر في خاصرة جيرانهم!