متى تكون الحرب حلا؟ ومتى تكون خيارا؟ ومتى ترادف معاني الاستقرار والسلام؟ الإجابة عن ذلك تلخصها عاصفة الحزم في حلّها للزهو الحوثي الزائف بالاستحواذ على السلطة في اليمن رغم وجود سلطة سياسية شرعية، وتلخّصها العاصفة في إيقاف التمدد التوسعي الذي يستخدم الحوثيين كحصان طروادة لإيران، وتحل معاناة اليمنيين في سيطرة عسكرية لفصيل سياسي بالكاد يعادل عشرة في المائة من المكون السياسي والاجتماعي والمذهبي في اليمن.
اختار الحوثيون أن يمارسوا حرب وكالة عن إيران وهي عملية مكشوفة تتسق مع الطموح الإقليمي في ارتهان دول المنطقة لأحلام الدولة الصفوية والإمبريالية الفارسية والإمبراطورية الضائعة إلا في عقول ملالي طهران، وذلك يضعنا في مواجهة مباشرة مع هذه الدولة التي لا تريد خيرا بشعوب المنطقة غير فكر التبعية الذي يستعيد تاريخا لطالما تساقطت فيه إمبراطوريات الزيف الإيراني.
حرب عاصفة الحزم ترادف السلام لأنها من أجل السلام وللسلام، ليس لليمن أو المملكة وحسب وإنما للمنطقة والعالم العربي والإسلامي، فهناك طرف كولونيالي توسعي يستخدم منهجا خبيثا في تحريك بيادق الشطرنج التي يحوذها في منطقة عرقية على نسيج واحد ويأبى إلا أن يقتحمها ويخترقها بطموحاته، وكما أشرت من قبل في مقال سابق أن الحوثيين رأس الحية في اليمن فإن العاصفة التي هبّت تدك الرأس وتعيد الجسد إلى من استخدموه.
وعاصفة الحزم خيار لأنها جاءت بعد الصبر على تجبّر الحوثيين واستقوائهم بإيران على شعبهم ورفضهم لكل الحلول والمبادرات السلمية، بإيعاز مفضوح أيضا من إيران وهي حالة تتفق مع التعبير الإنجليزي «من يدفع للزمار هو الذي يحدد النغمة» وإيران تحدد نغمة الحوثي ولو أنكر وزعم وراوغ، فالمجريات أكبر من أن يتم تكذيبها والزعم باستقلالية متوهمة عن إيحاءات إيران ونفوذها واستخدامها لكروتها في لعبة التوسع القذرة.
انتهى الدرس الآن، وما بعد عاصفة الحزم ليس كسابقه ولن يكون، وعجلة الزمن لن ترجع إلى الوراء إلا بالإيقاع الذي تحدده العاصفة وتنتهي منه واقعا سلميا في اليمن، وتداعياتها ستكتب مستقبل المنطقة والأمة بأكملها بعيدا عن الاختراقات التوسعية، ومطلوب من الحوثيين الاستجابة لحقائق الواقع التي لا يمكن كسرها، ففي النهاية لا يصح إلا الصحيح، وهو أنهم جزء قليل من خريطة كبيرة ولا يمكنهم فرض إرادة إيران على غيرهم، وإلا تعرضوا لمزيد من التدمير والمخارجة من المعادلة السياسية، لأن الوضع الحالي غير سلمي ولا يأتي باستقرار يفترض أن يكونوا جزءا من صانعيه إذا أخرجوا العامل الخارجي من مسارهم وعقلهم السياسي.
كاتبة