تدخل الحملة العسكرية والسياسية لإنقاذ اليمن من احتلال إيران السياسي وحلفائها، ولعودة القيادة الشرعية لتكون بوابة الاستقرار لليمن الجديد بكل أبناء شعبه الأسبوع الثاني، في مفصل مهم للغاية من تحركها القوي بقيادة المملكة.
وكنتُ ذكرت أكثر من مرة في تحليلات سابقة أن عودة الحوثيين والمخلوع إلى عدن ليست مفاجئة، وإن كنّا وقت كتابة هذا المقال نرصد قصف سلاح الجو السعودي والحلف العربي تجمعاتهم، وتقوم المقاومة الشعبية بجهد نضالي كبير جداً لدفعهم خارج أحياء عدن، وسواءً دخلوا أو انسحبوا فإن مجمل التطورات يحتاج لبرمجة استراتيجية للمرحلة لتحقيق الهدف المركزي، والمنقذ لليمن وللإقليم العربي، ونحن نطرحه دون أن نعرف مسار التفكير في قيادة غرفة العمليات المتابعة للوضع عن كثب، وإنما كتحليل سياسي.
والبرمجة المرحلية لاستراتيجية الحرب ممكن تلخيصها في التالي:
-1 بحسب تصريحات العميد العسيري الناطق باسم عاصفة الحزم وتصريحات مسؤولين آخرين فإن الموافقة على التوغل البري قد صدرت، وهي تحت تقدير غرفة العمليات بقيادة وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، وعليه فإن التروي فيها كما هو المبادرة في التوقيت الدقيق سيكون مفصلا مهما للمعركة.
-2 هذه الحرب الميدانية تحتاج بكل تأكيد لدفع شعبي مؤهل ومسلح من المقاومة الشعبية في الجنوب وفي الأقاليم الرافضة للاحتلال تفتح لها تعزيزات كبرى وجسر جوي للتسليح والغوث الإنساني في أكثر من موقع يُحصّن من وصول حلفاء إيران.
-3 مساعدة المقاومة الشعبية الجنوبية بقيادات نوعية مؤهلة تشارك في تعزيز المقاومة وتنظيم الساحة الميدانية لأي استدعاء للإسناد البري من التحالف، حين يضطر لذلك.
-4 التعزيز الإنساني المباشر للاجئين في مدن اليمن المختلفة، في الحدود السعودية وفي مناطق الشرعية في الشمال والجنوب بكل فئاته لجميع المدنيين.
-5 المبادرة بتنظيم القيادة السياسية المرحلية للحرب وتعزيز الحضور الشمالي بإعلان الرئيس هادي علي محسن الأحمر، نائبا للرئيس ونائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة أو من يحمل مؤهلاته من ناحية البعد العشائري والاجتماعي والخبرة السياسية والعسكرية، وتعزيز الشراكة الشمالية بقوة كونها هي صاحبة العصبية التاريخية في اليمن والقدرات البشرية.
-6 هذه الخطوة ومع وجود خط مباشر أصلاً مع هذه القيادة مع الرياض، ستُشجع ألوية شمالية عديدة وقيادات عسكرية وعشائرية لخوض المعركة ضد النفوذ الإيراني مطمئنين لموقف الحلفاء، من أن الملف سيكون بأيدي أهل اليمن بعد تحييد مشروع إيران والتمرد العسكري وهزيمة الحرب الحوثية.
-7 إن مثل هذه الخطوات ستفتح الباب لدمج وتفهم قواعد شعبية خدعها الحوثيون، خاصة مع تنظيم الرسالة الإعلامية والخطاب الموجه للأشقاء في اليمن، واستضافة القيادات الكبرى في الشمال للحديث عن مستقبل اليمن.
-8 الإعلان المباشر عن خطة مارشال خليجية فعلية، تبدأ إنسانيا في زمن الحرب لمساعدة الأشقاء، وتنخرط في تصور مركزي لإعادة البناء الاقتصادي لليمن وتأهيله ليُضم كليا لمجلس التعاون.
-9 المبادرة المبكرة لوضع التصور السياسي الشامل لما بعد الحرب تهيئةً لحوار الرياض والدوحة، وتستضاف أركان العمل الوطني والسياسي وشباب الثورة في اليمن دون زخم إعلامي، ليكون التخطيط المبكر، فرصة لوضع اليمن في سكة المعالجة وضمان حصول المطالب الشعبية إلى ما سعت له، في صورة الدولة المتوازنة، ووضع مفاصل دستورية لاستئصال نفوذ المخلوع كليا بأيد يمنية تدعم من الخليج العربي، لكن عبر خطة سياسية وليس انتقامية تشمل كل من يمكن أن تستوعبه المرحلة.
قد يبدو للبعض أن بعض هذه المبادرات والتحركات مبكرة، والحقيقة أنها ضرورية في هذا الزمن الذي تؤثر فيه الآلة الإعلامية الإيرانية والغربية وتُسبب الإحباط للمواطن اليمني المتحفز والقلق لمعرفة ما بعد الحرب، كما أنها تندرج في سياق تعزيز العلاقة بين الرؤية السياسية للتحالف والشعب اليمني، عن أن رسالته هي انقاذ اليمن بحكم رشيد مستقل عن إيران ومنتمٍ لليمن العربي.
إن وضع تصور واضح لفدرالية مركزية شاملة بين أقاليم الجنوب والشمال يعطي الجنوب كامل حقه ضمن اليمن الواحد، سيُساعد الجميع على التعاون والتعاضد، لخلق المستقبل الجديد، والاطمئنان لحراكهم اليوم في دفع الغول الإيراني وفي الصراع مع جماعات القاعدة وداعش على أرض اليمن واستنزاف شعبه، وتنظيم لغة مصالح أخوية بين أهل الشمال والجنوب.
وستبقى العشائر القوة الأساسية في الإسناد العسكري وتغيير قناعات من خُدع أو استدرج من حلفاء إيران، ليتحقق مستوى عالٍ من التوازن في قوات الشرعية اليمنية، وبالتالي يختصر الإسناد البري كثيرا من التكاليف والخسائر على اليمن وعلى قواته، ويقترب بعون الله من حسم الحزم.