بخلاف الأهداف الدفاعية وتطهير الأراضي اليمنية من المتمردين، حققت عاصفة الحزم من انطلاق عملياتها داخل عمق الأراضي اليمنية تفاعلا اجتماعيا وإعلاميا وشعبيا كبيرا من مختلف شرائح المجتمع السعودي والخليجي والعربي.
وذهب محللون وإعلاميون إلى أن عاصفة الحزم بددت المقولة العربية المحبطة «اتفق العرب على أن لا يتفقوا» لتتحول إلى «اتفق العرب على أن يتفقوا» في إشارة واضحة للتحالف العربي في عاصفة الحزم والرامية لإعادة الأوضاع في اليمن الشقيق لطبيعتها.
وقال الكاتب صالح آل سحيم منذ زمن طويل ونحن نعيش الشتات والتفرق في الرأي، ذلك الرأي الذي يجعلنا نبني لأنفسنا القوة والمنعة، بل ويخلق في داخل الجسد العربي العزة والأنفة والكرامة ودائماً ما كنت أسمع في داخل المجالس وعلى شاشة التلفزيون بل وفي أروقة الشبكة العنكبوتية تلك العبارة التي تهز الفؤاد.. (اتفق العرب على أن لا يتفقوا)، ولهذا السبب تركنا الفرصة لغيرنا والذي لا يهمه أمننا واستقرارنا في المنطقة العربية بل والعالم الإسلامي، ليحدد مصيرنا.
واستدرك: لكن بعد حكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وحزمه وتحركاته الدقيقة والمرسومة، اجتمع الشمل وأصبحنا كالرجل الواحد، وطبقنا ما تعلمناه في مدارسنا ألا وهي قاعدة الجسد الواحد، والتي ورثناها عن الرسول الكريم الذي قال «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضهُ بعضا» لذلك لن نترك لأحد بعد الآن حق اتخاذ القرار فيما يخص العرب.
وتابع الكاتب آل سحيم: السيناتور جون ماكين قال: «إن حلفاءنا لم يعودوا يثقون بنا، وإنها المرة الأولى التي لا ينسقون مسبقاً معنا» لذا كان التحرك العربي لإنقاذ اليمن العربي من الجشع والأطماع الفارسية وإفشال مشروعهم التوسعي، دون النظر إلى مصالح الغرب قراراً صائباً على مختلف الأصعدة.
وأضاف: «وقد ظن الكثير بأن المملكة العربية السعودية لا تحسن استخدام السلاح وأنها غير قادرة على ذلك، ولكن بعد ما حاولت المملكة وأشقاؤها في دول الخليج العربي عقد مؤتمر في الرياض تحت مظلة مجلس التعاون تحضره كافة الأطياف السياسية واللجان الشعبية اليمنية الراغبة في المحافظة على أمن اليمن واستقراره. لم يترك علي عبدالله صالح وأعوانه والميليشيات الحوثية والتي تقوم بالتمهيد للمشروع الإيراني بخيانة الدولة وموافقتهم على التدخل الخارجي في شؤون اليمن الداخلية، بل إنهم كانوا يعملون على خلخلة الأمن والاستقرار في المنطقة. خياراً آخر غير التدخل العسكري. وهذا ما حدث بالفعل فالمملكة دائماً ما تلجأ للحوار والنقاش والحلول السلمية إلا إذا حاول أحد أن لا يرى من الأسد إلا حلمه فالأسد في هذه الحالة سيري العالم كله حزمه.
وأشار الى حزم سلمان والدول العربية والإسلامية المشاركة، فقد أعطت المملكة العربية السعودية درساً لكل طامع بأنها تجيد استخدام السلاح بقدر إجادتها لاستخدام الحكمة والسياسة، والتي جعلت من «عاصفة الحزم».. عاصفة شرعية.
في سياق متصل، اعتبر الاعلامي جمال خاشقجي ان مبدأ الملك سلمان الذي تجلى في عاصفة الحزم والذي كانت ركيزته الاولى على سياسة المبادئ والالتزامات الأخلاقية، مشيرا الى ان مبدأ سلمان الذي اوضحه لبيان دول الخليج الخمس الذي أسس لتحالف «عاصفة الحزم»، هو استجابة للرئيس اليمني الذي عرض بخطاب وجهه إلى قادة الخليج تداعي الوضع في بلاده واعتداءات ميليشيات الحوثيين على مؤسسات الدولة والأفراد بدعم خارجي، وفرضهم رأيهم على الشعب اليمني بالقوة والتخويف، فكان أن استجاب له مجلس التعاون بوعد «ردع العدوان»، واستعادة الأمن عبر العملية السياسية.
وأوضح خاشقجي ان كثيرا من الدول والشعوب العربية التي تتعرض اليوم إلى عدوان، إما من أنظمة ديكتاتورية غاشمة أو طائفية متجبرة، أو جماعات وعصابات خارجة على الشرعية أو ضمنها ولكن تفرض أجندتها على الآخرين بالتخويف والعنف. لكن لا تستطيع دولة إقليمية مهما بلغت من القوة في محيطها أن تطبق مبدأ كهذا بمعزل عن القوى الكبرى وتحديداً الولايات المتحدة؟ هذا ما فعله الملك سلمان بن عبدالعزيز وأسس لقاعدة جديدة في العلاقات الدولية، وهو ما تنبه إليه السيناتور الأمريكي المخضرم جون ماكين، فصرح الخميس الماضي بعد ساعات من انطلاق «عاصفة الحزم» بأن «الدول العربية لم تعد تثق بالولايات المتحدة، ولذلك خططت لهذا التحالف بمعزل عنها». وأضاف إن تحالفاً كهذا لم يحصل منذ عقود.
وقال خاشقجي: «إذاً هذا فعل يؤسس لواقع جديد صنعه الملك سلمان فكيف حصل وهل يمكن أن يستمر؟ أعتقد بأن الخطوة الأولى كانت عندما قرر العاهل السعودي أن بلاده لا تستطيع أن تحتمل أكثر السياسة التوسعية الإيرانية المستفزة في المنطقة ولا السكوت الأمريكي عن ذلك. لم يعد يهم السعودية ما إذا كان هذا السكوت ضعفاً عابراً لرئيس ستنتهي ولايته بعد عامين، أم مؤامرة، أم صفقة كبرى يساوم بها الرئيس باراك أوباما الإيرانيين وهو يفاوضهم على مشروعهم النووي. يبدو أن العاهل السعودي قرر أن المصلحة السعودية هي «الأولى»، وإذا ما اضطرت السعودية إلى التصرف منفردة فستفعل. بالتأكيد كانت تفضل تلك الوصفة القديمة المجربة في التحالف مع حليفها القديم، لكن ما كان لها أن تربط مصير الوطن بذلك التحالف، وإن عمدت أولاً إلى أن تشكل تحالفاً من أشقائها وأصدقائها في العالمين العربي والإسلامي.
من جانبه أكد الدكتور سعد البريك ان سرعة طبخ الملف النووي في وقت عاصفة الحزم طوق نجاة لن ينقذ ايران من طوفان الانهيار الذي تلتقي اسبابه داخلياً وخارجيا
وقال الشيخ اليمني صالح البخيتي أثبتت اﻷيام أن المخلوع علي عبدالله صالح هو أجرم أهل اﻷرض في حق الشعب اليمني فهو صانع اﻹرهاب والحروب والقتل والدمار لذا جاءت عاصفة الحزم لتلجمه.
وفيما يرى الكاتب والاعلامي والمراقب الدولي لحقوق الانسان انور مالك ان ما يضحكه حقا هو إعلام إيران عندما يصف عاصفة الحزم بـ«الحرب السعودية الأمريكية» وكأن ما فعلته طهران في العراق هو عمالة مع أمريكا أخرى تقع في المريخ!.
وقال: «إن الحوثية لو لم يتحوّلوا إلى مجرد ذراع لدى أخطبوط إيراني يتمدّد ليبتلع المنطقة العربية عموماً والخليج العربي بصفة أخص، ما أعلنت السعودية هذه الحرب عليهم، وخاصة أنه لا توجد دبلوماسية هادئة مثل التي تتمتع بها المملكة، وهي لا تلجأ لخيارات الحرب إلا عندما تستنفد كل الخيارات السلمية كاملة وبلا شك ان الحوثيين صاروا مجرد مليشيا إيرانية بهوية يمنية، وإن حراكهم يجري في إطار خدمة مشروع إيراني كشّر عن أنيابه مع ما يسمى «الربيع العربي» لتحقيق مآربها التوسعية.
كما أن تهديداتهم للسعودية معلنة وواضحة، وتأتي في إطار ما تريده إيران من مخططاتها التي تضع بلاد الحرمين أسمى غايات مشروعها الفارسي وطبيعي جداً أن تدافع السعودية عن أمنها واستقرارها، وأيّ دولة في مكانها ستفعل ذلك وأكثر؛ لأنه من واجبها تجاه شعبها، فضلاً عن بلاد الحرمين التي أمنها من أمن كل المسلمين، ولو كانوا في أدغال الأمازون. فضلاً عن خطر داهم صار على حدودها ويعلن ذلك صراحة، سواء من خلال مليشيات شيعية أو حتى المحسوبة على السنّة، والتي حاربتها السعودية أيضاً بكل عزم.
وشدد الخبير العسكري اليمني، العميد متقاعد محسن خصروف، على ضرورة استكمال مراحل عملية عاصفة الحزم، وتوفير الحماية اللازمة لمضيق باب المندب على البحر الأحمر، محملاً الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وميليشيات الحوثي مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع في اليمن.
وطالب خصروف وفقاً لوسائل اعلامية قوات التحالف العربي «باستكمال مراحل عملية عاصفة الحزم، لتحقيق أهدفها وفى مقدمتها كبح جماح الحوثيين، وقطع الطريق أمام مطامع وطموح إيران في المنطقة العربية نهائياً، وإجبار جميع الأطراف على العودة إلى الحوار السياسي، ووضع السلاح جانباً».
وحذر من أنه إذا لم تبلغ «عاصفة الحزم مداها وتحقق المرجو منها، فستكون هناك نتائج عكسية تماماً، وستكسب مليشيات الحوثي تعاطفاً في الشارع اليمني، وتزيد من أرضيتها وربما تضفي عليها شيئاً من الشرعية».
وأشار خصروف إلى أن «دول التحالف العربي لم تتحرك من فراغ، وإنما كانت بدعوة من الرئيس الشرعي لمواجهة العمليات الإرهابية، والانقلاب على الشرعية، وتهديد أمن واستقرار اليمن ومنطقة الخليج وحوض البحر الأحمر».
وطالب الخبير العسكري اليمني، «بمنظومة جديدة للأمن الإقليمي في المنطقة، لأن الأمن بمفهومه العسكري والسياسي لا ينفصل عن مفهومه الاقتصادي والاجتماعي والتنموي أيضاً، واستمرار الحركة العربية، والتوافق الحاصل على كل الأصعدة والجبهات، لاستعادة الكثير من الذي فقد خلال مرحلة الفوضى الماضية، واستمرار وأد حالة التمرد والفوضى والانقلاب الذي يقوده الحوثيون، مشدداً على ضرورة دحر المليشيات المسلحة، وتسليم الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادي مؤسسات الدولة بصفته الرئيس الشرعي للبلاد.