في الوقت الذي يصبح فيه العالم معتمداً بشكل متزايد على الاتصالات الرقمية، تتطور الاتصالات بالهاتف الجوال والوصول إلى الإنترنت لتصبح خدمات مملة، ولكن ضرورية وليست خدمات تكنولوجيا براقة، وانخفاض الإيرادات هو أحد النتائج المترتبة على ذلك. من المرجح أن يكون الاتجاه الأكبر، رغم ذلك، هو المزيد من التعزيز في الوقت الذي تكافح فيه شركات قليلة من أجل الحصول على حصص أكبر في السوق. سوف تواجه الأجهزة التنظيمية المختصة بمكافحة الاحتكار خيارات صعبة حين توازن بين مهمتها في ضمان حصول منافسة شريفة في ظل الضرورات المالية التي تواجه هذه الصناعة. تقوم أوروبا منذ فترة بتعزيز أوضاعها في هذا المجال، حيث تقلص عدد مقدمي خدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية المتنقلة في المملكة المتحدة مع عملية شراء تمت هذا الأسبوع، لشعبة تيليفونيكا من قبل شركة هوتشيسون وامبوا في هونغ كونغ مقابل مبلغ 15.3 مليار دولار، ما أدى إلى خفض عدد الشبكات اللاسلكية إلى 3 بعد ما كانت 4. في منطقة الشمال الاسكندنافي، حصلت شركة تيلياسونيرا السويدية على الموافقة في فبراير لشراء شركة تيلي 2 النرويجية، وتنتظر الموافقة على دمج أعمالها التجارية الدانمركية مع شركة تيلينور النرويجية. في فرنسا، تعثر عرض شركة أورانج لمزود الخدمة الواسعة الإسباني جازتيل بسبب اعتراض المنظمين، في حين تقوم مجموعة بريتيش تيليكوم في المملكة المتحدة بإضافة الهواتف المحمولة إلى قائمتها من المنتجات بعد موافقتها الشهر الماضي على دفع حوالي 19 مليار دولار لشركة دويتشه تيليكوم وأورانج من أجل شراء ناقلهم اللاسلكي (إي إي). في الولايات المتحدة، ينبغي على المداعبات التي تحصل بين موفري الخدمات المحمولة الأربعة الرئيسيين أن تولد مشاريع مناسبة. عرقل المنظمون محاولة شركة إيه تي أند تي في عام 2011 شراء وحدة تي موبايل الأمريكية التابعة لشركة دويتشه تيليكوم. أما مخاوف مكافحة الاحتكار فقد أدت أيضا إلى أن تقوم تي موبايل وسبرينت بإلغاء محادثاتهما حول الاندماج. مع ذلك، قال براكستون كارتر، كبير الإداريين الماليين لمنطقة الولايات المتحدة في شركة تي موبايل في وقت سابق من هذا الشهر: إن احتمال الدمج في بلده «ليس مسالة فيما إذا سيحصل الدمج، وإنما مسألة متى سيحصل». في غياب الترابط، فإن حرب الأسعار في الطريق. في وقت سابق من هذا الشهر، قدمت شركة تي موبايل خططا لاسلكية منخفضة التكلفة للشركات الأمريكية المتوسطة وصغيرة الحجم في الوقت الذي يحاول فيه المزود الرابع الأكبر سرقة المزيد من الحصص في السوق التجارية من قادة الصناعة شركات إيه تي أند تي وفيرايزون للاتصالات. أيضا في هذا الشهر، قدمت شركة سبرينت الناقل الثالث حزمة منخفضة السعر تتضمن اتصال الإنترنت بسرعة عالية وشبكة واي فاي مع خط أرضي وخدمات الهاتف المحمول للشركات. نتيجة لذلك، انخفض متوسط الإيراد لكل مستخدم للأعمال التجارية في سوق الولايات المتحدة اللاسلكية، وفقا لمحللين لدى بلومبيرج إنتيليجينس. تتوقع شركة أبحاث الاتصالات أوفام أن تتراجع إيرادات الاتصالات في أوروبا بنسبة 1.5% هذا العام، زيادة على الانخفاض الذي حصل في عام 2014 بنسبة 2.2%. تبين الأرقام والتنبؤات التي جمعتها بلومبيرج إنتيليجينس أن إجمالي إيرادات البيانات والمكالمات الصوتية في أوروبا سوف تكون قد انخفضت بمقدار الربع تقريبا بين عامي 2008 و2016. تظهر أحدث دراسات أسواق المملكة المتحدة التي أجرتها الشركة المنظمة للصناعة أوفكوم، والتي نشرت في أغسطس، انخفاضا بنسبة 7% في إجمالي الإيرادات المتولدة عن الشركات الناقلة منذ عام 2008. أما الأخبار السارة للمستهلكين فهي أن متوسط التكلفة المعيشية الشهرية لخدمات الاتصالات انخفضت بأكثر من 11% في السنوات الخمس الماضية. تعتبر تلك الأرقام مقنعة جدا، وبالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا، تشير إلى مبيعات دائمة الانكماش في سوق ناضجة، بينما تشير بيانات المملكة المتحدة إلى أن التجميع المتزايد من خدمات الخط الثابت والهواتف المحمولة والانترنت والتلفاز يعتبر أخباراً جيدة للمستهلكين حتى عندما يكون هنالك عدد أقل من مزودي الخدمات.