تعاني المدارس الأهلية في المملكة من قلة التمويل والذي ينعكس سلباً على خططها للانتقال إلى المباني المدرسية الحديثة وبقائها في مبان مستأجرة، وتشير احصائيات اللجنة الوطنية للتعليم الأهلي بمجلس الغرف السعودية أن ما يزيد عن (70 %) من المدارس الأهلية في أبنية مستأجرة هذا ما أثر سلباً على مخرجات التعليم فيها، يضاف إلى ذلك عدة أسباب أدت لتراجع نمو الاستثمار في التعليم يأتي في مقدمتها نظرة القطاعات الحكومية والأهلية الأخرى إلى التعليم الأهلي كنشاط تجاري يهدف للربح المادي فقط، وذلك وفقًا لكلام عبدالله الغامدي عضو لجنة التعليم الأهلي بالشرقية.
وقد سنت عدة تشريعات وقوانين على هذا الأساس، منها صدور موافقة مجلس الوزراء رقم 374 تاريخ 23 / 02 / 1433 هـ، على التوصيات المتعلقة بتشجيع مشاركة القطاع الأهلي في قطاع التعليم العام في المملكة، حيث وجه مجلس الوزراء وزارة التربية والتعليم والجهات المعنية الأخرى باتخاذ ما يلزم حيال تلك التوصيات، وتضمنت تلك التوصيات دعم التعليم الأهلي بما في ذلك رياض الأطفال بما يتماشى والأهداف المحددة في خطة التنمية، وبما يكفل جودته، ومع ذلك لم تؤخذ بالحسبان الخصوصية التي يتمتع بها هذا الاستثمار باعتباره استثمارًا في عقول أبناء المملكة، ويتعامل مع الشريحة الأكبر في المجتمع.
آليات تمويل معقدة
ويشير الدكتور موفق الحريري رئيس لجنة التعليم الاهلي بغرفة مكة المكرمة إلى أن وزارة التعليم تطلب من المستثمرين توفير مقار مدرسية نموذجية، وهذا ما يعقد المشكلة ويزيد من صعوبة إيجاد حل لها مع عدم توافر التمويل الكافي، وتأخذ المشكلة أبعاداً أكبر عندما تكون آليات التمويل معقدة ومقيدة باشتراطات ومتطلبات شبه تعجيزية ويصعب على الكثير من المستثمرين تحقيقها، مما يحول دون الاستفادة منها في تطوير مشاريعهم التعليمية.
وأضاف الدكتور الحريري: لا بد من إعادة النظر في الآليات الحالية لعمليات التمويل والاقراض واشتراطاتها تشجيعاً للمستثمرين ودعوتهم لحضور ورش عمل وتشكيل لجان دائمة لمناقشة الصعوبات وإيجاد الحلول المناسبة لها، وإعداد الدراسات الميدانية حول أفضل السبل لتسهيل تمويل التعليم الأهلي وبالتالي النهوض بالاستثمار ككل.
أزمات مالية
من جانبها تقول هيا التميمي مستثمرة في التعليم الأهلي: هذا التراجع في الاستثمار في التعليم الأهلي والتأثير السلبي لمشكلاته على جودة مخرجات التعليم جعل الاعلام والجهات الحكومية توجه النقد اللاذع حول عدم كفاءة التعليم الأهلي ومخرجاته، على الرغم من أن نتائج اختبارات القياس توضح التفوق الكبير للتعليم الأهلي على التعليم الحكومي.
وتضيف التميمي: إن رفع رواتب المعلمين والمعلمات السعوديين حسب المرسوم الملكي رقم 121 / أ إلى 5600 ريال سعودي، ورفع رسوم الاشتراك في التأمينات الاجتماعية نسبة تزيد عن 300 % ورفع الحد الأدنى للرواتب وزيادة رسوم رخص العمل إلى 2500 ريال بزيادة 25 ضعفا، وتطبيق برنامج حماية الأجور بشكل متسرع وغير مدروس كفاية أوقع المدارس الأهلية بأزمات مالية حادة، كل ما ذكر سابقاً يشكل عاملاً منفراً لأصحاب رؤوس الأموال للدخول في الاستثمار بالتعليم وبالتالي نقص حاد في السيولة المالية في التعليم الأهلي، ولمعالجة ذلك لا بد من إعادة النظر في الآليات الحالية للتمويل وإيجاد سبل أكثر سهولة وجدية للتطبيق الفعال لدعم تمويل التعليم الأهلي.
دعم القروض
بدوره دعا رشيد الحصان عضو اللجنة الوطنية للتعليم الاهلي بمجلس الغرف السعودية وزارة المالية إلى دعم القروض بزيادتها إلى ما يزيد عن (70 %) من القيمة الحالية، وعدم تحديد عدد القروض الممنوحة للمستثمر في المدينة الواحدة طالما توافرت شروط وضوابط الإقراض لديه، وعدم الإقراض من البنوك التجارية بضمانات حكومية وزيادة مدة السداد إلى 25 سنة، والتنسيق بين الجهات المختلفة لدعم شراء الأراضي المناسبة للاستثمار في التعليم، وزيادة عدد المرافق التعليمية المخصصة للتعليم الأهلي بعقود إيجار طويلة الأمد، والدراسة الكافية لضوابط وشروط الإقراض واشراك اللجنة الوطنية للتعليم الأهلي بمجلس الغرف السعودية واللجان المناظرة في الغرف التجارية بورش عمل حول أفضل السبل لتسهيل تمويل التعليم الأهلي ليكون قادراً على مواكبة خطط التنمية، وإنشاء صندوق تمويل للتعليم الأهلي أسوة بعدد من القطاعات الأخرى وبإشراف مباشر من الحكومة، وأن تشمل القروض المدارس العالمية بعد السماح للطلاب السعوديين دخولها.
ويرى الحصان أهمية إيجاد بيئة استثمارية آمنة وجاذبة لرؤوس الأموال وفق نظم واضحة ومحددة بعيد عن القرارات الفجائية التي تؤثر سلبا على الاستثمار، وتدفع الكثير من رجال الأعمال للتراجع عن خططهم للاستثمار في التعليم، وقد لاحظنا مؤخرا اغلاق 11 مدرسة أهلية بجدة وهذا مؤشر غير سليم على الاستثمار، كما أن أصحاب المدارس الكبرى في المملكة لم تعد لدى أغلبهم الخطط التوسعية في مناطق أخرى بسبب التغير الطارئ على دراساتهم وخططهم الاستراتيجية، هذا أدى لاهتزاز ثقة الممولين بقدرة قطاع التعليم الأهلي على سداد التزاماته مما زاد من الحذر الائتماني لديهم والذي أدى إلى توقف شبه كامل لعمليات التمويل.