رحل الشاعر الوطني الكبير عبدالرحمن الأبنودي.. الذي كان لدوره ولأعماله الشعرية والأدبية المتميزة عطاء وابداع جعله علامة بارزة حاضرة في الثقافة المصرية والأدب العربي المعاصر وتجاوزت رحلته مع الشعر خمسين عاما.. استطاع خلالها ترك بصمة لن تنسى. بعد معاناة مع المرض رحل الابنودي عن عمر يناهز 77 عاما، بعد أن صدر له 22 ديوانا شعريا، وكتب أكثر من 800 أغنية معروفة لكبار المطربين منهم: عبدالحليم حافظ، شادية، صباح، فايزة أحمد، نجاة الصغيرة، وردة، ماجدة الرومي- محمد منير، هاني شاكر، محمد رشدي بالإضافة لبعض المطربين العرب. قدم أغنيات بعض الأفلام والأعمال الدرامية، كما شارك الدكتور يحيى عزمي كتابة حوار فيلم (الطوق والأسورة) ليعلن عن فنان يمتلك الفكر والكلمة والصوت.. وقد رثاه الكثير من الشعراء وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من الرثاء والصفحات المجللة بالسواد لرحيله. عن رحيل هذا الشاعر الكبير أعرب عدد من شعراء الوطن العربي عن أحزانهم لفقد الشاعر الكبير.
خسارة للشعر في البداية عبر الدكتور الشاعر إبراهيم السعافين (كلية الأداب –الجامعة الأردنية ) عن خالص التعازي والمواساة الأخوية بالأصالة عن نفسه وعن الشعب الاردني للشعب المصري الشقيق لرحيل الشاعر الوطني الكبير الأبنودي، قائلا: رحيل الأبنودي يمثل خسارة للشعر العربي الحديث والقصيدة المحكية بشكل خاص، فقد واكب حركة الشعر المحكي منذ فترة طويلة جدا، وقد قدم مجموعة من الاعمال وشارك في الاعمال السينمائية والمسرحية بالاضافة للشعر بمفهومه العام، وقد كان قريبا من القلب لانه كان يحكي هموم وطنه وأمته وهموم الناس، خسارته لا تعوض الشعر الذي قدمه الأبنودي كان مرتبطا بالقضايا العربية خاصة القضية الفلسطينية، وكثير من القصائد التي تناولت هموم الأمة كلها ومايتصل بها، رحمه الله.. شاعرنا العربي الكبير الأبنودي.
علامة لا تنسى
يقول الشاعر السكندري محجوب موسى.. إن الذكرى الطيبة للشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي ستبقى صادحة في كافة الميادين، وجميعنا نتذكر صوته الصادق والمعبر والمنحاز دوما لشعبه ووطنه في دفاعه عن قضايا أمته وقضايا الأمة العربية التي حملها أينما حل، وظلت شاخصة في وجدانه حتى آخر لحظات حياته.
وبرحيل الأبنودي تكون الأمة العربية ومصر قد خسرت هرما من أهراماتها الثقافية وقامة شعرية وطنية، وفارسا من فرسانها الذين أسهموا بما قدموه من ثراء فكري ومعرفي وشعري في استنهاض الأمة وبعث الحياة في وجدانها، داعيا المولى عز وجل أن يتغمده برحمته ويدخله نعيم جناته.
ملاحم حيوية
يقول الأستاذ الدكتور زكريا عناني أستاذ بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، ان كل كلمة قدمها كانت شعرا حتى وهو يجمع تلك القصائد الشعبية والبطولات الخرافية التي تجسدت ملاحم حيوية كانت شعرا أو نبضها أصبح شعرا.
عاش الابنودي من خلال ما قدم وما رسم وما عبر ليصبح علامة لا تنسى ومن يمكن أن ينسى بيرم التونسي والمتنبي، لذا سيظل اسم الابنودي حيا خالدا على مر الزمن، حقيقة كل ماقدمه الابنودي خارج مصر كان يحرك ما يعبر عن مصر بأصالة وقوة وحيوية، هذا الرجل نتاج صاف من قومية وإنسانية وحس شعبي عميق مغروس في أعمق الأعماق، الابنودي ظاهرة تفوق مئات الظواهر الاخرى التي يمحوها الزمن، لكنه يظل هو معبرا من خلال رحلته عن أشياء راسخة فينا لا يمكن أن تغيب أبدا، وهو يعيش في أعماق كل واحد منا رمزا وأسلوبا حيا راسخا، وكلماته عشناها حالة روحية من الصعب على الإنسان أن يرسم لها حدودا، رحمة الله على الخال عبدالرحمن الأبنودي.
شخصية متفردة
أضاف الدكتور فوزي عيسى.. شاعر واستاذ الادب العربي بكلية الاداب جامعة الاسكندرية، فقدنا شاعرا ينتمي للحس العروبي (الأبنودي)، الذي عاش في الفترة الناصرية.. فترة الحلم القومي العربي، واستطاع التعبير عن هذا الحلم في عدة قصائد عربية وهو كان يؤمن بالوحدة العربية والإنسان العربي على امتداد الوطن.. ربما هذا الجانب يستحق من الباحثين الوقوف عنده وتأمله خلال الفترة القادمة، فإن إنتاجه الشعري ودواوينه العديدة تحتاج لقراءات كثيرة لدراستها، كان الأبنودي لديه شخصية متفردة في الحوار والحديث وإلقاء الشعر.. فالابنودي أثناء إلقاء شعره يحلق بك في فضاء جميل وخيالات عميقة.. فهو ظاهرة متفردة بين شعرائنا المعاصرين. لم يكن شاعرا عاديا علي الإطلاق إذا تم قياسه بشعراء العامية.. سنجد الابنودي له صوته المتفرد وتجربته المتفردة واستطاع التعبير عن الانسان المصري البسيط وجذب جمهورا شعريا ضخما من أنحاء الوطن العربي، له رصيد ضخم في قلوب الناس على المستوي العام، وكان لشعره نكهة خاصة فهو معجون بالتراب المصري.. عبر عن الوطن بإخلاص شديد جدا.
ولا ننسي الأغاني العظيمة التي كتبها وساهمت في شحذ الهمم في وقت المحن والشدائد والانتصارات ولا يمكن أن ننسى أغنياته العاطفية ولا الشعبية. الابنودي كان شاعر صورة متفردة ونادرة عندما قال «والله صورتك تنفع تزين الجرانين» الصورة علي بساطتها تبدو في غاية العمق.. كانت صوره مبتكرة جديدة، وكذلك عندما قال «دي برتقالة ولا ده قلبي» لم يتفرد شاعر بهذه الصور الشعرية كما تفرد الأبنودي، فهو أخلص وأعطى حياته للشعر وبالتالي أعطاه الشعر الكثير، موته هو جسدي ولكن سيظل خالدا بكلماته التي دخلت القلوب قبل الأذن.
شاعر الشعب
وقال الشاعر فؤاد طمان، رحل عبدالرحمن الأبنودي.. شاعر الشعب وجزء من ضمير هذه الامة شارك الشعب المصري في أفراحه واحزانه وكان دائما صادق التعبير عن نفسه وعن مشاعره ومشاعر المصريين فليرحمه الله.
عصر كامل
ويقول الشاعر أيمن صادق.. الابنودي يمثل عصرا كاملا واستطاع التأثير في عدة أجيال.. الحالية والسابقة والقادمة، أنا عشت عذاب الهزيمة وفرحة النصر.. عشت الوطن مع شعر الأبنودي، فهو شاعر ظاهرة لن تختفي أبدا .. غيابه موجع ولكن كلماته تجعله يعيش بيننا.