يترابط ذكر المملكة على المستوى العالمي والإعلامي والسياسي وبشكل دائم مع النفط وسياسات وأسعار النفط، ويتم تحليل دور المملكة كلما تم التطرق إلى النفط أو القضايا والمواضيع النفطية.
ويلعب النفط دوراً مهماً في اقتصادات معظم دول العالم، ولكنه بالنسبة للمملكة العربية السعودية عصب الحياة والاقتصاد، وقد مكنت إيرادات الزيت الخام والمنتجات النفطية المملكة -وبفضل الله سبحانه وتعالى- من الإنفاق على مشاريع التنمية، وتقديم الخدمات الحكومية، والدعم المباشر وغير المباشر للمواطنين والمؤسسات العامة والخاصة، وعلى مساعدات الدول الشقيقة والصديقة، ويلعب القطاع النفطي أهم دور قطاعي في الناتج المحلي الإجمالي، حيث يمثل ناتج قطاع النفط والغاز الطبيعي أكبر جزء من ناتج المملكة القومي الإجمالي، ووصلت مساهمة ناتج قطاع النفط والغاز الطبيعي إلى 39،6% من إجمالي الناتج المحلي القومي للمملكة في عام 2014م، حسب تصنيف الأنشطة الاقتصادية للناتج المحلي.
وإذا إضيف ناتج قطاع تكرير النفط إلى هذه النسبة ترتفع مساهمة هذا القطاع إلى 42،5 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي القومي في عام 2014م.
ويدخل في إنتاج قطاع الزيت الخام والغاز الطبيعي ثلاثة قطاعات فرعية، هي إنتاج الزيت أو النفط الخام، وإنتاج سوائل الغاز الطبيعي، وإنتاج الغاز الطبيعي، ولا يدرك الكثير من الناس أن بيانات إنتاج المملكة من النفط التي تصدر في كل شهر من خلال إصدارات مؤسسات الطاقة العالمية والتي تتناقلها وسائل الإعلام العالمية تقتصر على النفط الخام لوحده.
ويتم التركيز فقط على بيانات النفط الخام؛ لأن المملكة عضو في منظمة الدول المصدرة للنفط، والتي تركز سياستها على نشاط إنتاج النفط الخام فقط، وكانت المنظمة تحدد حصص إنتاج النفط الخام فقط بينما يخرج خارج إطار اهتمامات المنظمة وحصص الدول الأعضاء إنتاج سوائل الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي.
وتتوفر بيانات شهرية عن إنتاج النفط الخام في المملكة من مصادر متعددة، وتشير هذه المصادر إلى بلوغ معدل إنتاج النفط الخام اليومي في المملكة خلال شهري يناير وفبراير 9،7 و 9،6 مليون برميل على التوالي.
وتعتبر معدلات إنتاج الزيت الخام هذه طبيعية ومألوفة بالنسبة لمستويات إنتاج المملكة، حيث تملك المملكة طاقة إنتاج زيت خام أكبر من معدلات الإنتاج هذه بما لا يقل عن مليونين ونصف مليون برميل في اليوم، وذلك منذ فترة من الزمن.
وذكر وزير البترول والثروة المعدنية خلال اللقاء الأخير لجمعية الاقتصاد السعودية أن معدل إنتاج المملكة من النفط الخام ارتفع إلى 10،3 مليون برميل في اليوم خلال شهر مارس من عام 2015م.
ويمثل هذا المستوى زيادة في معدلات الإنتاج اليومية في شهر مارس بلغت نسبتها 6،9 بالمائة عن معدل شهر فبراير اليومي، وقد عوضت الزيادة الملحوظة للإنتاج النفطي في شهر مارس التراجع الطفيف للإنتاج في أول شهرين من عام 2015م مقارنة مع نفس الفترة من عام 2014م.
ونتيجةً لهذه الزيادة في إنتاج شهر مارس ارتفع إنتاج المملكة العربية السعودية من النفط الخام في الربع الأول من عام 2015م بنسبة 1،6% مقارنةً بعام 2014م، وقد بلغ إجمالي إنتاج المملكة من النفط الخام في الربع الأول من عام 2015م حوالي 889،2 مليون برميل وبمعدل يومي مقداره 9،88مليون برميل يومياً.
ويزيد المعدل اليومي لإنتاج النفط الخام في الربع الأول من عام 2015م بنسبة 2،4 بالمائة عن المعدل اليومي للربع الرابع من عام 2014م، ولكن إجمالي إنتاج الربع الأول من عام 2015م ارتفع بنسبة ضئيلة مع إجمالي الربع الرابع من عام 2014م؛ بسبب زيادة عدد أيام الربع الرابع في السنة عن عدد أيام الربع الأول من كل عام.
ولا تتوفر بيانات رسمية حديثة عن معدلات إنتاج المملكة من سوائل الغاز، وإن كان من شبه المؤكد أنها سترتفع بنفس وتيرة ارتفاع إنتاج النفط الخام، وتشير آخر بيانات صادرة من شركة أرامكو عن إنتاج سوائل الغاز في عام 2013م إلى وصول إنتاج الشركة اليومي في ذلك العام إلى 1،249 مليون برميل في اليوم.
وهذا المعدل لا يشمل إنتاج غاز الإيثان والذي تعتبره وكالة الطاقة الدولية ومعظم المختصين في شؤون الطاقة جزءًا من سوائل الغاز الطبيعي، وإذا ما أضيف إنتاج المملكة اليومي من غاز الإيثان والبالغ حوالي 243 ألف برميل نفط مكافئ إلى إنتاج سوائل الغاز الطبيعي فإن إجمالي إنتاج المملكة من سوائل الغاز سيتجاوز 1،5 مليون برميل في اليوم، كما تنتج المملكة حوالي 80 ألف برميل من مادة إم تي بي إي والتي تضاف إلى البنزين.
ويضاف إنتاج سوائل الغاز الطبيعي ومادة إم تي بي إي إلى إنتاج الزيت الخام للحصول على إجمالي إنتاج سوائل الطاقة، وسيزيد معدل إنتاج المملكة من سوائل الطاقة بما لا يقل عن 1،6 مليون برميل يومياً عن إنتاج الزيت الخام، وعند هذا سيتجاوز معدل إنتاج المملكة من سوائل الطاقة 11،5 مليون برميل يومياً في الربع الأول من عام 2015م.
وتفيد بيانات إنتاج النفط الخام في الربع الأول من عام 2015م حدوث زيادة محدودة في الناتج المحلي الحقيقي لقطاع النفط الخام والغاز الطبيعي، والذي يمثل إنتاج النفط الخام معظمه، وينبغي التنبيه على أن زيادة الناتج المحلي الحقيقي لقطاع استخراج النفط والغاز لا يعني زيادة إيرادات النفط، حيث يجري تحييد تأثير تغيرات الأسعار باستخدام أسعار سنة الأساس في الناتج الحقيقي.
وهذا يعني أن النمو الحقيقي لهذا القطاع يعكس الزيادة الفعلية في كميات الإنتاج من هذه المادة الخام، ويشير بقاء أحجام إنتاج المملكة من الزيت الخام عند مستوياتها المعتادة إلى أن سياسة المملكة النفطية سياسة مستقرة وعادلة، حيث لم تحاول الاستحواذ على حصص الدول الأخرى، ولكنها في نفس الوقت لم تفرط في حصصها التاريخية، وبهذا تطمئن المملكة الأسواق العالمية والمستهلكين حول إمدادات النفط، ولكنها لا تتخلى عن الدفاع أو المحافظة على مصالحها.