فيما أعلنت الداخلية المصرية، حالة الطوارئ والاستنفار الأمني في جميع أنحاء البلاد، كشف مصدر أمني، عن تنفيذ حكم الإعدام، صباح الأحد، في ستة متهمين ينتمون لتنظيم بيت المقدس الإرهابي، في القضية المعروفة إعلامياً باسم خلية «عرب شركس».. والتي سبق أن استهدف فيها المتهمون حافلة جنود بمنطقة الأميرية وكمين مسطرد، وقتل ضابطي الهيئة الهندسية بمنطقة عرب شركس في محافظة القليوبية أثناء مداهمة تلك المنازل، ومداهمة البؤرة الإرهابية لأنصار التنظيم.
وعقب ساعات من إحالة أوراق 106 متهمين، بينهم الرئيس المعزول محمد مرسي وقيادات إخوانية، السبت، في قضيتي «التخابر» و«اقتحام السجون»، إبان ثورة 25 يناير 2011، رفعت الداخلية المصرية، درجة الاستعداد التي يتم بمقتضاها إلغاء ووقف جميع الإجازات والراحات في صفوف قطاعات الشرطة المختلفة.
وأكد مصدر أمني أنه تم تعزيز جميع الإجراءات الأمنية بمحيط المنشآت المهمة والحيوية، وكذلك تعزيز التواجد الأمني في الشوارع والميادين الرئيسية.
غضب شعبي ورسمي
داخلياً، تصاعدت ردود الفعل الغاضبة على المستويين الشعبي والسياسي، جراء حادث اغتيال 4 قضاة ظهر السبت بسيناء، والذي نفذه إرهابيون، فور حكم القضاء بإحالة الرئيس المعزول محمد مرسي للمفتي، فيما سرت مخاوف بشأن تصعيد جماعة الإخوان العنف المسلح بالشارع، وزيادة عمليات استهداف رجال الأمن والقضاة قبل حلول الذكرى الثانية لثورة 30 يونيو، وسادت حالة من الغضب، حول تعقيب أمريكا على الأحكام الصدارة بحق الإخوان.
وفيما شُيعت ليل السبت، جثامين الشهداء القضاة الذين تم اغتيالهم بالعريش، في جنازة عسكرية مهيبة، بحضور رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، ووزير الدفاع الفريق صدقي صبحي، ولفيف من القضاة، أمر النائب العام المستشار هشام بركات بفتح تحقيقات موسعة في الحادث لضبط الجناة.
تورط قضاة الإخوان
يأتي هذا فيما تواترت أنباء شبه مؤكدة عن تورط حركة «قضاة من أجل مصر» المؤيدة لجماعة الإخوان المسلمين، في مذبحة القضاة بسيناء، إذ إن الناطق باسم الحركة وليد شرابي، قد أمد الجناة بالمعلومات الكاملة عن تحركات المجني عليهم، وبياناتهم وعناوينهم، وقالت مصادر أمنية: إن تحقيقات موسعة تجري في هذا الشأن وسيتم إعلان نتائجها خلال ساعات.
وبينما أدان القيادي الإخواني المنشق د. ثروت الخرباوي، الحادث ووصفة بـ«الجبان» والمغرض للانتقام من القضاء، خاصة وأنه جاء فور إعلان النطق بحكم إحالة أوراق مرسي للمفتي، كشف «الخرباوي» أن الجناة كانوا يتوقعون الحُكم، وبيتوا النية لاِرتكاب الحادث، مستعينين باستراتيجية «الخلايا العنقودية»، إذ اشترك في تنفيذ العملية عدد كبير من الإرهابيين، حتى يصعب على الأمن الوصول إليهم.
تصعيد وعنف
وفي وقت يقترب 2 يونيو موعد إماطة اللثام عن الحُكم النهائي على المتهمين من قيادات جماعة الإخوان المُحال أوراقهم إلى المفتي، بقضيتي اقتحام السجون والتخابر مع حماس، سرت مخاوف من تصعيد الأذرع العسكرية للجماعة من أعمال العنف بالشارع، واستهدافهم لمزيد من رجال الجيش والشرطة والقضاة، وتنظيمهم لمسيرات وتظاهرات ليلية؛ بهدف الضغط على النظام المصري للتراجع خطوة إلى الوراء، خاصة مع اقتراب ذكرى ثورة 30 يونيو التي أطاحت بُحكم الإخوان.
الباحث في شؤون الحركات الإسلامية أحمد بان قال لـ«اليوم»: لا أستبعد إقدام جماعة الإخوان على إشعال الشارع بالفوضى اعتقادًا منها أن ذلك سيُحقق مأربها، لكنّ المشهد لن يختلف كثيرًا عما رأيناه في السابق خاصة وأنه تم إحالة قيادات إخوانية للمفتي من قبل، ولم نرَ تغيرات تكتيكية أو دراماتيكية في خطط الإخوان وانتهاجهم للعنف.
وبيّن «بان» أنه بصفة عامة وتيرة عنف الإخوان تضعف، والإخوان أمام مسارين الأول هو استمرارهم في التصعيد ضد الدولة بكافة الطرق وفي هذه الحالة سيخسرون الكثير لأن الدولة تقف الآن على أرض ثابتة، والمسار الثاني هو التعقل والرجوع خطوات للوراء بهدف الوصول إلى تسوية مستقبلياً مع الدولة، لكن الجماعة مريضة بداء الازدواجية ففي الوقت الذي تُطلق مبادرات للتصالح تنتهج العنف.
غضب من أمريكا
ووسط َغليان الشارع المصري، من مقتل قضاته الأربعة، زادت ردود الفعل الدولية الطين بلة، فلم تلتفت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الحادث الإرهابي لا بنعي أو تعليق، وإنما أعلنت على لسان مسؤول قوله: «إن أمريكا تشعر بقلق عميق من إحالة أوراق مرسي إلى المفتي، وأعلنا بشكل ثابت اعتراضنا على مسألة المحاكمات والأحكام الجماعية، التي تجرى بأسلوب لا يتطابق مع الالتزامات الدولية لمصر وسيادة القانون»، الأمر الذي زاد الاحتقان والسخط من تلك التصريحات إذ وصفها القيادي الإخواني المُنشق خالد الزعفراني بأنها غير مقبولة وتستحق الرد بقسوة من الخارجية المصرية.
قتل وضبط
وفي الوقت الذي تبنى فيه تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي، عملية استهداف قضاة وقتل أربعة ظهر السبت، في العريش، بشمال سيناء، قال الجيش المصري، إنه قتل 7 من عناصر «بيت المقدس»، في غارة جوية على معاقلهم في جنوب الشيخ زويد أول أمس.. أعلن الأمن أيضاً، إلقاء القبض على خلية إرهابية مكونة من 4 عناصر، جندت 16 شابًا؛ لتسفيرهم للانضمام لتنظيم داعش الإرهابي، للسفر إلى سوريا والعراق.
استهداف المحاكم
وبالسياق، تصاعدت حملة استهداف المحاكم المصرية، فيما يبدو أنه رد على إحالة مرسي وقيادات الإخوان للمفتي.
شهدت بعض مقار المحاكم، الأحد، يومًا داميًا؛ حيث قام مجهولون بالهجوم على بعض المحاكم وقاموا بإحراقها، فيما قام البعض بوضع عبوات ناسفة بمحيط مجمع محاكم بورسعيد وأسيوط.
أما في المنوفية، فاقتحم مجهولون محكمة ونيابة مدينة السادات، وأضرموا النيران فيها. وفي بور سعيد، وقع انفجار بإحدى كبائن التليفون الكائنة بجوار سنترال بورسعيد المجاور لمجمع المحاكم الابتدائية، ما تسبب في إصابة طفلة وتحطم عدد من زجاج نوافذ بعض السيارات نتيجة الانفجار. كما أصيب ملازم شرطة من قوة تأمين مجمع محاكم أسيوط إثر انفجار عبوة ناسفة بجوار سور المحكمة في ساعة متأخرة من مساء السبت.