لم تكن تلك الرسائل التي انهالت علي من أبناء العم في فجر الجمعة ١١ من شعبان رسالة عادية، بل كانت تحمل في طياتها نبأ عظيما، نعم كانت تحمل تلك الرسائل خبر وفاة رجل معطاء مبادر كريم محب للخير.
إنه نبأ وفاة ابن العم عادل بن أحمد الجعفري، هذه الفاجعة جعلتني أتذكر بعض مواقفه، وأتأمل في عطاءاته، وأنظر إلى هذه الدنيا الفانية نظرة تأمل وتدبر، فالباقي للعبد هو عمله الصالح.
لذا، اتجهت مباشرة للأعمال الخيرة والتي كان يبادر بها الفقيد، والتي لم يكن يرغب أن يظهرها للناس، وكان يحرص على أن ينجز هذه الأعمال بسرية تامة، إلا أنني كنت أعلم عن بعض أعماله الصالحة وأجهل أضعافها.
تذكرت حرصه على بناء العديد من المرافق والأوقاف، ولشدة بره بوالديه حرص -رحمه الله- أن يبني وقفا لأمه فقد حرص على بناء مغتسل للأموات بحي الكوت وخلف الجامع الجبري وجعله وقفا لأمه.
حرص -رحمه الله- على القيام بهذا العمل الخير، وبهذا البر لوالدته، وهي في حياتها؛ ليكسب دعوة صالحة، ومزيدا من الرضا، على عكس ما يفعله الكثير من الأبناء الصالحون والذين لا يشيدون الأوقاف والمبرات لوالديهم، إلا بعد وفاتهم ليظل هذا الوقف المبارك وهذا البر لمن يستحق البر لوالدته المرأة الصالحة الخالة أم عادل شاهدا لتوفيق الله له.
وكان -رحمه الله- يحرص على إيجاد الحلول لأي موقف يحتاج لعلاج، ويبذل ماله وجاهه في سبيل ذلك، ومن مبادراته الخيرة والتي ستظل شاهدة على جميل صنعه عندما رأى الازدحام الشديد على دورات المياه في ليلة ختم القرآن بالجامع الجبري، حرص على بناء مجمع لدورات المياه بجوار الجامع مباشرة، عمل ذلك من أجل راحة وخدمة المصلين.
وعندما علم عن وجود بعض النواقص في أثاث أحد المساجد حرص على تأمين تلك الاحتياجات في نفس اليوم.
كان -رحمه الله- سريع التجاوب مع أي عمل خيري أو اجتماعي، وكان -رحمه الله- كريما مضيافا يستقبل ضيوفه بابتسامة مشرقة وبطلاقة وجه، وكان يفرح إذا طلب منه صديقٌ أو قريبٌ مزرعته أو أي شيء يملكه، وكان يُشعر صاحب الطلب أنه صاحب الفضل مع حرصه أن يقوم هو بواجب الضيافة لأي ضيف يحل على الأحساء.
سيرة عطرة وحرص منقطع النظير للإسهام في أي عمل خير، وهذه الصفات المباركة هي ما ورثه المرحوم (بإذن الله) من والده العم أحمد صاحب الرأي السديد والحكيم وصاحب المواقف العظيمة، والذي أقدم له أحر التعازي على هذا الفقد العظيم الأليم، وإلى والدته المباركة الخالة أم عادل، وإلى أبنائه عبدالله وعبدالعزيز، وبناته وإخوته وأخواته ولجميع أفراد أسرتنا.
«إنَّا لله وإنا إليه راجعون»
وإلى جنة الخلد يا عادل.