في التاسع والعشرين من مايو، أعلنت الحكومة اليابانية أن أسعار السلع الاستهلاكية في البلاد لم تتغير في إبريل منذ العام الماضي، ما يدعو إلى التشكيك في سلطة جهود البنك المركزي الرامية إلى رفع الأسعار. يتصرف بنك اليابان نوعا ما كصندوق تحوط، محاولا تجريب أي استثمار لتحقيق هدفه المتمثل في رفع التضخم إلى 2 بالمائة.
إنه يتلقف ليس فقط السندات الحكومية وإنما أيضا صناديق الأموال المدرجة في البورصة وسندات الشركات وصناديق الاستثمار العقارية وقروض رأس المال المغامر - أي شيء لإيصال المزيد من المال إلى أيدي المقرضين والمستثمرين حتى يتمكنوا من زيادة الإقراض والاستثمار.
يقول ياشوهيرو تاكاهاشي، وهو اقتصادي أول لدى نومورا للأوراق المالية: «يستحق بنك اليابان جائزة البنك الأكثر نشاطات عدوانية من بين البنوك المركزية».
يؤكد أحدث تقرير للأسعار الاستهلاكية على صعوبة مهمة البنك المركزي. قام محافظ بنك اليابان هاروهيكو كورودا بمضاعفة وتوسيع نطاق سياسته في أكتوبر الماضي، المعروفة رسميا ببرنامج التسهيل النقدي الكمي والنوعي. تعهد البنك المركزي بزيادة القاعدة النقدية من 60 تريليون ين (482 مليار دولار) سنويا إلى 80 تريليون ين لمنح المصارف المزيد من الأموال للإقراض.
عمل الجهد البطولي على رفع متوسط مؤشر نيكاي للأسهم 225 إلى مستوى مرتفع لم يحققه على مدى 15 عاما وعمل على خفض الين إلى مستوى متدنٍ لم يصل إليه خلال 12 عاما مقابل الدولار. على الرغم من أن هذا أسعد مستثمري الأسهم والمصدرين الكبار كشركة تويوتا للسيارات وشيسيدو، إلا أنه لم يؤثر في النمو الإجمالي أو التضخم.
ترى الأغلبية المكونة من 36 من الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع بلومبيرج، أن بنك اليابان سوف يعزز برنامجه قبل أواخر أكتوبر، في حين أنه يتوقع أن يقوم بتحديث توقعاته المتعلقة بالتضخم. إذا كان معدل التضخم هو أقل من 2 بالمائة، فإن البنك سوف يزيد من الحوافز الإضافية.
يتوقع بنك نومورا أن البنك المركزي سوف يحوِل تركيزه من السندات إلى عمليات شراء الأسهم الربيع المقبل، مراهنا بأن السوق الصاعدة قد تحفز بفعالية أكبر الإنفاق الاستهلاكي. يعتقد نومورا أن بنك اليابان سوف يضاعف مشترياته الخاصة من الصناديق المدرجة بالبورصة إلى 6 تريليونات ين، وفي الوقت نفسه سوف يعلن عن خطط الانسحاب التدريجي من مشترياته للسندات.
قال كورودا إن الهبوط في أسعار النفط على المدى القصير عمل على تأخير إحراز تقدم بشأن توليد التضخم وإن ارتفاع الأجور سوف يحدث نموا وإنفاقا استهلاكيا وارتفاعا في الأسعار. يقول تاكاهيرو سيكيدو، مسؤول سابق في بنك اليابان يعمل الآن كخبير استراتيجي في بنك طوكيو- ميتسوبيشي (يو إف جي): «إنه حقا من المبكر جدا القول إن برنامج كورودا للتسهيل لم يكن ناجحا».
تواجه اليابان تحديات هيكلية، نظرا لعدد السكان المتقلص وازدياد عدد كبار السن، وعبء الديون لديها، الذي يعد الأكبر في العالم المتقدم. يقول نائب رئيس المصرف الاحتياطي السابق دونالد كون، الذي يعمل الآن لدى معهد بروكينغز: «لقد كانت سياسات بنك اليابان ويجب أن تكون أكثر طموحا. لن يكون من السهل اختراق توقعات الانكماش التي كانت راسخة على مدى عقود من الزمن».
يتساءل المحافظون المختصون بالمالية العامة حول عمليات شراء السندات في بنك اليابان، التي تستولي على حوالي 90 بالمائة من جميع السندات الحكومية الجديدة الصادرة للحفاظ على انخفاض أسعار الفائدة طويلة الأجل. إذا عادت أسعار الفائدة طويلة الأجل إلى متوسطها التاريخي البالغ 3 بالمائة، من 0.4 بالمائة الآن، قد تعمل مدفوعات الفائدة الأعلى على دفع عجز الميزانية من 8.5 بالمائة إلى 13 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. يقول تاكاهاشي من نومورا: «يقترب بنك اليابان من حدود إمكانياته فيما يتعلق بشراء السندات».
يواصل كورودا تمتعه بالدعم الثابت المقدم من رئيس الوزراء شينزو آبي، الذي اختاره لإدارة بنك اليابان في عام 2013. رغم ذلك، فشل آبي حتى الآن في الوفاء بوعوده المتعلقة بالعمل والضرائب والإصلاحات التنظيمية التي يقول خبراء الاقتصاد إنها لازمة لإعادة اليابان إلى المسار الصحيح. إن قوة النيران النقدية لوحدها لن تعمل على إعادة تنشيط الاقتصاد.