توفي فجر امس الأربعاء بالعاصمة أنقرة الرئيس التركي التاسع "سليمان ديميريل"، الملقب بـ"أبي السياسة التركية"؛ إثر تعرضه لأزمة قلبية حادة، عن عمر ناهز 91 عاما، قضى خمسين منها في معترك السياسة.
واشتُهر ديميريل -أحد أبرز الوجوه السياسية في تركيا- بقبعته المخملية، التي لم تكن تفارقه، واعتبر أنها أصبحت "رمز الديمقراطية" في بلاده، وقال فيها: "هذه القبعة ليست لي، إنها ملك الشعب الآن".
وولد ديميريل في الاول من نوفمبر 1924 في مدينة إسبارطة، جنوب غربي تركيا، وأتم دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدينتي اسبارطة وأفيون، ليلتحق بجامعة اسطنبول التقنية، ويتخرج من كلية الهندسة المدنية عام 1949.
وعُين مديرًا عامًّا لإدارة شؤون المياه التركية، ولقب بـ"ملك السدود"؛ نظراً للسدود ومشاريع المياه التي أنشئت إبان ترؤسه للإدارة.
وخاض ديميريل غمار الحياة السياسية عام 1962، عندما أصبح عضو الهيئة الإدارية لـ"حزب العدالة" في تلك الفترة، وفي غضون سنتين وتحديداً في 28 نوفمبر 1964 اختير أميناً عاماً للحزب.
وشغل منصبي وزير دولة ونائب رئيس الحكومة الائتلافية، التي ساهم في تشكيلها، ما بين فبراير وأكتوبر 1965، وانتخب نائبًا في الانتخابات البرلمانية، في 10 أكتوبر 1965، وأصبح رئيس الوزراء التركي الثاني عشر، بترؤسه الحكومة المشكلة في العام ذاته.
وشكل "ديميريل" الحكومة في 1969 و1970 و1975 و1977 و1979. وترأس حكومة الأقلية، المدعومة من قبل حزبي "السلامة القومية" و"الحركة القومية"، عقب انتخابات 1979، واضطر للانسحاب من المعترك السياسي عقب انقلاب 12سبتمبر 1980.
ومُنع ديميريل من ممارسة العمل السياسي لمدة 10 سنوات بموجب دستور عام 1982، وعقب السماح بتشكيل الأحزاب السياسية مجددًا بعد الانقلاب أسس ديميريل حزب تركيا الكبيرة، مع بعض المقربين له من السياسيين، إلا أن الحزب أُغلق، ووُضع ديميريل قيد الإقامة الجبرية، بدعوى انتهاكه حظر العمل السياسي المفروض عليه.
وأُلغي حظر العمل السياسي على ديميريل عام 1987، وفاز حزبه تحت اسم "الطريق القويم" في الانتخابات البرلمانية عام 1991، وشكل حكومة ائتلافية مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشعبي.
وتقلد منصب رئيس الوزراء سبع مرات، على مدار عشر سنوات و5 أشهر، قبل أن يُنتخب رئيساً تاسعًا للجمهورية التركية في 16 أيار/مايو 1993، وحتى 16 مايو 2000.
ووقع إبّان ولايته انقلاب 28 فبراير 1997، وهو ما يُعرف باسم "انقلاب ما بعد الحداثة" في الحياة السياسية التركية، وقال عنه ديميريل: "هل أُطيح بالحكومة؟ هل أُغلقت الأحزاب السياسية؟ استقالت الحكومة بعد فترة، وتأسست حكومة جديدة بموجب الدستور. هذا لا يُسمى انقلابًا".