تتضافر الجهود من أجل مكافحة آفة المخدرات الفتاكة التي يذهب ضحيتها أفراد المجتمع خاصة الشباب، حيث لم يغفل الجانب الثقافي والفني عن التطرق للمواضيع التوعوية التي تلامس الشباب والشابات، وبالخصوص موضوع المخدرات هذه الآفة التي قضت بسمومها على أبنائنا. في هذا السياق، وقفت «اليوم» على المنابر الثقافية لمعرفة دورها في التوعية التثقيفية للشباب، فمن الجانب المسرحي تحدث الممثل والمخرج المسرحي سلطان النوة عن المسرح ودوره في التوعية من آفة المخدرات، مشيرا إلى أن المسرح فن يجمع كل الفنون في قالب واحد يقدمها ويطرحها يناقشها ويفندها، فهو كغيره من الفنون والتي كانت وما زالت من أولى مهماتها تغيير أنماط السلوك نحو الايجابية المقرونة بالعطاء والإنتاجية خدمة للمجتمع وللوطن بأسره. وأضاف: مما لا شك فيه أن آفة المخدرات وتعاطيها هي أكبر التحديات التي تواجه الفنون بجميع أنواعها وأولها المسرح، فالعقل عندما يغيب عن الفرد فلا تتوقع منه أي عنصر إنتاجي ويصبح بالتالي عامل هدم في محيطه لا عامل بناء، وعندما نتعامل مع موضوع تعاطي المخدرات في الأعمال الفنية فهي بالتالي من الموضوعات بالغة الأهمية، ومن الخطورة تقديمها بكل سهولة، فمن الضروري أن تخضع المسألة لمزيد من التدقيق والمبررات والأسلوب الموضوعي المناسب والمنسجم الذي يتلقاه المتفرج ويؤثر فيه ويسهم في تنويره.
وعن المواضيع التي قدمت وطرحت على المسرح ومدى تقبل الشباب والمجتمع لها، أشار النوة إلى أن هناك مجموعة من الأعمال الفنية تناولت مثل هذا النوع من المواضيع، خاصة الأعمال الدرامية، ولكن يبقى المسرح قليل الطرح والتناول لمثل هذه الموضوعات، وإذا تم تقديمها فهي تقدم ضمن مجموعة أخرى من المشكلات والقضايا والتي يكون من ضمنها موضوع تعاطي المخدرات، مبينا أن المتفرج أيا كان جنسه وعمره سوف يتقبل كل ما يتم طرحه إذا تم احترام ذائقته، وكان الطرح بأسلوب مقنع له ويستطيع استيعابه بكل ارتياح، عندها سوف يظهر تأثيره.
وأبان النوة أنه شارك في التمثيل في عملين مسرحيين، طرح كل منهما موضوع تعاطي المخدرات وكيفية التعامل مع المتعاطي من خلال مسرحية «الكرتون» للمؤلف عبدالعزيز السماعيل، وكذلك مسرحية «يا فرحة ما تمت» للمؤلف محمد الهويمل، وكلا العملين من إخراج علي الغوينم وتم تقديمهما في الاحساء والرياض والطائف والمدينة المنورة.
وأكد أن قضية المسرح بشكل عام هي ما تقلق المسرحيين كل عام، حيث ما زالوا يبحثون عن أسس وقواعد وأهمها قاعات مسرحية مناسبة يستقبل من خلالها الجمهور، وتكون مهيأة لهم، فضلا عن زيادة في الدعم المادي للأعمال المسرحية حتى تؤدي دورها على أكمل وجه، أما بالنسبة لدور المسرح في عملية التوعية فذكر النوة أن المسرح منصة مهمة ومباشرة توجه للمجتمع يقدم من خلاله رسائل واضحة تهذب السلوك وتقدم وتساهم في صناعة المواطنة الصالحة المحبة والمنتجة، ورغم ذلك فلا يزال أمام المسرح والمسرحيين الكثير ليقدموه، برغم الوسائل المتعددة والتي جذبت أفراد المجتمع لمتابعتها من وسائل تواصل اجتماعي وبرامج تلفزيونية، إلا أن المسرح ما زال يحظى بالحضور والمتابعة.
مضيفا: من واقع التجربة في العام الماضي تم عرض عمل مسرحي ولمدة ٧ أيام وبرسوم للدخول، إلا أن الحضور فاق التوقعات مما يحملهم المسؤولية بشكل اكبر للعمل المستمر والتواجد وتقديم الأفضل والمميز، منوها إلى أن المسؤولية في قصور المسرح في الجانب التوعوي ضد المخدرات يشترك من خلالها الجميع، بدءا من توجه الفرقة أو المؤسسة في عملية اختيار الموضوعات، وأيضاً على المؤلفين، بحكم أن العمل المسرحي تنطلق فكرته وموضوعه بقلم المؤلف المسرحي، ولا يستثنى المخرج المسرحي، فكثير من المخرجين يبحث عن نوعية معينة من المواضيع ويهمل أخرى، فالنصوص قد تتوفر ولكن مسألة تنفيذها تحكمها أحيانا اختيارات المخرج؛ لأنه المسؤول الأول والأخير عن شكل ونوع العمل المسرحي المقدم.
أما في جانب المناشط الثقافية لجانب التوعية ضد المخدرات، فأبانت عضو مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي تهاني الصبيح أن تلك الأنشطة هي مجموعة البرامج التي تصدرها مؤسسات توعوية بعضها تابعة لوزارة الثقافة والإعلام، وبعضها عبارة عن جمعيات تطوعية معنية ببث التوعية وإعادة تربية النشء على المبادئ السامية التي تهيئ لكل فرد أن يكون عضوا فاعلا في المجتمع ومعينا على بنائه، وجاءت المساهمة بإلقاء الكثير من الندوات والمحاضرات وعرض المشاهد التمثيلية المؤثرة والتي تلقى حشداً جماهيريا ضخماً، مشيرة إلى أن المجالس الأدبية لها دور يستهان به في بث الوعي الفكري والثقافي، وتجاوزها لهذا الدور يقلل من حجم أهميتها وفاعليتها الوطنية، مبينة أنه استضاف نادي الأحساء الأدبي أطباء في تخصص جراحة القلب وتحدثوا عن الكثير من الآفات التي تصيب القلب وتودي بانتظام عمله ومنها التدخين والمخدرات، كما حرص نادي الأحساء الأدبي على احتضان المواهب الشابة ومنحها فرصة العمل والتفاعل مع أنشطة النادي من أجل البناء والعطاء وشغل أوقات الفراغ التي قد تكون محرضاً على ارتكاب الخطأ والانزلاق في الجريمة.، مشيرة إلى أن المثقف والأديب أقدر من غيرهما على التواصل مع الشباب لأن الثقافة أفق يمكنه من الاقتراب الهادئ من الآخرين وتحسس حاجاتهم وسبر أغوار نفوسهم وإمكانية اكتشاف حاجاتهم والتعبير عنها بوضوح وسلاسة، وذكاء الأديب المثقف وسيلة لإيجاد الكثير من الحلول لمعالجة آفات الشباب والعمل على اقتلاع جذورها، مبينة أن القصائد المندرجة تحت هذا الجانب قليلة وربما أكثرها رمزي يتمخض في رثاء ضياع شاب أو شابة. لكن الرواية كانت خير متسع للتعبير عن هذا الوباء ودراسة آثاره على الأسرة والمجتمع، ورصد نهايات كل السائرين على طريقه بفظاعة ووجع. أما مدير جمعية الثقافة والفنون بالأحساء علي الغوينم، فبين أنه منذ تأسيس الجمعية وهي مستمرة في تقديم العديد من الفعاليات الثقافية والفنية المتنوعة، وهدفها في ذلك تبني المواهب والأخذ بيدها نحو الإبداع وتقديم نتاجهم للمجتمع من خلال عروض مسرحية أو معارض تشكيلية أو فوتوغرافية أو أمسيات ثقافية أو فنون تراثية وشعبية وغيرها، والجمعية إحدى مؤسسات المجتمع المدني لها علاقاتها بجميع المؤسسات الاجتماعية الأخرى، وتساهم معها في تقديم العديد من المناشط المختلفة، ولها نشاط ملموس يشعر به أبناء الأحساء ويتابعونه ويحضرون فعالياته. وأضاف: هذه الفعاليات الثقافية والفنية التي تقدمها الجمعية بشكل كبير لأهدافها النبيلة، وتشمل جميع المواضيع التوعوية وخير دليل على وصولها نمو أعداد المنتسبين للجمعية من الأعضاء، بسبب الإيمان الكبير منهم بما تقدمه الجمعية من أنشطة تمس ميولهم ويجدون أنفسهم فيها، حيث يبلغ عدد المنتسبين لقسم المسرح فقط بالجمعية أكثر من 500 منتسب، ناهيك عن الأقسام الأخرى، كما أن هناك حضورا متميزا لأنشطة الجمعية بسبب ثقة الناس بما تقدمه من أنشطة وفعاليات رغم قلة الإمكانيات المتاحة. وقال: إن زيادة الدعم والشراكات المؤسسية لهم الدور الكبير في تقديم خدمات نوعية ثقافية توعوية ووطنية تستهدف جميع أبناء وبنات مجتمعنا السعودي، فمن خلال الدعم يتم تقديم البرامج والفعاليات التي يرغبها الجميع ويساهم فيها الكل بمختلف أعمارهم وتوجهاتهم الثقافية والفنية لإشراكهم في تنمية هواياتهم، وخلق منافسة شريفة هدفها الارتقاء بالذائقة واستغلال نتاج المجتمع الثقافي والتراثي والفني وتقديمه للمتلقي بشكل يشعره بالفخر في انتمائه لهذا الوطن الغالي ويتناسب مع أفكارهم وأعمارهم. في حين ذكر الممثل والمخرج عباس الشويفعي أن المخدرات آفة العصر والعديد من الأرواح زهقت بسببها وراح ضحاياها من رجال الأمن في سبيل القضاء على هذا الداء الفتاك، مبينا أنه تم التطرق لهذا الموضوع من خلال وسائل الإعلام المختلفة ومن خلال الدراما التلفزيونية من حيث النصح والإرشاد والتوعية ضد هذه الآفة، وكانت الدراما ترسم لنا أبشع الصور لقضية المدمن والأضرار التي تلحقه جراء إدمانه من إهدار حياته وما يتعرض له من إذلال وإهانة لكرامته لكي يحصل على مبتغاه منها، كما ناقشت الدراما أيضا أثر الإدمان ليس على الفرد نفسه بل على أهله ومجتمعه، حيث يلحقهم الضرر لإدمانه، فربما يسرق ويقتل وينتهك الحقوق بغية الحصول على طلبه، وحتى بعد موت المدمن يصل الأذى لأفراد أسرته والذين يتشردون من وراء موته، كل هذا شاهدناه في صور الدراما والأفلام التوعوية قدمت كل ما لديها من خطوط وقصص وتعمقت أحيانا. مبينا أن الدراما فتحت آفاقها في التوعية، حيث تطرقت إلى علاج المدمن وانه لم يقف الحد عند الإدمان، فهناك حلول لعلاجه ليتعظ أفراد المجتمع ويتمكنوا من إصلاح الخطأ إذا وقعوا فيه أيضا، في حين أنه يرى أن السجن هو أفضل دواء للمدمن ليتعظ من خطئه، مشيرا إلى أنه ضد طرح تفاصيل قضية الإدمان للمجتمع وكيفية التعاطي لما لها من أثار سلبية قد يتعلم البعض منها ما هو عكس المطلوب، كوسائل التعاطي وغيرها، مشيرا إلى أن الدراما الآن أصبحت تجارية تسعى لجمع الأموال، وقلما نجد منتجا صادقا في طرح القضايا الهادفة.