DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

مآثر المناهج التعليمية

مآثر المناهج التعليمية

مآثر المناهج التعليمية
عند الحديث عن أي مشكلة اجتماعية شائعة سواء فيما يتعلق بالسلوك أو القيم، بل حتى أصعب القضايا وأكثرها تعقيدا في البيئة الاجتماعية نجد أن اللوم يقع على المناهج التعليمية والتربوية، ليس اللوم فقط، بل إن المختصين في جميع المجالات دائما ما يعولون في خططهم الإصلاحية على قضية المناهج التعليمية ودور المدرسة والمعلم.. ولدي هنا تساؤل آمل من أصحاب تلك الرؤى الاجتماعية الإصلاحية إفادتي فيه؛ وهو إذا كانت المناهج التعليمية تستطيع الإسهام في حل مشاكلنا الاجتماعية والسلوكية فلماذا نجد أن أبسط قواعد الأخلاق العامة واحترام حقوق الآخرين وحسن الخلق مفقودة في كثير ممن نجتمع بهم في الأماكن العامة وفي العالم الافتراضي عبر المواقع الاجتماعية، ويمتد هذا الفقر الأخلاقي حتى إلى دوائر زملاء العمل والدراسة والأقارب، بالرغم من أن مناهجنا التعليمية تكرس أهمية حسن الخلق واللطافة وحسن التعامل مع الآخرين واحترامهم، كما أن الإذاعة المدرسية الصباحية لا تكاد تخلو من مواعظ تتعلق بهذا الجانب، يرافق هذا الدعم تعزيز آخر من منابر المساجد والخطب الدينية والمحاضرات الدعوية التي لا تنفك تؤكد على تلك المبادئ.. بل إن مواقع التواصل الاجتماعي – التي قيل عنها إنها أصبحت إحدى وسائل التربية حديثا - منذ بزوغها وحتى الآن تقوم بتداول فضائل وحكم تتعلق بهذه الأخلاق.. لا أريد أن أملك نظرة تشاؤمية في هذا الجانب لكن بدأت أشعر بأننا اقتربنا من ظاهرة فقر أخلاقي عام في سلوك الأفراد في بيئتنا الاجتماعية، لم تجدِ معه تلك الخطب والمناهج والبرامج الدعوية، وإلا قياسا على تلك الجهود المبذولة في الجانب النظري من المفترض ان نجد مجتمعا يتمتع أفراده بدرجة عالية من النبل الأخلاقي لكن مع شديد الأسف أن الواقع يظهر عكس ذلك؛ فقد اتضح أن هناك كثيرين يفتقدون ليس لحسن الخلق بل لأبسط قواعد الذوق واحترام الآخرين، فهذه الأخلاق المتدنية يمكن ملاحظتها في سلوك البعض في قيادته للسيارة أو طريقة احترامه للطابور الذي يقف به أو طريقة حديثه مع البائع في المحل أو النادل في المطعم.. المخيف في هذه الظاهرة ليست هي بحد ذاتها كون سوء الخلق وضعف الإلمام بقواعد الاتيكيت العامة أمر يتفق الجميع على إدانته، المخيف بحق هي حالة الانفصام النفسي والأخلاقي التي يعاني منها الأفراد، فأكثر الناس إزعاجا في محيطه الاجتماعي والعام هو أكثر من يزعجك بالثرثرة عن الأخلاق وقيم الدين النبيلة، كما أن رسائله في قروبات "الواتس اب" وحساباته في مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى تزخر بهذا!! بدأت أشعر بأنه من الصعب تهذيب الناس بالمناهج والتعليم ومنابر المساجد، خاصة بعد أن سمعت بنفسي كيف يستخدم بعض الدعاة أسوأ الألفاظ وأقبحها لإدانة سلوك لا يعجبه في الآخرين، وكيف يحوره ويلبسه لباسا دينيا لإقناع الناس بخطئه ولهذه الشخصيات جمهورها العريض. والمشكلة أيضا ليست في انخفاض المعيار الأخلاقي بل إن الناس لم يعودوا يستنكرون أيضا هذا الضعف وأصبحوا يتماهون معه، فمثلا عندما ندين سلوك أحد المسؤولين الذي تعامل مع أحد المراجعين بغلظة، يجب أن نكون منصفين في تقييم الموقف فلا نتغاضى عن كون المراجع متطاولا، ويحاول الاستفزاز ولديه نية مسبقة في توثيق الموقف بحجة أنه يجب أن نكون مع المواطن الضعيف! لا يجب أن نعمق مبدأ رفع الصوت والتحدي لأخذ الحق فهو مبدأ أو عرف لا مكان له في النظام وكل تظلم له قنواته الخاصة. * إعلامية وباحثة اجتماعية