ما من موسمٍ يقدم سواءً شهر رمضان المبارك أو العيدان المعظمان أو حتى العام الدراسي الجديد إلا وتجدنا في موعدٍ محموم مع تجارنا الاعزاء على جيوبنا لا قلوبنا؛ موعدٌ تراهم وكأنهم بسباقٍ ماراثونيٍ لأيهم يرفع الأسعار أولاً وأحياناً مضاعفتها وكأن بينهم تحديا على الشجاعة والبطولة في البدء والإقدام على هذا المنحى في الجشع، وليت الأمر يقف عند هذا فحسب، بل تجدهم يتفننون في خلق المبررات والحجج لجعلها سبباً رئيسياً للرفع من لهيب الأسعار لمستوى يضاهي حرارة شمسنا قياساً بمستوى دخل الفرد من بين أواسطنا، حتى ان مبرراتهم وحيلهم وخدعهم الواهية في كثيرٍ من المرات تنطلي على المثقف والحاذق والفطن، نتذكر جيداً ذلكم الوقت الذي كانت أسعار السيارات في مصانعها وبلد منشئها تتهاوى وتنخفض إلى نصف القيمة وإذ بوكلاء شركات تلك السيارات من تجارنا بالمقابل يرفعون أسعار نفس هذه السيارات لدينا رحمة بالصانع وببلده لا بالمستهلكين المواطنين الذين هم من أهلهم ووطنهم ومن بني جلدتهم، علاوة على نقلهم إلينا صوراً وأخباراً مغايرة عن واقع بلد المنشأ وأسعار المصانع ويتكلمون بعكس لسان حالهم، إلى أن اكتشف شبابنا هذه الحيلة عندما تواصلوا مباشرة مع المصانع وزاروا بلدان المنشأ بأنفسهم وكشفوا زيف هذه الحيل التي انطلت على الكثير وشنوا ضدهم حملة اسمها (خلوها تصدي) ومثال آخر عندما رفعوا 50% من أسعار البيبسي والمشروبات الغازية تذرعوا بأن السبب هو ارتفاع عالمي في سعر السكر، ولنفترض بأن هذا هو السبب كما تزعمون فلماذا يا تجارنا الكرماء الرحماء رفعتم أيضاً سعر الدايت بيبسي والمعروف بأن مشروبات الدايت خالية تماماً من السكر!؟ وهناك حالات أخرى مشابهة لألاعيبهم ومراوغاتهم علينا نحن المواطنين والمقيمين المستهلكين، وعندما عملنا بمبدأ شعبي أزلي وهو مقاطعة بضائعهم ومنتجاتهم وهو أبسط حق خاص بنا لا يمنعنا منه أحد ولا تجبرنا أي جهة على شراء بضائعهم ومع ذلك أقام تجارنا الدنيا ولم يقعدوها على كل من أيد العمل وحاولوا الاستقواء بوزارة التجارة والصناعة ومن واقع متابعتنا تيقنا من أن بعض تجارنا هم الاكثر ضرراً بمواطنيهم؛ وعند حدوث كوارث وأزمات يسعون أيضاً لاستغلالها لزيادة أرباحهم من جلد المتضررين بعكس باقي تجار العالم. رمضان الكريم شهر كرمٍ لا شهر لؤمٍ، وقد أشرف على نهايته وكل تاجرٍ حيالنا لا يزال على نفس مواله، ورأينا كيف وما زالوا يستخدمون أساليب جديدة عبقرية في الجذب لسلعهم والتحايل برفع أسعارها، فاتقوا الله في إخوانكم وذويكم معشر التجار, واعلموا أن الطمع يؤدي لسعادة مؤقتة ولشقاء دائم فبدلاً من تبنيكم لمشاريع خيرية تعج بها البلاد وتساعدون بها العباد ارحموا الضعفاء والفقراء وضعيفي الدخل في عدم جلدهم بسياط أسعاركم.