الاقتصاد الإسلامي كان حلماً يراود الكثيرين، والحمدلله الآن أصبح حقيقة وواقعاً يحتم على الجميع التعامل معه ومناقشة آرائه وأفكاره وانطلاقاً من أن المعرفة في الاقتصاد الاسلامي هي معرفة تبعية تتأثر بما هو حاصل في علم الفقه وعلم الاقتصاد، ولعل أبرز ما هو حاصل من تغيرات في علم الاقتصاد هو المراجعات المعرفية والعلمية لأسس ونظريات هذا العلم خاصة بعد الأزمة المالية العالمية، وينسحب ذلك على الاقتصاد الإسلامي، فهناك أزمة معرفية في الاقتصاد الإسلامي تتمحور حول المنهجية والتنظير والتطبيق وقد عقد ورشة عمل متخصصة حول هذا الموضوع في معهد الاقتصاد الإسلامي في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة مؤخراً.
وإني أعتقد أن الأزمة المعرفية للاقتصاد الإسلامي بدأت منذ ولادة هذا العلم، حيث إن المنظرين للاقتصاد الإسلامي عندما بدؤوا الكتابة في الاقتصاد الإسلامي قبل أربعين عاماً تقريباً كانت النظرية الغربية هي المسيطرة على طريقة التفكير، وأدوات التحليل التقليدية هي أيضاً المسيطرة فتأثرت الكتابات بذلك تأثراً واضحاً مما جعل الكتابات في الاقتصاد الاسلامي روحها تقليدية وشكلها إسلامي.
إن الأسس الفلسفية للنظام الاقتصادي الإسلامي قائمة على أهداف ومبادئ عامة تشكل المظلة التي تحفظ له مقوماته وتصون خصائصه عن الذوبان أو الضمور بسبب المزاحمة القائمة المتمثلة في النظام الاقتصادي التقليدي، وهي مزاحمة أقدم ميلاداً وأقوى عدة وعتادا وهي أشد خطورة من أي مزاحمة في مجال آخر للتداخل بين الجوانب الفنية التقليدية التي هي صعيد مشترك، والالتباس في العمليات بالرغم من اختلاف الرؤى والاتجاهات والتشابه وآثارها ونتائجها.
على أن تلك القوة بحسب الظاهر في المنهج التقليدي تحمل بذور الضعف ووجوه النقص وتمتلئ بالمتناقضات والاختلافات وليس ذلك مستغرباً «ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً».
إن علم الاقتصاد الإسلامي يجب أن ينبع من روح ديننا الحنيف ويراعي خصوصية الأوضاع الاقتصادية في العالم الإسلامي لا أن يكون تبعياً يتحرك ويتقلب حسب تحرك وتقلب الاقتصاد التقليدي، حتى إن علم الفقه نفسه أصبح يتغير ويتبدل وينظر إليه أحياناً نظرة استغراب في حال أنه لم يواكب طريقة التفكير الغربية في النواحي الاقتصادية.
[email protected]