بمجرد حلول شهر شعبان، يشرع المغاربة في الاستعداد على أكثر من صعيد لاستقبال شهر رمضان الكريم بما يليق به من تكريم وتعظيم.
فعلى المستوى الروحي، يبدأ المغاربة منذ شهر شعبان في تبادل عبارات التبريك بعبارة "مبروكين العواشر" أي "أيام مبروكة"، كما يتطوعون بصيام بعض الأيام في الأسبوع طمعا في الأجر، واستعدادا لحلول شهر الصيام والقيام.
وعلى المستوى الاقتصادي، لا تخطئ العين استعداد المغاربة في كل قرية أو مدينة في البلاد لاستقبال الشهر الفضيل، فالأسواق التقليدية والعصرية تتفنن في عرض مختلف المواد الغذائية التي يزداد الإقبال عليها في الشهر الفضيل، مثل التمور بمختلف أنواعها سواء المحلية أو المستوردة، والتوابل التي صنعت شهرة الأكل المغربي، والقطاني التي تستعمل في إعداد حساء "الحريرة" الشهير الذي لا تخلو منه مائدة إفطار مغربية.
وداخل البيوت تجتهد النساء، وخاصة في الايام الأخيرة من شهر شعبان، في تحضير بعض أنواع الحلوى الأكثر استهلاكًا في شهر الصيام، مثل: "الشباكية"، و"السفوف"، و"كعب غزال"، و"المخرقة"، وإن كان إعداد هذه الحلويات لا يقتصر على ربات البيوت، بحيث تظهر في رمضان بعض المتاجر الموسمية المتخصصة في تحضيرها وبيعها.
ونظرا لما يرمز إليه شهر رمضان من طهارة، تحرص أغلب ربات البيوت على تنظيف بيوتهن قبل حلول هذا الشهر المبارك الذي تكثر فيه زيارات الأهل والأحباب، وتقمن بعملية تنظيف تسمى "التخمال"، وتشمل الأرضية والجدران والأفرشة والأواني، كما تقمن باقتناء البخور الذي يطلق خاصة في ليلة القدر المباركة.
واستعدادا لهذا الشهر الكريم، تزدهر كذلك بعض الحرف مثل خياطة الأزياء التقليدية، ومنها الجلباب المغربي الأصيل، الرجالي والنسائي، بمختلف ألوانه وتصميماته الذي يرافقه نعل جلدي يسمى "البلغة"، ويقبل المغاربة والمغربيات على ارتداء هذا الزي التقليدي خلال شهر رمضان، وفي المناسبات الدينية الأخرى، لما يرمز إليه من تمسك بهويتهم وأصالتهم.
ولكون شهر رمضان يعرف إقبالا كبيرا من طرف الأسر المغربية على مشاهدة التليفزيون، يبدأ استعداد وسائل القنوات التلفزيونية مبكرا لهذا الشهر، فقبل أسابيع، بل شهور في بعض الحالات، يبدأ إنتاج البرامج الدينية والفكاهية الخاصة برمضان. وبحلول شهر شعبان تشرع القنوات التليفزيونية في الإعلان عن برامجها، بنوع من التنافس بينها على جذب أكبر عدد من المشاهدين خلال هذا الشهر الفضيل الذي يبلغ فيه الإقبال على الإنتاج التليفزيوني أوجه.
