برزت الشائعات في الآونة الأخيرة كأحد أهم المظاهر الاجتماعية التي بدأت تطفو على السطح بشكل متفاقم، حيث ساعدت الوسائل التقنية المتعددة على إيجادها وانتشارها بشكل كبير جداً، فالمجتمع أصبح يصغي للشائعات التي تتناقلها مواقع التواصل الاجتماعي بشكل لافت، بل تثار المواضيع المختلفة المتعلقة بالشائعة وكأنها حقيقة مسلم بها، وربما وجد من يتحدث عنها ويبدي آراءه الخاصة حولها ويطلب التعليق عليها.
باتت اليوم "شبكة الشائعات" تمدّ أذرعها "الأخطبوطية" على نطاق واسع من المجالات.
ومن الواضح أن اتّساع الشائعات بشكل غير مسبوق في التاريخ الحديث اليوم ناتج عن تطوّر وسائل الإعلام وانتشارها، وعن اتّساع قائمة التطور التكنولوجي ومنظومات الاتصال والتواصل وشبكة التبادل في منظومة الاتصال والمعلوماتية والإنترنت.
وتمثل الشائعات أحد اسلحة الحرب النفسية، وتكمن خطورتها في أنها سلاح على مواطنين صالحين امتزجت الشائعة بعقولهم فاجتذبتهم إليها، فأصبحوا أدوات نقل أو ترديد دون أن يدركوا أنهم أداة لأشد أنواع الحرب خسة ودهاء، قد يحقق العدو عن طريقها ما لم يستطع أن يحققه بقوة رجاله. والهدف الحقيقي من تلك الشائعات هو أن يصرف العدو الجبهة الداخلية عن مشاكلها الحقيقية، والنظر إلى المشاكل المفتعلة، علاوة على تفتت الجبهة الداخلية.
وتبرز خطورة الشائعات حالياً في قيام بعض فئات من المواطنين الخارجين على القانون في استخدام الشائعة لتحقيق اهدافهم الإجرامية، الأمر الذي يهدد المجتمعات، حيث يسبب ذلك عدم الاستقرار الأمني الذي كثيراً ما يكون له أثره الخطير على الدول.
إن الشائعات بأنواعها المختلفة حية رقطاء تنفث سمومها في المجتمع وإذا لم يتكاتف كل المواطنين لمقاومتها ودرئها بكل عنف فإنها تقضي على الروح المعنوية التي هي أساس كل نجاح.
علينا محاربة الشائعات منذ بدايتها وفي مهدها وعدم السماح لها بالاستمرار ومواجهة من ينشرها بالحقائق من المصدر الرسمي، مع الأخذ بالتربية الوقائية وحسن تقدير الموقف، في الأشخاص والأحداث، فدرهم وقاية خير من قنطار علاج، مع الحذر كل الحذر من الدخول في معارك لا نفع منها، وذلك من خلال ترتيب الأولويات، بشكل مدروس، وتنظيم جدول التصدي بصورة دقيقة، فكثير من الشائعات ينبغي ألا نلتفت لها، ولا تشغلنا عن مهامنا، وبعض الأشخاص يروق له أن ترد عليه؛ حتى يشتهر.
وفي بعض الأحيان الأخذ والرد هو السبب في نشر القضية، فالأمر دقيق وحساس، ولا بد من فهمه الدقيق في التعاطي معه.