في إبريل، مباشرة بعد أن تخطى مؤشر شنغهاي المركب لأول مرة حاجز الـ 4000 نقطة، مرتفعا عن مستوى الـ 2500 نقطة الذي سجله قبل خمسة أشهر فقط، علَّق كاتب في صحيفة الشعب اليومية قائلا إن أي حديث عن فقاعة سوق الأسهم كان حديثا سخيفا.
تساءل وانج رويو: «إذا كانت هذه تعتبر فقاعة، أي نوع من الأصول في العالم لا يعتبر فقاعة؟» لقد كان اجتياز مؤشر شنغهاي القياسي حاجز 4000 مجرد بداية للسوق الصاعدة».
المؤشر، بعد الذروة التي وصل إليها عند مستوى 5166 نقطة، هو الآن عند 3507 نقاط وعلى ما يبدو بلا محالة أنه يتجه نزولا إلى الأسفل. في هذه الأثناء أصبح الرقم 4000 أمرا مشهورا ومثيرا للجدل في الصين. يفيد موقع «العالم الصيني» (من خلال بعض التعليقات المرحة) أن مستخدمي الانترنت في الصين كانوا يغرقون حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لصحيفة الشعب اليومية بذلك الرقم.
لذا، قد يصبح هذا الرقم المكافئ الصيني لـ «مؤشر داو 36000»، وهو التعبير الذي اشتهر بعد صدور كتاب بهذا الاسم في عام 1999 من تأليف جيمز كي جلاسمان وكيفن إيه هاسيت. حتى الآن لم يصل مؤشر داو إلى هذا الرقم وبذلك تبين خطأ المؤلفين، وكذلك تبين خطأ الخبير الاقتصادي إيرفينج فيشر البائس في أكتوبر من عام 1929: «لقد وصلت أسعار الأسهم إلى مستوى يبدو وكأنه هضبة عالية بشكل دائم».
نوعا ما يبدو رقم 4000 الوارد في الصحيفة اليومية الصينية أنه أقل فظاعة وأكثر أهمية من تلك الأخطاء الخالدة. كان المؤلف وانج على حق بأنه، من خلال معظم المقاييس، لم يكن هناك من الواضح مغالاة في تقييم أسهم بورصة شنغهاي حين كان المؤشر عند 4000 نقطة. الآن، تبلغ نسبة ربح السهم إلى الأرباح في المؤشر 17.9، في حين أن النسبة في مؤشر ستاندرد أند بورز 500 هي 18.1. هذا لا يبدو أنه فقاعي بشكل فظيع.
لكن مرة أخرى، إذا لم يكن بإمكانك بيع أسهمك عندما تبدأ الأسعار بالهبوط، ربما لن يكون من الجيد الاحتفاظ بها. إن حركة السوق القوية في فصل الربيع السابق كانت مدفوعة بشكل قوي الحكومة الصينية، مع الكثير من الحماس من وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الحكومة مثل الصحيفة اليومية (الشعب)، ولكنها حصلت أيضا على المزيد من الدعم الملموس على شكل تسهيل القيود النقدية وتخفيف قواعد الإقراض الهامشي لشراء الأسهم على المكشوف. الآن، تقوم الحكومة بسحب كافة القيود للحيلولة دون حدوث انهيار في السوق، ولغاية الآن يزيد هذا الأمور سوءا عن طريق إخافة المستثمرين وجعل أمر الخروج صعبا عليهم.
بالتالي من المعقول أن نفترض أن قادة الصين كانوا المسؤولين بشكل معقول عن كل من الطفرة والانهيار. أغلب ظني أن هذا هو محور ما يدور حوله الكثير من الشجب الوارد في الصحيفة الصينية اليومية عندما يستخدم الناس الرقم «4000» - طريقة لطيفة نسبيا أمام الناس ليجعلوا الجهاز الرسمي الخاص بالحزب الشيوعي الصيني يعرف ما يجري.
في حين حاولت الكثير من الحكومات الأخرى حول العالم وقف تراجعات سوق الأسهم في الماضي، مع تحقيق نجاح محدود، إلا أن بكين هي المسؤولة عن مسار سوق الأسهم الطائش لدرجة فريدة من نوعها. لو أن السلطات وقفت على الهامش هذا الربيع أثناء ارتفاع السوق، ربما لم يكن ليبدو تراجع السوق الحالي أنه مهم بالقدر الذي هو عليه الآن. حسب الوضع الحالي، فإن مصداقية الحكومة على المحك.
السؤال المهم هو لماذا ورط قادة الصين أنفسهم في هذا المأزق. أحد الاحتمالات هي أنه، بعد عقود من القيادة الاقتصادية الرائعة جدا (بصورة عامة)، يتم إدارة المؤسسات المالية والاقتصادية الهامة في الصين من قبل أناس يكثرون من ارتكاب الأخطاء.
نظرية أخرى تقول إن الزعماء الصينيين يرون أن وضعها الاقتصادي أليم جدا لدرجة أنهم يرون أن طفرة سوق الأسهم هي السبيل الوحيد للخلاص. من ثم، هنالك التفسير الذي يقدمه أندرو براون من صحيفة وول ستريت جيرنال، الذي ينص على أن سلوك الحكومة هو ببساطة امتداد لهاجس الحزب الشيوعي الموجود منذ فترة طويلة والمتعلق بالأمن والاستقرار. يكتب براون:
أصبح الاستقرار الاجتماعي هو الشغل الشاغل للبيروقراطية. في الواقع، إن أهم هدف للأداء الوظيفي بالنسبة للمسؤولين المحليين هو في منع الاضطرابات الاجتماعية من الوصول إليهم.
هذا حقيقة لا يزال قاصرا عن تفسير سبب رد فعل بكين على هذا النحو المشجع جدا اتجاه الارتفاع الحاد في السوق - الذي كان بالتأكيد تطورا يمكنه زعزعة الاستقرار- لكنه عموما يظل تفسيرا صحيحا. لمدة ثلاثة عقود ونصف، كان هذا الاشتياق لتحقيق الاستقرار متوافقا مع الجهد الاقتصادي الأكبر من أي وقت مضى للحاق بالركب. تسبب النمو بحدوث تغيير جذري، لكن كان من الممكن توجيهه أيضا في اتجاهات خطية يمكن التنبؤ بها.
لكن حسب الوضع الحالي تقبع الصين في خضم التحول من سوق ناشئة إلى سوق متطورة. عادة يتباطأ النمو الاقتصادي عند هذه النقطة. ويبدأ أيضا في اتباع أنماط أقل وضوحا.
في مثل هذا التحول، تأتي أسواق الأسهم غالبا لتلعب دورا أكبر في تمويل وتوجيه النمو. لا تتبع أسواق الأسهم أنماطا واضحة على الإطلاق. فهي أنظمة معقدة.
وإن المحاولات التي ترمي إلى إدارة هذه الأنظمة بشكل وثيق غالبا ما تؤدي إلى آثار عكسية - في بعض الأحيان تؤدي قلة التدخل في الواقع إلى المزيد من الاستقرار. أتساءل إن كان الذين يتولون إدارة الصين قادرين على استيعاب هذا الدرس.